رمز الخبر: 250564
تأريخ النشر: 20 April 2010 - 00:00
في حوار مجلة "شاهد انديشه" مع الدكتور علي مرشدي زاد

الثورة لا تصُـنع بل تحدث

علي مرشدي زاد من مواليد مدينة يزد عام 1346 ه.ش(1967م) . انجز مرحلتي الليسانس والماجستير حتي العام 1371 ه.ش (1992م) في جامعة الامام الصادق (ع) , وانهي مرحلة الدكتوراة في جامعة طهران ايضاً مركزاً علي الشؤون الايرانية . عمل مرشدي زاد في مراكز مختلفة مثل مركز ابحاث الامام الخميني والثورة الاسلامية , ويعمل حالياً ومنذ عدة سنوات كعضو في الهيئة العلمية في جامعة شاهد ويدرّس في الجامعات المتعددة الاخري .
علي مرشدي زاد من مواليد مدينة يزد عام 1346 ه.ش(1967م) . انجز مرحلتي الليسانس والماجستير حتي العام 1371 ه.ش (1992م) في جامعة الامام الصادق (ع) , وانهي مرحلة الدكتوراة في جامعة طهران ايضاً مركزاً علي الشؤون الايرانية . عمل مرشدي زاد في مراكز مختلفة مثل مركز ابحاث الامام الخميني والثورة الاسلامية , ويعمل حالياً ومنذ عدة سنوات كعضو في الهيئة العلمية في جامعة شاهد ويدرّس في الجامعات المتعددة الاخري . الدكتور مرشدي زاد لديه اثاراً سواء كانت في التاريخ او في الترجمة واهمها (جرا انسانها شورش ميكنند ) "لماذا تتمرد الناس؟" . اما كتبه الاخري فهي علي الشكل التالي: از بسيج تا انقلاب (من التعبئة العامة وحتي الثورة )، دولت و حكومت در دوره ميانه اسلام (الحكومة والدولة في العهود الوسطي للاسلام)، حكومت مقايسها ي (الحكومة المقياسية)، ايران پس از انقلاب (ايران بعد الثورة)، دولت و انقلاب اجتماعي در ايران( الحكومة والثورة الاجتماعية في ايران) وايضاً الكتاب التأليفي روشنفكران آذري و هويت ملي و قومي ( المفكرين الآذريين والهوية الوطنية والقومية ) الذي صدر عن دار نشر مركز . وقد اجري السيد عباس محب علي هذا الحوار معه ودار اللقاء حول جذور واسباب وقوع الثورة الاسلامية. لقد تشكلت جذورة الثورة الاسلامية الايرانية وتكونت في عهد الشاه , وبالطبع قد يكون لها جذوراً ايضاً منذ عهد القاجاريين . هنا السؤال , اي انه لماذ وقعت الثورة الاسلامية في هذا الوقت بالذات؟ لماذا لم تحدث هذه القضية في العهد القاجاري حيث كانت هناك جماعة كبيرة من بائعي الوطن والفاسدين اخلاقياً؟ هذا في الوقت الذي جاء في بعض نظريات الثورة ان الفساد الموجود في الاجهزة الحكومية الحاكمة يدفع الناس الي التمرد والثورة. في زمن القاجار كان فساد الاجهزة الحاكمة ظاهراً بشكل واضح حيث انه في عهد الشاه تم التصدي للكثير من ذلك الفساد. لماذا لم تحدث الثورة في ذلك الزمن ؟ هل بسبب عدم وجود مراجع دينية مناضلة ام ان طريقة ادارة البلاد من قبل الحاكمين في عهد الشاه قد ادت الي هذه الثورة؟ في الحقيقة ان سؤالكم هو حول اسباب الثورة او توضيح سبب وقوع الثورة الاسلامية , حيث شغل اذهان الكثيرين منذ انتصار الثورة الاسلامية وحتي اليوم, وقد تطرق العديد من المفكرين لهذا الموضوع سواء كانوا داخل البلاد ام خارجها وبمختلف التوجهات . نحن بإمكاننا ان نأخذ بعين الاعتبار وبالتحديد اربعة توجهات في هذا النقاش, توجه علماء الاجتماع الذين يدرسون العوامل الاجتماعية والمجتمع . في هذا التوجه فإن الموضوع الرئيسي هو حول العوامل الاجتماعية التي ادت الي نشوء الثورة. التوجه الاخر, هو التوجه السياسي الذي يقوم بدراسة دور الحكومة. في هذا المجال ان السؤال الرئيسي يكمن في: ما هي المشاكل التي واجهت حكومة الشاه والتي اعاقت سيرها واوقفتها مع اندلاع الثورة؟ كذلك الامر يمكننا ان نشير الي العوامل الاقتصادية حيث ان موضوعنا هو حول المشاكل الاقتصادية للناس في زمن الشاه . الطبقة الاقتصادية, اساليب ادارة البلاد, دخول عائدات النفط الي السوق الداخلي, النمو الاقتصادي وازدياد القيمة الشرائية كلها من جملة هذه المواضيع. بشكل مختصر ان النقّاد يبحثون هذه المسألة , ما هي المشكلة الاقتصادية التي دفعت الناس الي الثورة في ذلك المجتمع؟ توجه اخر كان في توجه علماء النفس الذي يقوم بدراسة الخصائص النفسية للأشخاص المشاركة في الثورة وايضاً مواصفات قادة الثورة وكذلك الصفات النفسية عند الشاه , ومن وجهة النظر هذه ايضاً اي ان الشاه كمثال : ما هي صفاته النفسية التي منعته حل هذه المشكلة عندما اصطدم بالثورة ؟ لكن سؤالك يعطي الموضوع صبغة تاريخية بشكل اكبر حيث انه يتعرض لسبب وقوع الثورة الاسلامية في عهد الشاه وعدم وقوعها قبل ذلك؟ ان الإجابة التي يقدمها المفكرون عن هذا السؤال متنوعة ايضاً . البعض يقول ان السؤال المطروح ليس سؤالاً صحيحاً, الثورة اشبه بالفاكهة التي يجب ان تنضج وتكون حاضرة لكي تسقط من الشجرة . بعبارة اخري ان الثورة لا تصنع بل تحدث. اي انه هناك عدة عوامل تكوينية اجتمعت مع بعضها البعض وادت الي حدوث الثورة في ذلك الزمن . بعض الخبراء الذين القوا نظرة تاريخية علي الموضوع قاموا ببحث التطورات السياسية او الاجتماعية التي حدثت في فترة 150 سنة الاخيرة وحاولوا عبرها ان يبينوا بأنه ما الذي حدث لكي تقع الثورة في ذلك الزمن؟ واحداً من اؤلئك المفكرين كان نيكي اركدي , حيث قام بدراسة احداث ايران خلال 100 الي 150 سنة في كتابه "جذورة الثورة الايرانية" وقام بمناقشة دور الفئات الاجتماعية فيها , وقد ذكر الفئات التي تشكلت ودخلت الي النشاط السياسي وتسببت بالحوادث المختلفة وقادت الاحداث حتي اندلاع الثورة . اذا اردنا ان نأخذ بعين الاعتبار مرحلة جيدة من اجل اجراء دراسة تاريخية للثورة فإن افضل مرحلة تكمن في مرحلة التنباك . نهضة التنباك في ايران كانت مرحلة دخل فيها علماء الدين الي الساحة للمرة الاولي وقاموا خلالها بلعب دور واختبروا انفسهم فيها. ولحسن الحظ خرجوا منتصرين من تلك الساحة . ووقف علماء الدين الي جانب الفئة التقليدية المتوسطة لتجار السوق والفلاحين وتصدوا للهيمنة الخارجية. من وجهة نظر علماء الدين فإن المصالح الاقتصادية للطبقتين تتعرض للضرر من خلال العقد المتعلق بالتنباك . احداها كانت متمثلة بالفلاح الذي يفقد القدرة علي المجادلة بسبب حصرية التنباك بحيث يجب عليه ان يتحول الي بائع وان يبيع منتوجه بسعر محدد , والاخري تمثلت بتجار السوق حيث ان حصرية بيع التنباك كانت تقع بيد الشركة البريطانية من خلال هذا العقد, وبذلك كان يقضي علي مصالحهم. بالطبع كان التجار لديهم الهواجس الدينية واستطاع علماء الدين التنسيق معهم والدخول الي الساحة وتمكنوا من قيادة حركة التنباك الي الامام. بالتأكيد هنا من الممكن ان يطرح السؤال التالي ايضاً وهو انه لماذا دخل رجال الدين الي الساحة في ذلك الزمن ولم يفعلوا ذلك قبل ذلك؟ بالتأكيد جذور هذه القضية يجب ان تكون في مكان اخر؟ نعم, بامكاننا ان نجيب عن هذه المسألة علي الشكل التالي: انه بسبب التحول في فقه الشيعة نحن نشاهد هكذا تحول في التوجه . الفقه الشيعي يحتوي علي توجهين: التوجه الاخباري والتوجه الاصولي. الاخباريون كانوا يحذفون المرجعية بصفتها الواسطة وكانوا يؤكدون علي الايات والروايات والاحاديث ونوعاً ما كان يوجد خللاً في التمركز فيما بينهم . الا ان الاصوليين الذين بدأوا بالإنتشار منذ عهد الافشاريين تمكنوا من الاستقواء بالعهد القاجاري . هؤلاء كانوا يعتقدون بالاصول والمرجعية وفي النتيجة حدث تمركزاً للمرجعية الدينية . هذا التمركز ادي الي ان يحدث تمركزاً لرأس المال والمساعدات المادية للمسلمين او الوجوه التي كانوا يدفعونها كانت تصل بشكل مباشر الي يد المرجعية ولم تعد الامور منذ ذلك الزمن علي هذا النحو بأن يقوم كل واحد بدفع الخمس والزكاة الي الشخص المستحق او ان يسلمها الي عالم دين في الحي الذي يسكنه واصبحت هناك مركزية لهذا الموضوع واستطاع رجال الدين الحصول علي القوة المادية التي كانت دائماً تقف في وجه القدرة السياسية. الشهيد مطهري يطرح هذا الموضوع في مقالة قيمّة جداً في كتاب "بحثي در باب مرجعيت وروحانيت" (بحث حول المرجعية ورجال الدين) الذي صدر في الستينيات من القرن الماضي وقال بأن رجال الدين الشيعة كانوا محاربين للظلم ولا توجد علاقة لها مع القدرة السياسية ولكن الاشكال الذي يأخذه علي رجال الدين الشيعة بأنهم كانوا يميلون للعامة من الناس قليلاً. ولأنهم يأخذون الوجوه الشرعية من الناس فهم يضطرون الي القبول بمطالبهم , لذلك فهم ليسوا من مبتكري التحولات بشكل كبير . الميل نحو عامة الناس انتقاد