التاريخ الشفاهي للثورة الإسلامية والتاريخ الجهادي للشعب الأفغاني
نویدشاهد- يعتبركتاب «مهمة الهية» هو أحد النتاجات الأدبية الروائية التي تروي العلائق والروابط التي تربط بين الشعبين الإيراني والافغاني على الصعيد القتالي.
نقلت وكالة نويد شاهد عن وكالة تسنيم الخبرية خبرا مؤسفا بأن محمد مسرور رجائي الشاعر والباحث الأفغاني قد رحل عنا وانتقل إلى بارئه. ويعتبر رجائي من الشخصيات التي لعبت دورا كبيرا خلال السنوات الاخيرة في توثيق العلائق اثقافية والجهادية بين الشعبين الإيراني
والافغاني.ولولا جهود هذا الكاتب والروائي لظلت هواجس التعرف على القواسم الثقافية المشتركة والعلاقات الجهادية والدم بين البلدين. خافية إلى يومنا هذا.
واضاف تقرير وكالة نويد شاهد بأن رجائي استطاع أن ينطلق من المواقع الثقافية للبلدين ليغير رؤية الشعب الايراني تجاه المهاجرين الأفغان وبالعكس. وقد حققت هذه الجهود المخلصة والصادقة بعض النتائج. وهذا التقارب الذي حصل في رؤية كل بلد إلى البلد الآخر لم يكن موجودا.
وقد جسد رجايي جهوده على شكل كتاب أطلق عليه اسم « المهمة الالهية» ليروي فيه حياة أحد الشهداء الايرانيين بشكل يختلف عما كتب عن هذا الشهيد.وهو احمد رضا سعيدي. وهو أحد المقاتلين الإيرانيين الذي نال شرف الشهادة على التراب الأفغاني مدافعا ضد قوات الاتحاد السوفيتي التي احتلت هذا البلد في عام 1979م.حيث اختلط الدم الشيعي بالدم السني الإيراني والافغاني في مواجهة المحتل. ولعب الشهيد سعيدي دورا كبير في تدريب المقاتلين الأفغان.
بعد ان انضم الى صفوف المجاهدين حتى استشهد ووري جسده الطاهر في قرية بهسود ألافغانية.
أن كتاب « مهمة الهية» تضمن في الواقع وصف رائع للروح الجهادية التي يتمتع بها الشباب الإيراني والافغاني التي اجتازت الحدود الجغرافبة. التي لم تنقص قيد أنملة من معتقدات هؤلاء الشباب. وضم هذا الكتاب سبعة روايات
من حياة هذا الشهيد الذي لم يتجاوز عمره 18 عاما وقد ترك طهران ليخلد في أفغانستان. ونلمس قيمة هذا الكتاب عندما نقرأ الفصل الأول منه حيث تناول فيه جلالي جزءا من الصعوبات التي تعرض لها خلال كتابته. وخاصة وان الطرق المؤدية الى قرية بهسود كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة طالبان الذين لا يرحموا اي شخص تبدو على ملامحه بأنه موظف. وقد حال أقرباء واصدقاء جلالي دون توجهه إلى بهسود. وبين إصراره إلى الذهاب وممانعة الاب لجأ إلى القرآن ليستخير به الله. فجاءت الآية الشريفة
: «خَیْرًا یُؤْتِكُمْ خَیْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَیَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ».
كان هدف جلالي من السفر هو أن يبلغ الشهيد سلام وتحيات والدته حيث كهولة سنها حال دون سفرها إلى أفغانستان.
شد رجائي الرحال فاحزم حقائبه واول ما حمل من مستلزمات التوثيق هي الكاميرا ومسجل الصوت ليوثق مشاهداته واقوال وخواطر أبناء القرية ورايهم بالشهيد سعيدي. كل سطر كتبه جلالي عن الشهيد سعيدي يعكس مدى تعلقه واهتمامه واندفاع في تخليد هذا الشهيد. كما التقى بأصدقائه وجيرانه ليسجل خواطرهم ويعكس مدى حبهم لسعيدي. فضم الكتاب كل زوايا وإبعاد حياة هذا الشهيد السعيد.
مما يميز كتاب رجائي عن الكتب الأخرى التي صدرت حول الدفاع المقدس اي الحرب العراقية الايرانية هو أنه استخدم المصطلحات الرائجة في المجتمع الأفغاني كما أخذ بنظر الاعتبار عقلية وثقافة المتلقي.
أن «المهمة الالهية» هو التاريخ الشفاهي للثورة الإسلامية وكذلك التاريخ الجهادي للشعب الأفغاني. ويعتبر من ابرز النتاجات الأدبية الوثائقية التى ألقت الضوء على العلاقات والتواصل الاواصر الجهادية والمصيرية التي تربط الشعبين. ومن الضروري أن نشير هنا بأن أكثر من ثلاثة آلاف افغاني قد استشهدوا في الحرب العراقية الإيرانية وهذا ما فتح الآفاق لرجائي أن يتعمق في آبعاد الروابط التي تربط البلدين.
وكتب رجائي في أحد فصول هذا الكتاب : ان عنوان هذا الكتاب اختاره الشهيد سعيدي وليس انا حيث كتب في وصيته «..لقد سميت مهمتي هذه بالمهمة الإلهية!».
ويقول المؤلف أن هذا الكتاب هو حصيلة جهود عدة سنوات وقد ضم الخواطر الحلوة والمرة. ولكن حلاوتها بالنسبة لي اكثر من مرارتها. ومن بركات هذا الكتاب هو عندما كنت ابحث في مرحلة طفولة الشهيد سعيدي وذهبت إلى مسجد ابو الفضل العباس عليه السلام تعرفت على عدد من الشهداء.حملني كتابي إلى أفغانستان متجاوزا الحدود لاقطع مسافات طويلة بين الجبال والوديان حتى اصل كابل موطني وازور قبر الشهيد. هذا الكتاب حملني إلى وقد سمحت الفرصة أن اتعرف على المجاهدين الذين استطاعوا ببنادقهم القديمة أن يوقفوا دبابات الاتحاد السوفيتي السابق ويسقطوا طائراته المتطورة. تذكرت تلك الايام حيث وقف الشيعي مع السني حتى استشهد ووري الثرى هناك.