يوجهه الشهيد مطهري الي رجال الين الشيعة وبالطبع ينتقد رجال الدين السنة من جوانب اخري . اذا اخذنا بعين الاعتبار نقطة القوة لديهم بأن رجال الدين الشيعة محاربين للظلم وكانوا يتمتعون بهذه الميزة علي مر التاريخ , في النهاية فإن هذه العوامل اجتمعت لكي تحدث نهضة التنباك ودخول رجال الدين الي ميدان السياسية. عندما دخل رجال الدين الي ميدان السياسية كان هناك تحولاً اخراً لرجال الدين علي الساحة الفكرية وهو ايضاً ظهور وبروز المفكرين, الكتّاب والفقهاء من امثال الملا احمد النراقي , الشيخ مرتضي الانصاري وغيرهم من الكبار حيث قاموا بتخصيص اهم اثارهم بموضوع الفقه السياسي. الملا احمد النراقي يطرح موضوع السياسة وولاية الفقيه حيث كان الفقهاء يملكون الولاية علي الناس , وقد قام للمرة الاولي بالتأسيس لموضوع ادخال رجال الدين الشيعة الي الساحة من اجل التصدي للأمور الحكومية . اذا القيتم نظرة تجدون انه قبل ذلك كان رجال الدين يحصرون انفسهم بالأمور الحسبية , ومن حيث النظرية كانوا يعتبرون ان الدولة هي من حقوق الامام المعصوم في زمن الغيبة . هؤلاء كانوا يعتبرون ان الحكومة غاصبة ولكن من الناحية النظريةكانوا يطرحون هذه المسألة بأنهم يجب ان يوصلوا هذه الحكومة الي صاحبها وحتي انه لا يحق لنا نحن ان نتسلم الحكم ويجب ان يأتي امام الزمان (عج) . لكن العلماء رويداً رويداً توصلوا الي هذه النتيجة بأنه من اجل التصدي للأمور الحسبية فإن تشكيل الحكومة امراً ضرورياً ايضاً, فإذا اردنا ان نقوم نحن بامور القضاء فعليه ان يكون لدينا حكومة لكي نحق الحق , وبالتالي قدحدث هذا التحول الفكري ايضاً . في عهد الثورة الدستورية ترون بأن رجال الدين قد اصبح لديهم حضوراً هاماً ولكن الحركة الدستورية ثورة حدثت استناداً للتعاليم الغربية , والافكار الغربية ادت الي انتصار الثورة الدستورية . هذه الافكار دخلت البلاد عن طريق معبرين , احدهم المفكرين الذين توجهوا الي اوروبا من امثال ملكم خان وغيره الذين جاؤوا بالافكار الليبرالية الي البلاد وتعرف هؤلاء في مناطق القوقاز او بعض الدول الاوروبية علي التعاليم الماركسية واسسوا فيما بعد حزب توده (حزب عامة الشعب) , والحزب الكومينستي الشيوعي الايراني . واذا نظرتم فإنكم تجدون ان مرسسي حزب توده كانوا من الطلاب الجامعيين الذين اصبحوا ماركسيين واوجدوا طبقة اجتماعية جديدة استطاعت ان تضم الطبقة المتوسطة من المجتمع . والمعبر الاخر تمثل بالعمال الذين كانوا يذهبون الي القوقاز من اجل العمل واوجدوا الحزب الكومنيستي الشيوعي الايراني. اذاً, كلا من الحزبين كان يملك قواعد مختلفة وفي الحقيقة فإن هذه الافكار قامت بدور كبير في قالب تأسيس بيت العدالة وتأسيس المجلس وفيما بعد تحقق البرلمان الذي اوجد الثورة الدستورية . بالرغم من ان رجال الدين كانوا قد شاركوا في الثورة الدستورية الا انهم استبعدوا عن الساحة تدريجياً, والبعض من رجال الدين مثل المرحوم العلامة نائيني الذين سعوا الي ايجاد مصالحة بين الدين والديمقراطية لم يصلوا الي نجاحات وانتهت هذه الثورة لصالح تيار المفكرين في البلاد ولم يستطع رجال الدين ايفاء الدور الذين كانوا يريدونه في الثورة الدستورية بشكل كامل وبارز. التحول الاخر الذي حدث بعد الثورة الدستورية كان في مجيئ رضا شاه الي الحكم . ان عهد ما قبل مجيئ رضا شاه الي الحكم كان في الواقع عهد الديمقراطية والتخلص من الاستبداد في ايران ومن وجهة نظر العلماء والتيارات الدينية وعامة الناس فإن الثورة الدستورية ايضاً كانت ثورة تريد وضع قيود علي الاستبداد , اوجدت حكومة دينية مرتكزة علي العدالة الاسلامية . الا ان حكومة رضا شاه قامت بالقضاء عليهم . حتي المفكرين الذين كانوا يتعاونون مع رضا شاه انزووا تدريجياً او تم قتلهم في السجون علي يد رضا شاه , وكانوا اشخاصاً مثل علي اكبر داور , تيمور تاش واشخاصاً كان لهم دوراً في تأسيس حكومة رضا شاه ممن تم حذفهم , وبالطبع كان قد تم ابعاد رجال الدين قبل ذلك الوقت . هذا التململ ادي الي ان نري تقرباً من المفكرين لناحية رجال الدين والتبعية لهم ويجب ان ناخذ بعين الاعتبار الحقبة 1320 ه.ش ( 1941م) وما بعدها مع وجهة النظر هذه. بعد تنحي رضا شاه وايجاد جو من الانفتاح السياسي نري بأن النشاطات السياسية بدأت بالتبلور , واول مكان تقف فيه القوي الدينية الي جانب القوي الوطنية المتنورة فكرياً كانت في قضية تأميم النفط , حيث وقف اية الله كاشاني الي جانب المرحوم الدكتور مصدق واديا الي نجاح حركة تأميم النفط . للأسف , في ذلك الزمن حدثت خلافات مجدداً بين هاتين المجموعتين والقاعدة الاجتماعية الي ان وصلنا الي حقبة الستينات الميلادية , والانقلاب الذي كان قبلها في العام 1332 ه.ش(1953م) والهزيمة التي ادت الي ازدياد الخلاف بين رجال الدين والقوي المتنورة فكرياً اوجدت تياراً ادي الي نوع من اعادة النظر بين المفكرين. في الحقيقة لقد وصل المفكرون الي هذه النتيجة بأنه اذا اردنا احداث تحول في المجتمع فلا يوجد امامنا طريق سوي الالتحاق بالدين والتمسك به . ولهذا السبب نري في اثار المرحوم جلال ال احمد وبشكل خاص في كتابه "غرب زدكي" (الميل نحو الغرب), فيمكننا ان نري انه اعتبر التيار الفكري مائلاً للغرب وتابعاً له ويقول: هذه القوي هي قوي فارغة جداً , لا تملك شيئاً وهي مبتذلة . ويؤلف ال احمد اثناء رحلته الي الحج كتاباً "خسي در ميقات" (تبنة في الميقات) . وعندما يري الجمع الغفير للمسلمين يقول يجب ان يكون هناك تياراً لكي تحركوا هذه الطاقات ولكي تكون مسيطرة علي الامور وليس فقط في ايران بل في كافة العالم الاسلامي. هناك حيث قال ان الفكر لا يملك الطاقة الكافية للقيام بهذا العمل وان المفكر يكون عاجزاً وافكاره مأخوذة من الغرب . وهو يعتقد بأن المفكرين يتحدثون بلغة لا يمكنها ان توجد روابط مع الناس . في الحقيقة تنشأ هذه الفكرة بأن المفكر لديه ثقافة غريبة ولكن رجال الدين وبهذه الاسباب مثل انهم ينبثقون عن عامة الناس يمكنهم القيام بهذا العمل. وفي النتيجة يتبلور موضوع النفور من الميل نحو الغرب والعودة الي الذات في افكار المرحوم شريعتي. الملفت في الموضوع انه يمكننا في هذا الوقت ان نري موضوع ان نكون اسيويين في افكار داريوش شايغان , النظرة القومية في افكار فخر الدين شادمان وامثالهم . اي انه منذ ذلك الزمن بدأ تبلور وجهة نظر المفكرين الدينين واصبح هناك اواصر صلة بين التفكر والتدين ؟ نعم , وبالتحديد هنا الامام الخميني لديه اهم قوي او الداعم الكبير بين التيارات السياسية المعارضة . يقول ماروين زونيس في كتاب "نخبهكان سياسي ايران" (النخب السياسية في ايران) الذي كتبه في الستينيات وتمت ترجمته الي الفارسية ايضاً , ان احدي القوي السياسية المعارضة للحكومة كان الامام الخميني . ويضيف : لا استبعد بأن يقوم هو في النهاية بايجاد مشكلة للشاه , هذا يدل علي انهم يعتبرون الامام الخميني كتيار سياسي حقيقي لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تاثيراً كبيراً للمفكرين. لقد كان المفكرين التابعين للجبهة الوطنية مصابين بالإحباط بسبب الانقلاب العسكري ولم يكن لديهم الطاقة للوقوف من جديد. اضافة الي انهم كانوا قد اصيبوا بمشكلة ايديولوجية ايضاً . المشكلة الايديولوجية كانت في انهم كانوا يعتقدون بالدستور للثورة الدستورية , والذي يعتقد بالدستور الاساسي فإن اقصي ما يمكن ان يفعله ان يكون ملتزماً بالإصلاح ليس بالثورة والتحول الهيكلي والجدي. لذلك لم يكن الامل معلقاً علي هؤلاء للقيام بالثورة . المفكرون اليساريين والماركسوين ايضاً اذاما اخذنا بعين الاعتبار حزب توده وملتقي الكتّاب كأهم تيار سياسي لديهم نجد انهم قد اصبحوا منزوين بعد ذلك الانقلاب , كذلك الامر بالنسبة للماركسيين في ايران فقد كانوا دائماً يملكون صفة التبعية للأجنبي . الماركسيون في ايران كانوا تابعين للاتحاد السوفياتي وكان الناس يعتبروهم معاديين للدين حيث كانوا يرفضون الدين من اساسه. والتيارات التي انبثقت من داخل حزب توده وامثاله اسست منظمة "فدائيان خلق" (فدائيّ خلق) حيث كان هؤلاء ايضا لا يؤمنون بحركة عامة الشعب وكان سلوكهم علي شكل مجموعات . لقد كان فدائيان خلق يعتقدون بأنه بإمكان تقدم تيار التغيير عبر الحرب المسلحة حيث بالتأكيد لم يكونوا يملكون القدرة علي احداث ثورة في المجتمع الايراني, لذلك اصبحت جميع التيارات تابعة للإمام الخميني وكان قائد الثورة هو القوة الوحيدة التي يمكنها تعبئة جمهور كبير وتحريكه وتشكيل الثورة . وفي النهاية كان هذا ما حدث. لم يكن الامام الخميني يعتقد بالحرب المسلحة وكان دائماً يردد في احاديثه : هذه الحركات من الممكن لها ان توجه ضربات لنظام الشاه الا انها لا تساعد بشيئ في الثورة . لماذا كان سماحة الامام حساساً تجاه النشاطات المسلحة الي هذه الدرجة؟ في ثورات العالم كافة نري انه من اجل تغيير اية حكومة يتم اغتيال بعض النخب لكي يتوقف العقل المدبر للتيارات التابعة للحكومة عن العمل وفي النهاية تصبح الفئة المعارضة بديلاً عن الحكومة , مع الاخذ بعين الاعتبارهذه التجارب , لماذا كان الامام الخميني معارضاً لهذه النشاطات؟ السبب الرئيسي لهذا هو ان الامام الخميني كان يريد الثورة وليس القيام بالحركات المؤذية . المجتمع الايراني لم يكن كالمجتمع الكوبي , المجتمع الايراني ليس نيكارغوا . في تلك المجتمعات تتكون البلاد من مناطق حرشية حيث تلجأ الجماعات المسلحة فيها الي الغابات وتقوم بمهاجمة المدن لكي يوجهوا الضربات المختلفة لأجهزة الدولة. ولعلهم عبر هذه الطريقة يمكنهم ان يحتلوا مدناً وأن يشكلوا انقلاباً او ثورةً. والمجتمع الايراني لا يقبل بهذا الشكل من النضال في الاساس. لعل الامام الخميني كان علي معرفة بتجربة حركة الغابة الثورية ونشاطات الميرزا كوتشك خان ... بالتأكيد فإن الامام لم يكن ليقبل بمثل هذا الاسلوب ولربما قال بأن هذه الحركات هي حركات مؤذية وحتي من الممكن ان يقتل خلالها افراداً ابرياء ايضاً. علينا نحن ان نقوم بتحريك الناس وعندما ينزل عامة الناس بالملايين الي الشوارع عندها تصاب الحكومة بالشلل وتكون الخسائر عندها اقل بكثير. في التحركات الشعبية لا يمكن اطلاق الرصاص علي جميع المتظاهرين, بهذا الاسلوب ايضاً من الممكن ان يسير العسكريون الي جانبكم . هذا الطريق الذي اختاره الامام وحقق من خلاله الثورة , وهذا هو السيرالتاريخي للثورة قد قدمته لكم واذا كنتم ترغبون بالحديث عن الجوانب السياسية, الاجتماعية , الاقتصادية والنفسية فبإمكاننا ان نفتح موضوعاً اخر للنقاش. نحن نري في الثورة الاسلامية الايرانية تجليات تنبعث عن عاشوراء وكما قلتم فهناك روايات تطرح تحتوي علي مضامين جهادية ومنبعثة عن روحية محاربة الظلم عند المسلمين حيث تدل علي حنكة الامام الخميني بحيث كانت الناس تعتبر انفسها في ساحة كربلاء. يزيد الزمان , حر الزمان ... هم مصاديق عينية لنضال الحق ضد الباطل . اريد ان اري مصدر هذه المسألة ومن اين تنبعث. والمسألة الثانية انه في الحقبة الممتدة من 1320 الي 1340 ه.ش 1941-1961م حيث كانت الطبقة المتوسطة في المجتمع بعيدة عن الدين اي ان الناس قد ابتعدوا عن الدين ومنذ الحقبة الممتدة من الستينات الميلادية وما بعدها نري المرحوم مطهري وكذلك المرحوم شريعتي قد اتوا وبواسطة الفكر الاسلامي و قاموا باستقطاب الطبقة المتوسطة والطبقة المفكرة نحو الدين . هذه المجريات الي اي مدي كانت ضمن الاطار نفسه . هناك سؤالان , لماذا تم طرح مفهوم الشهادة؟ ولماذ اصبح هناك اقبالاً عليه؟ بالنسبة الي طرح مفهوم الشهادة علينا ان نأخذ بعين الاعتبار عاملين الاول هو شخصية الامام الخميني والثاني هو طبيعة المذهب الشيعي . شخصية الامام كانت شخصية نمت مع الشهادة وعاشت معها . استشهد والد الامام عندما كان لا يزال في عمر الخمسة اشهر , اية الله مصطفي الخميني (والد الامام) كان معاصراً للميرزا الشيرازي وكان انساناً مجتهداً دينياً وقد استشهد علي يد الأعيان بسبب الظلم الذي لحق به . الامام كان ابناً لشهيد ولمس الشهادة , وفي العام 1356 ه.ش(1978م) استشهد ولده , وانا دونت هذا للمقابلة معكم لكي ابين لكم استنباط الامام عن مفهوم الشهادة . يقول الامام بعد استشهاد ولده:" ان هكذا قضايا ليست مهمة وهي تحدث لجميع الناس وان الله تبارك وتعالي له الطافاً , وظاهر هذه الالطاف الالهية الخفية هي اننا لا نملك علماً بها ولأننا غير كاملين من حيث العلم والعمل من مختلف النواحي , لذلك فإننا في الامور التي تواجهنا نجزع ونفزع ولا نصبر وهذا بسبب النقص في المعرفة لدينا تجاه الذات الالهية للباري تعالي, ولو كنا مطلعين علي الالطاف الالهية الخفية التي منّ الله به علي العباد وانه لطيف علي عباده وكان لدينا العلم بتلك المسائل, لكنا في هذه المسائل التي هي جزئية وليست مهمة لما كنا هكذا من دون تحمل, ولكنا فهمنا ان هناك مصلحة في هذا الأمر وان هناك لطفاً في ذلك وانه يحتوي علي امور تربوية ". ان استنباط الامام لهذه المسألة بصفتها امور عادية وانها امور تحدث عادة وهي موجودة للجميع كلاماً مؤثراً جداً . هذه الروحية وهذه الشخصية كانت في الحقيقة مأنوسة بالشهادة. ان شخصية الامام هذه بإمكانها ان تدعو الشباب للحضور في الساحة وهو يقول بصراحة : اذا اردتم ان تنتصروا فإن سرّ الانتصار هو الشهادة. سرّ الانتصار هو نفس عبارة الامام حيث قال: " سرّ الانتصار هو طلب الشهادة واذا كان هناك احداً يطلب الشهادة فما هو الشيئ الذي سوف تحصلون عليه منه ؟". هذه الروحية من حيث شخصيته كانت موجودة عند الامام . بالطبع ان مذهب التشيع كان لديه هذه الطاقة عبر طريقة اخري وان استشهاد الامام الحسين عليه السلام عند الشيعة قد اصبح كرمز وقدوة. بالرغم من انه في العهود المختلفة من الممكن ان يكون هناك تعاريف واستنباطات محافظة عن الشهادة كمثال بالنسبة للمسيحيين الذين يقولون خطأً بأن صلب المسيح هو من اجل مسامحة وغفران الذنوب عند المسيحيين , فعند الشيعة ايضاً هناك ما يشبه هذا الاعتقاد وهو ان الامام الحسين (ع) قد استشهد لكي تغفر ذنوب الشيعة ولكن هؤلاء يقولون كلا , لقد استشهد الامام الحسين لكي يرشدنا الي الطريق ويعلمنا بأنه اذا اردتم اصلاح المجتمع وان تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر يجب ان تحضروا الي الساحة , اما ان تقضي علي العدو من الاساس او ان تستشهد ولا يوجد طريق عدا ذلك واذا لم يكن لديكم دين فلتكونوا احراراً بالحد الادني. هذه هي رسالة الامام الحسين (ع), هذه المعتقدات موجودة عند الشيعة وأن هذه المسائل تتكرر دائما في مراسم العزاء وفي المساجد والحسينيات , اي ان عالم الدين عندما يتوجه الي المسجد ويذكر يزيد, الامام الحسين , ابن زياد وامثاله ويقرأ مجلس العزاء فإن المسلم والشيعي الذي يجلس تحت منبره يتبادر الي ذهنه مشاهد من تلك الكلمات بحيث يتمثل لديه ان الشاه هو يزيد حتي لو لم يقل رجال الدين ذلك بشكل مباشر من هو يزيد في هذا الزمن , فإن العقل الشيعي يعثر عليه. لماذا في ذلك الزمن توجه الناس مجدداً وبشكل كبير نحو الدين ولماذا استطاعت الشهادة ان تطرح بذلك الشكل الثوري؟ دعوني اقدم مقارنة بين الثورة الدستورية والثورة الاسلامية. الثورة الدستورية كانت بواسطة التعاليم الغربية والايدولوجية الغربية في مجتمع تقليدي بشدة في هذا المجتمع ذات الخلفيات التقليدية بشدة حيث جاؤوا واسسوا ثورة بأفكار غربية . في الثورة الاسلامية فإن التعاليم التقليدية طرحت العودة الي الدين في مجتمع كان يسير نحو الحداثة . في ذلك العهد كان المجتمع في حالة من التحول الدائم. طهران في حقبة الستينات والسبعينات الميلادية من حيث الظاهر وطريقة اللبس والسلوك الموجود بإمكانكم ان تقارنوها بإحدي الدول الأوروبية ولكن في هذا المجتمع ذاته حدثت الثورة الدينية. لقد ذكرواعوامل مختلفة لهذا الموضوع وكانت قد حدثت احباطات كثيرة من الحداثة علي المستوي الفكري . ان المفكرين في ذلك الزمن كانوا يحملون افكاراً غربية حيث كانت بداياتها من المفكرين الروس وعندما اصبحوا حاملي هذه الافكار انفسهم ناقدي لهذه الافكار فلا بد لبنيان هذه الافكار ان يضعف , ومن جهة اخري يجب ان ندخل عامل التعرف علي تكوين المجتمع في حقبة الخمسينات وما بعدها حيث شاهدنا الهجرة الواسعة من القري الي المدن . حيث ازدادت شدتها في عهد اصلاح الاراضي وهذا ما ادي الي زعزعة النسيج المدني اي ان الفئة المتدينة جاءت الي المدينة الكبيرة ولم تتمكن من استيعاب الامور . الانسان القروي كان يعيش في قريته, يذهب الي المسجد يصلي, وكان مستأنساً مع ابناء بلدته واقاربه الا انه دخل الي بيئة لم يكن موجوداً فيها اي شيئ عن الدين الذي يعرفه والاهم من كل ذلك كان هناك هروباً من الدين. في الحقيقة ان القوي المهاجرة كانت من ضمن القوي التي لعبت دوراً هاماً في الثورة. ان المقارنة بين الوضع غير الديني للمجتمع والتوقعات التي كان ينتظرها من التدين ومن ثم المشاكل الاقتصادية جعلته يمشي جنباً الي جنب مع الثورة. في الحقيقة , علينا ان لا نغفل عن الجانب الاقتصادي . صحيح ان الثورة الاسلامية كانت ثورة دينية , وكان للدين دوراً رئيسياً في تحققها ولكن البعض جاء وبحث في الجوانب الاقتصادية ايضا وقال : نحن في حقبة السبيعينات شاهدنا صدمة نفطية وقد انقلب الاقتصاد الايراني رأساً علي عقب بسبب الارتفاع المفاجئ لأسعار النفط وحدثت الحرب بين العرب واسرائيل . الدول العربية قامت بمقاطعة اسرائيل والدول المساندة لها الا ان حكومة الشاه لم تقاطع اسرائيل وزادت من مبيعات النفط . ان هذه القضايا وغيرها ادت الي ارتفاع سعر النفط الي ان وصل الي 50 دولاراً . في ذلك الزمن حيث كانوا يبيعون النفظ فيه بثلاثة دولارات , اربع دولارات , سبعة دولارات , ومع هذا النمو المفاجئ دخلت ثروة عظيمة جداً الي المجتمع الايراني وفي العام 1353 ه.ش (1974م) بدأ الشاه بإغراق السوق بالسلع الاستهلاكية . في ذلك الزمن اصبح موضوع الاقتصاد الماركسي حامياً جداً ولا سيما نظرية ماركس وموضوع ثورة المجتمعات الطبقية ودور الاقتصاد في ايجاد التحولات الاجتماعية التي اعتبرها الماركسيون فيما بعد بشكل جدي بأنها من اسباب وقوع الثورة الاسلامية في ايران بحيث كانت البلاد قد تحولت الي طبقتين فقيرة وغنية . نعم يجب ان نعود الي نظرية ماركس وسؤالك حول نظرية ماركس , حيث هناك اتجاهين محوريين وهما هل ان الفقر هو سبب الثورة ام الغني الفاحش . وكان هناك توجهاً ثالثاً وجاء تعديلاً لهذين التوجهين . ان ماركس يعتقد ان الفقر يؤدي الي الثورة وفي كل مجتمع يكون فيه الفقراء اكثر وتكون الفوارق الطبقية اكثر فإن المجتمع يصل الي الثورة بوقت اسرع. في الحقيقة ان السبب الرئيسي للثورة هو الفروقات الطبقية. في المقابل هناك مفكر اخر اسمه الكسي دوتوكويل حيث يقول : الثروة والغني يؤديان الي الثورة اي ان الذي يريد ان يقوم بالثورة بحاجة الي التفرغ ويجب ان يكون طويل البال . الانسان الذي يسعي للخلاص من فقره وتعاسته من باب الي باب من اجل الحصول علي قوت يومه لا يمكنه ان يقوم بالتخطيط. ان الثورة بحاجة الي التنظيم وبحاجة الي الوقت الكافي , والانسان الفقير في الاساس لا يملك الطاقة للتفكير في هذه الاشياء ويؤيد بهذا الكلام بأن الثورة تحدث في المكان الذي يوجد فيه الغني. هناك مفكران اخران وهما ديفيس وكر حيث يعتقدان ان الثورة تحدث بين الامرين اي عندما تزداد الثروة والرفاه في المجتمع وبمحاذاة ذلك تزداد توقعات الناس ايضاً , ولكن كون الرفاه في السلع رفاهاً مادياً وان الاقتصاد ما هو الا بضاعة مادية وان الخبز والطعام والسيارة ومثل هذه الامور كلها بضائع مادية فإن التوقعات لا تزداد الي الابد بل تتوقف في مكان ما وتبقي ثابتة او يصبح لديها سيراً نزولياً . وتستمر التوقعات بالارتفاع حيث تؤدي هذه الفوارق بين التوقعات والحقائق الي حدوث الثورة. علي مشارف الثورة الاسلامية ومع انخفاض حدة الخلاف بين العرب واسرائيل وهبوط اسعار النفط فإن توقعات الناس ظلت عالية وفي النهاية ادت الي وقوع الثورة, حيث يعتبرون هذا العامل كواحد من العوامل المؤثرة . لنعد الي موضوع اسباب التوجه الشديد للناس نحو الدين ودوره في انتصار الثورة الاسلامية الايرانية! علي كل حال ان قسماً من القوي الدينية بسبب الهجرة الي المدن التي كانت المكان الرئيسي لحدوث الثورة وقسم اخر نمي في جو من الايدولوجية الثورية بحيث بدأ بالنشاط والحضور في الساحات بسبب الفراغ عند الايدولوجيات غير الدينية والمفكرين لم يمكنوا من ان يقفوا بوجه التوجهات الدينية عند الناس مما ادي الي ازدياد التدين والفئات التي لم تكن متدينة قبل ذلك توجهوا نحو الدين. كمثال علي ذلك ان النساء الايرانيات اخترن الحجاب بشكل ارادي . قبل الثورة النساء التي لم تكن ترتدي الحجاب كانت تشارك في المسيرات مرتدية الحجاب واللباس الطويل كونه رمزاً للنضال وكونها كانت تعتبر نفسها مرتبطة بالثورة الاسلامية. هذا يدل علي ان التوجه نحو الدين قد ازداد بين الناس وان التيارات والقوي غير المتدينة قد وقفت الي جانب الثورة الاسلامية . من الممكن ان تقولوا انه بعد انخفاض وتيرة الثورة , مجدداً قامت فئة من الناس بالانفصال عن الدين ولكن الثورة تمكنت من الاتيان بهم جميعاً الي الساحة وان تدفعهم الي الثورة ضد حكومة ذلك الزمن . بعد الثورة كان يوجد لدينا مرحلة مؤلفة من سنتين . حيث عبر عنها البعض بالصمت الثوري والبعض الاخر يعبر عنها بالعهد الذهبي لتاريخ الثورة. حتي ان جو مرحلة السنتين قد وقع محل اهتمام من قبل عامة الناس ايضاً خاصة بسبب التألف وبسبب الجو الودود الذي كان مسيطراً في المجتمع وكانت الناس مضحية تجاه جميع الاشياء حتي عندما بدأ تقسيم الاراضي والممتلكات بين الفقراء والمحتاجين , فإذا كان هناك لديه ارض وممتلكات كان يعتبر نفسه بغني عن ان يأخذ مرة اخري ارضاً من الدولة , وبعد وقوع الحرب ومرورنا بتجربة السنوات الثمانية للحرب بحيث تم القضاء علي الكثير من المصادر المادية في البلاد , وكانت البلاد تعاني من فقر خاص , وبالرغم من هذا الوضع فإن الامام الخميني اعتبر فقر الناس هذا كغني لكي يتم المحافظة علي الوحدة والتآلف بين الناس. نظرية الامام هذه وموضوع التضحية والتي طرحت بشكل حقيقي بعد الثورة والتي تم ايجادها في المجتمع قد اصبحت باهتة اللون جداً في السنوات الاخيرة . كيف يمكن العودة الي موضوع ثقافة التضحية التي كان يطرحها سماحة الامام الخميني. يجب التفكير بهذا السؤال , هل حقيقة ان مجتمعاً ما يصبح له معني من دون الايثار؟ وهل انه لو لم يكن هناك ايثاراً لكانت الثورة حدثت؟ هل لو لم يكن حب الاستشهاد عند الناس, ولم يكن طلب الاستشهاد عند الامام نفسه لكانت حدثت الثورة؟ حدثونا قليلاً حول احداث ما بعد الثورة؟ انظروا, لا يمكن القول ان الايثار ومقولات من هذا القبيل موجودة في المجتمع بشكل دائم ومستمر. حتي انه لا يمكن القول انه عندما لا نري في المجتمع ايثاراً فإذا الناس لا تعتقد به من الاساس وانه انتهي من الوجود . سئل الامام علي عليه السلام هل العدل افضل ام الجود والعطاء او الايثار الذي تفضلت به انت؟ اجاب : العدالة افضل . ثم سئل مجدداً: لماذا؟ فإجابهم : ان العدل يضع جميع الاشياء في مكانها, والجود او العطاء يخرج الامور من مكانها . ويقول : العدالة هي القاعدة ولكن الجود هو استثناء . في النتيجة الاساس هو في العدالة. لذلك اريد ان استفيد من هذه الحديث نظراً الي انكم قلتم وصحيح ما قلتم ان الايثار قد بهت لونه في المجتمع ولكن الايثار والتفاني هو اشمل من ان يكون قابلاً للمقارنة هناك قسماً من الايثار يتعلق بجانب الاحاسيس عند الافراد , انتم تشاهدون انساناً فقيراً وتعيساً وتبدأ مشاعركم بالغليان وتبادرون الي تقدين المساعدة له وترون مظلوماً فتقومون بدعمه حتي لو تم القضاء عليكم فإن مشاعركم تبقي في مكانها والا فإن العقل الالي المحاسب يقول لكم بدلاً من ان تساعد ذلك الفقير فلتحتفظ بأموالك لنفسك . الايثار يبرز في مواقع خاصة واحدي هذه المواقع التعبئة الثورية لأن الاحاسيس في الثورات تقوم بأداء الدور الاساسي وفي النتيجة فإن الايثار ايضاً يبرز هناك , وفي المجتمعات التي عادت الي الوضع العادي ولا يكون فيها ثورة او حرب ولا يوجد مشاكل حادة فيها بذلك القدر فإن الايثار لا يجد ساحة للبروز وليس انه غير موجود. ان مشاعر الايثار موجودة عند جميع الناس ولا تفرق بين المتدين وغير المتدين. المهم هو ان الدين يشجع علي هذا الأمر بشكل اكثر والدين يدعونا في ازمنة خاصة الي المواساة اي اذا رأيت فقيراً الي جانبك فبالرغم من انك تسيطر علي مالك ولكن قم بمساعدته, وان ديننا يعتبر التفاني طريقاً لحل المشاكل الإجتماعية. برأي ان الايثار موجود في مجتمعنا الا انه لا يجد مجالاً لإبرازه ولو وضع الناس في اوضاع مشابهة للثورة , وبسبب الجذور الدينية والتضحيات فإنهم سيقومون بإبراز ذلك السلوك ومن الاساس فإن الايثار هو جزء من الثقافة العامة عندنا والانسان الايراني يملك هذه الروحية الا انه يحتاج للأرضية الملائمة. اشكركم علي الفرصة التي اتحتموها لنا .
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع