رمز الخبر: 209504
تأريخ النشر: 22 May 2009 - 00:00
حوار مع الكاتب و الباحث في الآداب الدينية للأطفال و الناشئة السيد محمود حكيمي

من يقبـّل هذه العتبة يحمل علي اكفه الروح

العرفان و معرفة الحق تتحقق عبر سبيلين: السبيل الاول عبر طريق الاستدلال من الاثر إلي المؤثر و من الفعل إلي الصفة و من الصفات الي الذات. و هذا ما يخص العلماء. و السبيل الثاني هو طريق تصفية الباطن و تخلية السر من الغير و تحلية الارواح و ذلك طريق المعرفة الخاصة للأنبياء و الاولياء و العرفاء و هذه المعرفة الكشفية و الشهودية لاتتيسر إلي سوي المجذوب المطلق الا بسبب الطاعة و العبادة القالبية و النفسية و القلبية و الروحية و السرية و الخفية و الغرض منها ايجاد عالم المعرفة الشهودية.


افاد مراسل نويد شاهد ان السيد محمود حكيمي هو من مواليد شهريور عام 1323 هـ ش/ 1944 م بطهران و ولد في اسرة دينية. تعلم التعاليم الدينية الاولي في هيئات دينية و في الاجتماعات الدينية التي كانت تقام في مسجد لرزاده و سجـّل في الخامسة من عمره في مدرسة برهان التمهيدية التي شغـّلها امام جماعت مسجد لرزادة الشيخ علي اكبر برهان. و كان يتم اختيار المعلمين في هذه المدرسة من بين العناصر الدينية و كان الاسلوب الدراسي فيها علي طريقة المكاتب القديمة. لذلك سجل السيد حكيمي بعد عام و نصف العام من الدراسة في مدرسة برهان و تعلمه كتابة حروف الابجدية بشكل صحيح في مدرسة بندار رازي و حاز علي التشجيع لمرات عدة خلال الاعوام الستة من الدراسة الابتدائية بالنظر إلي التقدم الدراسي الذي أحرزه. و يعتبر السيد حكيمي الدراسة في الحوزة العلمية و الافادة من الدروس الحوزوية بانها كانت تشكـّل احدي الفرص المثمرة جداً في حياته. و كان يشارك في مختلف الجلسات الدينية و يستفيد منها. كما اتاحت المكتبتين الكبيرتين لآية الله مرعشي و دار التبليغ الاسلامي الفرصة له للمزيد من المطالعة حول التاريخ الاسلامي. و كان في كل يوم بعد الانتهاء من عمله في اعدادية شهريار للبنين و اعداديتي بروين اعتصامي و آذر ميدخت يتوجه إلي المكتبات من اجل المطالعة. و في تلك الحقبة عمل بناء علي اقتراح من آية الله الشهيد بهشتي بتعليم اللغة الانجليزية للطلاب في مدرسة الفيضية و واصل التعليم فيها لمدة عامين. و كان حكيمي من اكثر الكتـّاب لكتب الاطفال و الاحداث، و تشمل اعماله مجموعة تاريخ الحضارة المؤلف من 12 مجلداً الخاص للأحداث و قصص عن حياة امير كبير و قد ارتفع عديدها عالياً. و له كتاب برواز به سوي سرزمين آزادي التحليق نحو الحرية المؤلف باللغة العربية و كتاب الوجدان المترجم الي اللغة البوسنية كما نشير إلي بعض مؤلفاته التي تشمل: -سيرة و شخصيت حضرت محمد (ص) (سيرة و شخصية سيدنا محمد (ص) ) شركت سهامي انتشار، الطبعة الاولي 1361/ 1982 م -داستانهي آموزنده براي كودكان ( القصص المفيدة للأطفال)منشورات اميد الطبعة الاولي 1352/ 1973 م و الطبعة الثانية 1983 م -سروده هاي رهائي (أناشيد الخلاص) منشورات جهان آرا ، الطبعة الاولي عام 1356، اطبعة الخامسة. -مسلمان شجاع (المسلم الشجاع) ، نشر جهان آرا، الطبعة الاولي عام 1979 الطبعة الثانية عام 1982. -اشرف زاده قهرمان (اشرف زاده البطل) منشورات انجام كتاب، الطبعة الاولي عام 1986، الطبعة الثانية عام 1984. -ايران در عصر ناصر الدين شاه (ايران في عصر ناصر الدين شاه) شركة منشورات قلم، الطبعة الثانية عام 2000 م. -هزار و يك حكايت تاريخي (4 مجلدات) منشورات قلم ، الطبعة السادسة ، عام 2000 م. -ريشه هاي ما زنده اند (جذورنا حية): قصة الشعب الفلسطيني (5 مجلدات) انتشارات امير، الطبعة الاولي عام 1358 ، الطبعة الثالثة / عام 1983 م. و قد اجري الحوار التالي السيد عباس محب علي. جاء في قاموس دهخدا في ذيل كلمة العرفان مايلي : التعرف و المعرفة للحق المتعال و جاء في قاموس مصطلحات العرفاء نقلاً عن شرح كلشن راز: ان «العرفان و اسمائه و صفاته و اجمالاً السبيل و الطريقة التي اختارها اهل الله لمعرفة الحق و التي يطلق عليها العرفان ... العرفان و معرفة الحق تتحقق عير سبيلين: السبيل الاول عبر طريق الاستدلال من الاثر إلي المؤثر و من الفعل إلي الصفة و من الصفات الي الذات. و هذا ما يخص العلماء. و السبيل الثاني هو طريق تصفية الباطن و تخلية السر من الغير و تحلية الارواح و ذلك طريق المعرفة الخاصة للأنبياء و الاولياء و العرفاء و هذه المعرفة الكشفية و الشهودية لاتتيسر إلي سوي المجذوب المطلق الا بسبب الطاعة و العبادة القالبية و النفسية و القلبية و الروحية و السرية و الخفية و الغرض منها ايجاد عالم المعرفة الشهودية. فعلي اية حال كلما يدور الحديث عن العارف و العرفان يتم في اعقاب ذلك طرح موضوع الصوفي و التصوف و الصوفيين الرسميين و غير الرسمين و جذور التصوف و كراماتهم و المئات من المواضيع التي كتبت حتي الان حولها و الآلاف من الكتب و المقالات. فانا لا أنوي الخوض هنا في هكذا مواضيع. و الخلاصة إن مقصودنا من العارفين الصادقين هم اولئك الذين دون أن يخرجوا عن طريق الشريعة بلغوا مقامات و احوال السير و وصلوا إلي المراحل العليا للعرفان. إن ما يقوم به العارفون يكون علي اساس موازين الوحي و انهم اجتازوا السير إلي الله في علم التوحيد في العرفان العملي و سلوك الطريقة. لذلك يطلق عليهم اسم «العرفاء الربانيين». الدكتور اسماعيل حاكمي يقول في تعريفه للعرفان: «في تعريف العرفان ذكروا بأن العرفان هو معرفة قائمة علي الحالة الروحية و التي لاتوصف و فيها يحدث للفرد ارتباط مباشر و دون واسطة مع الله. فهذا الاحساس هو حالة روحية و التي يدرك من خلالها العارف الذات المطلقة ليس بالبرهان بل بالذوق و الوجدان» و اخيراً كما يصطلح عليه الحكماء ان المعرفة القلبية التي تحصل عبر الكشف و الشهود و ليس عبر البحث و الاستدلال يطلق عليها اسم العرفان كما يطلق عليها اسم «العلم الوجداني» كذلك و اذا يتوفر فيه مقام العرفان يطلق عليه اسم العارف. و العلم القائم علي العرفان يسمي معرفة. و جاء في تعريف العارف: «إن العارف هو من يشاهد الحق في جميع الصور و لايقيدة باية صفة و تعيين و نسبة. و هو العارف في محبة الله المتعال و معرفته و يكون عن وجوده المجازي ممحياً و فانياً و لايخشي في كل لحظة.» س: لقد تحدثتم عن العارفين الحقيقيين، من هي هذه الفئة من العرفاء ما هي المسيرة التي يجتازوها؟ العارفون الحقيقيون يعتبرون احد سبل الوصول الي الحق و بلوغ الكمال يتحقق في محاربة النفس الامـّارة. انهم لايرون هذه المحاربة سهلة. و قد تحدث كل من العطار و سنائي و مولوي في آثارهم مرات عن قوة النفس الامارة او العدو الداخلي للفرد. و للعطار تعبيرات مدهشة عن النفس الامارة و يعتبر ميول الجشع و الحسد و باقي الرذائل النفسية كالافعي و العقرب التي تغير طبيعة الفرد و جوهره: هست در تو گلخني پر اژدها تو زغفلت كرده ايشان را رها مار و كژدم با تو زير پرده اند خفته اند و خويشتن گم كرده اند گر سر مويي فرا ايشان كني هر يكي را همچو صد ثعبان كني هر يكي را دوزخ پر مار هست تا نپردازي ز دوزخ كار هست گر برون آيي از اينها پاك تو خوش به خاك اندر شوي در خاك تو ورنه زير خاك چه كژدم چه مار مي گزندت سخت تا روز شمار و يعني ذلك : في وجودك كورة مليئة بالافاعي و قد تركتها بغفلتك الافاعي و العقارب موجودة معك تحت الستار نائمات تائهات و لو فتحت امامهن ثقباً بمقدار شعرة تتحول كل واحدة منها إلي ثعبان كل واحدة منها ستكون جحيما من الحيـّات فما لم تخرج من الحجيم هناك اعمال و اذا خرجت منها ستكون نظيفاً و تواري الثري و انت سعيد و في غير هذه الحالة العقارب و الحيات الموجودة تحت التراب تقوم بلسعك يوم الحساب س: ماهي وجهة نظر العارفين الحقيقيين حيال الحرب و الجهاد و الشهادة؟ اقولها بشكل عام كي اتمكن من الاجابة علي سؤالك. العارفون الايرانيون يعارضون بشدة العنف و الجدال و الحرب و سفك الدماء. و تشير مطالعة التاريخ الايراني إلي الجهود التي كان يبذلها العارفون الايرانيون نحو اخماد الحرب باية وسيلة عند اندلاعها و لايسمحوا بتضحية الآلاف من البشر في سبيل اهواء الملوك و الحكام نحو فتح البلدان. ان من طالع تاريخ الاقوام و الشعوب يعلم كيفية اندلاع الحرب: فكان الحكام و الملوك او الامراء من ذوي النزعة في مديحهم و المتكبرين عندما يبلغوا سدة الحكم يجمعون الشعراء و الكتّاب و الوعاظ المتملقين حولهم. و يمتدح المتملقون بشكل مستمر نبوغه و علمه و يصدق الحاكم الطموح بالجاه و المنصب و يصدق تدريجياً كلام من يكون حوله و بعدها يفكر في احتلال بلد آخر كي ينعم شعب ذلك البلد بنبوغه و فهمه !! و اذا ما نظرتم إلي تاريخ الحروب تتوصلون إلي نقطة طريفة. ففي القرن العشرين بدأت الحرب العالمية الاولي عندما قرر امبراطور المانيا ويلهلم احتلال البلدان الاخري كي تستفيد كافة شعوب اوروبا من نبوغه و ذكائه! و بعد اعوام كان هتلر ينوي ان يفيد شعوب العالم بنبوغه و نبوغ العنصر الآري! و كانت ضحايا الحربين الاولي و الثانية مثيرة للذعر و غير قابلة للتصور. و قد كتبت هذه المعلومات في كتاب تاريخ الحضارة الخاص بالاحداث و قامت بطبعه شركة سهامي انتشار. فعلي اية حال ان العارفين الحقيقيين الايرانيين الذين وضعوا اساس مدرستهم و فكرهم علي المحبة و العشق يدينون الحرب و يبدأ شعار المدرسة الاصيلة للإسلام الذي يشكل المنهل الاصلي للعارفين الايرانيين بكلمة «الرحمن» و «الرحيم» و هذا ما يشكل دلالة علي ان العارفين الاسلاميين بنوا «مدرستهم» علي اساس من العفو و الرحمة و المحبة و الرحمة و لكن في النهاية يوصي العارفون الحقيقيون بالجهاد في سبيل الله و اذا ما راجعتم التاريخ تلاحظون نهاية حياة الكثير من العارفين بانها مقرونة بالشهادة. س: استاذ، احد مظاهر العرفان الايراني قد تجلي في الآداب إلي درجة ان الكثير من العارفين الحقيقيين قد نقلوا مضامينهم العرفانية و ما حصلوا عليه عبر اشعارهم. اردت معرفة مكانة الجهاد و الشهادة في مثل هذه الاعمال و طريق الوصول إلي الحق و الحقيقة؟ ج: يري معظم العارفين الايرانيين بأن حقيقة الديانة هي العشق و المحبة كما يرون ان الهدف الغائي للعشق هو تمني وصال الصديق و لايرون العقل كافياً لحل قضايا الحياة، و يقول جلال الدين محمد مولوي بأن الانسان لايستطيع عن طريق العقل فقط كشف اسرار العالم. و يري معظم الشعراء العارفين العشق بانه اسمي من العقل. و يقول حافظ حريم عشق را درگه بسي بالاتر از عقل است كسي اين آستان بوسد كه جان در آستين دارد بمعني: حريم العشق هو اسمي بكثير من العقل و من يصل الي هذه المنزلة يكون مسيطراً علي الروح و الشاعر سنائي ايضاً يقول: إن الاسرار التي يدركها العشق من عالم الثمالة نادراً ما يتمكن العقل الذي يبحث عن الربح التوصل اليها. عقل در كوي عشق ره نبرد تو از اين كور چشم چشم مدار كي توان تفت سرعشق به عقل؟ كي توان سفت سنك خارا خار؟ بمعني: ان العقل لايتمكن الوصول الي الله و يشبه العقل بالعين العمياء التي لاتري و لايمكن التفكير بالعشق و بلوغ الشهادة و الوصول الي الله بواسطة العقل و يشبـّه ذلك اي العقل بالشوكة التي لاتستطيع أن تنفذ في الصخرة. العارفون الربانيون يرون ان العشق الواقعي هو الحب و العشق للذات الاحدية. و لكن يجب أن لاننسي بأن العشق و المحبة تكونان دائماً متبادلتين. و من يكون محباً حقاً لله و يبتعد عن المعاصي و الذنوب من اجله فسوف يجبه الله و الانسان الذي يكون قلبه مليئاً بمحبة الله لاشك سيحظي بمحبة الله كما يقول العارفون بأن الله قال بما معناه: ان سمائي و ارضي لا تتسعاني لكن قلب المؤمن وحدة الذي يتسع لي و يعتقد العارفون ان كانت السماوات و الارض لاتتسعان لله لكن عطر الله الفواح لوجوده عز و جل قد ملأ العالم باسره لكن هذا العطر الفواح يشمّه العشاق وحدهم. فيقول حافظ في شعره : زين قصه هفت كنبد افلاك پرصداست كوته نظر ببين كه سخن مختصر گرفت بمعني: ( السماوات السبع امتلأت بهذا الحديث قصير النظر من اعتبر الكلام مختصرا) و لكن اسمحوا لي هنا لانقل حديثاً قدسياً و الذي ترك تأثيراً بالغاً علي المقاتلين في جبهات الدفاع المقدس. و جاء في الحديث: «من طلبني و جدني و من وجدني عرفني و من عرفني احبني و من أحبني عشقني و من عشقني عشقته و من عشقته قتلته فعلي ديته و من عليّ ديته فانا ديته» و قد استفاد العارفون و شهداؤنا كثيراً من هذا الحديث و ينطوي هذا الحديث القدسي علي المزيد من الكلام حيث ينبغي حقاً أن تكون عاشقاً لتتمكن من كشف اسراره و لتعلم ماذا يعني بأن الله يعشق عبده. و بهذا المضمون يري العارفون العشق بانه اللب و اللباب للشريعة و تعتبر محبة الله اكثر الوسائل تأثيراً لعروج الانسان و اخيراً كشف الحقيقة. الدكتور عبد الوهاب شاهرودي يقول في كتاب نردبان آسمان «سلـّم السماء» بما معناه: «إن رسالة الانبياء الالهيين الذين يشيدون بالداعين الي العشق، هم يبلغون هذه الدعوة ليرشدونا إلي الوصال و هذا الكم من كل تعالوا قل تعالوا من اجل اي شيئ؟ فهي الدعوة الي العشق و الذي الهم لمولانا بلغة اخري انظروا: بيا بيا كه نيايي چو ما دگر ياري چو ما به هر دو جهان خود كجاس دلداري بيا بيا و به هر سوي روزگار مبر كه نيست غير من خريداري بمعني: تعال تعال فأن لم تات لاتحصل علي مثلي حبيب فاين ستحصل في العالمين علي مثل هذا الخليل تعال تعال لاتأخذ متاعك إلي أماكن اخري فليس سواي من يشتري منك هذا المتاع و الخلاصة ان اجمل المصادر الموجودة في الادب الفارسي هو الادب العرفاني لأن الآثار العرفانية فواحة بالحكم و مشحونة بالحياة و التحرك الجميل و اللطافة. الادب العرفاني هي كالنهر الهادر الذي امضي طريقاً طويلاً خلفه و قد شيد هذا الطريق عارفون كبار كالشعراء سنائي و العطار و مولوي و سعدي و حافظ الذين مزجوا بين الفن و الحقيقة و شيدوا قصوراً عالية و جميلة علي شكل منظوم و منثور. إن الذين لايدركون الجمال سوي المحسوس منه لايفهمون اولا يقبلون فهم نظير اولئك الذين يرون اللذات محصورة باللذات الطبيعية الناشئة عن الشؤون الحسية لايفهمون و لايقبلون لذائذ الآداب العرفانية كلّذة العلم و الحرية الكمال. س: ما هو قصد العارفين الصادقين من نقل مضامينهم في الاطر القصصية و الحكايات ؟ فهل لاينوي اصحاب العرفان ان يشهد الانسان حضور الله عز و جل في كافة اجزاء الكون؟ و هل لايكون الشاهد شهيداً بشكل من الاشكال؟ ج: طوال التاريخ كان الكثير من المرائين المتظاهرين بالزهد ممن وضعوا علي انفسهم اسم الصوفي و العارف و كان سلوك و اخلاق البعض من الصوفيين قبيحاً و غير جميل حيث انتقدهم البعض من العارفين الكرام. و اننا طبعاً لانقصد من الآثار العرفانية تلك الاثار المعروفة. فالكتب العرفانية في الآداب الفارسية حافلة بالحكايات و القصص الجميلة جداً من امثال كتب كشف الاسرار لميبدي و كشف المحجوب لهجويري و اسرار التوحيد لمحمد منور و تذكرة الاولياء للعطار النيشابوري. فهذه الكتب حافلة بالقصص و الحكايات و معظم قصص هذه الحكايات الجميلة تشرح حالات المودة للإنسان و الفتوة للعارفين و القصص الجميلة و اذا ما يدور الحديث في بعضها عن بعض الحالات من كراماتهم فتلك الكرامات تكون في قمة الجمال. و يبذل العارفون جهودهم من خلال اشعارهم العرفانية و القصص الجميلة نحو زرع بذور المحبة و العشق لله في قلوب البشر. و انهم يبدأون العشق الحقيقي بالمحبة و العشق للذات الاحدية و لكن العشق لله يتبعه العشق و المحبة للإنسان. س:استاذ، لقد شكلت عاشوراء احد الرموز البارزة كان لها استخدامات في الادب العرفاني و في المضامين للشعراء و كان ابرز تجلياتها في اعوام الدفاع المقدس لكن الشيئ المؤسف هو قلة وجود المصادر التي تروي و تتحدث بشكل خالص عن حالات التضحيات للمتبقين من واقعة عاشوراء. لماذا؟ ج: نعم، هذا صحيح. لقد كان هذا الشيئ في الفترة المعاصره اكثر حدة. و الكتّاب كل نتاجهم يدور في الحديث عن الوقائع لما بعد عاشوراء. فأنا اعتقد بضرورة العمل في مجال خطب السيدة زينب سلام الله عليها و ما قام به الامام السجاد عليه السلام من اعمال. ان لأدبنا المنظوم سابقة تمتد إلي ما يزيد عن الف عام و قد نظّم شعراء من امثال مروزي و ناصر خسرو قبادياني و صناعي و غزنوي و خاقاني شرواني و صائب تبريزي و محمد تقي بهار و شهريار الكثير من القصائد الشعرية حول الائمة الاطهار. في حين لايزيد عمر ادبنا القصصي عن مائة عام و لايمكن ان نتوقع ان تتقدم بمقدار تقدم الاشعار الدينية. و الادب القصصي لما قبل الثورة كانت قلما تتحدث عن واقعة عاشوراء و انها شهدت تنامياً بعد الثورة فالكاتب الذي ينوي الدخول في مجال كتابة القصص و خاصة القصص ذات الصلة بواقعة عاشوراء ينبغي عليه ان يكون علي وعي كامل للتاريخ الاسلامي و ان وعي الكاتب حيال التحريفات التي حدثت في عاشوراء يكون في غاية الضرورة. إن معظم الاشعار التي نظمها شعراؤنا في هذا الجانب هي اشعار خيالية لكن القصص الدينية يجب أن تكون قريبة من الواقع. فالكاتب للقصص الدينية يجب أن يكون مواظباً كي لايدخل التحريفات لكن ما يؤسف له هو ان بعض الكتاب لم تتوفر فيهم هذه الدقة و يكتبون قصصاً حول عاشوراء لاصحة لها اصلاً. انا اعتقد بان ما ينبغي علي الكتـّاب هو ان يكتبوا حول اهداف الحركة الحسينية. ان معظم قصص الكتـّاب تكون حول الافراد الذين يدخلون ميدان الحرب فهذا موضوع جيد لكنهم قلـّما كتبوا حول الوقائع التي حدثت ما بعد عاشوراء. اسمحوا لي لذكر عدداً من الكتب الجيدة المؤلفة في هذا المجال. أنا اعتقد بأن كتاب الشهيد الفاتح (شهيد فاتح در آينه انديشه) (مكتب نشر المعارف، قم 1381) للكاتب صحتي هو كتاب جيد جداً و لهذا الكاتب كتب اخري باسماء (تحريف شناسي عاشورا) معرفة تحريفات لعاشوراء. و الاستاذ صحتي قد شرح في هذين الكتابين التحريفات التاريخية لافراد من امثال ابو العباس احمد بن عبد الحليم الدمشقي المعروف بإبن تيمية 728- 661 ، هـ و سماء الدين ابو الفاء اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير ( 774 – 701 هـ ) بشكل جيد. انه يشرح للباحث كيفية عداء ابن تيمية لأهل البيت (ع) و لشيعة علي عليه السلام و ذلك في كتاباته. و هو يتذرع بمختلف الحجج ليهاجم مدرسة اهل البيت (ع) و يصطنع الاكاذيب التي لايقبلها العقل. و يتخلف تلميذ ابن تيمية و يعني ابن كثير عن استاذه في نحل الروايات و الاخبارو ففي كتابه البداية و النهاية يصطنع الاكاذيب لتبرئة يزيد حيث يجعل كل قارئ منصف سواء اكان شيعياً او سنياً يشعر بالذهول من هذه التحريفات. و يكتب الاستاذ صحتي بعد ذكره لما كتبه ابن كثير من اكاذيب: «ان ابن كثير يتطرف في دفاعه عن بني امية حيث يثير الحيرة لدي كل قارئ منصف لكتاباته. س: من حسن الحظ كلما نبتعد عن فترة الثورة نجد اعمالاً فاخرة في موضوع الثورة حيث باتت الدراسات و البحوث في الادب القصصي للثورة تشهد تنامياً بعد التسعينات . ان ايجاد موضوع جديد باسم تاريخ الحياة القصصية في ادبنا المعاصرة قد ادّي الي التوجه نحو كتابة تاريخ الحياة القصصية و الكثير من الكتـّاب باتوا يتوجهون نحو عرض جند الدفاع المقدس في قمة العرفان. فهذه الكتابات في الحياة القصصية و التي تشمل تركيباً من الحياة العرفانية للشهداء و ابداع مشاهداً مؤثرة هل تترك تأثيراً علي معرفتنا لشهداء الدفاع المقدس؟ ج: ان المؤسسات التي تولي اهتماماً خاصاً بكتب البحوث و الدراسات في موضوع الثورة و الدفاع المقدس كمركز وثائق الثورة الاسلامية و مؤسسة الدراسات و البحوث السياسية، فبالنظر الي البحوث المنجزة في هذا الحقل يتمكن للكتاب التوصل بشكل سهل إلي الوثائق و البحوث حول الثورة. و بعبارة اخري إن الظروف اللازمة لابداع قصص جذابة ذات منحي واقعي باتت معدة و جاهزة. اننا نعلم بأن احد العناصر المهمة للروايات هو العنصر الخيالي، و لكن ينبغي الانتباه إلي اننا لانستطيع الافادة من الخيال بشكل واسع في القصص الدينية، لكن الافادة من الخيال في كتابة الروايات حول شخصيات الدفاع المقدس لا اشكال فيه و تارة يكون ذلك جيد جداً و يساعد ذلك كثيراً علي اجتذاب القارئ. كمثال علي ذلك فيما يتعلق بالحالات النفسية لاشخاص مثل «عمر بن سعد» اننا نستطيع ان نستفيد من عنصر الخيال بشكل جيد حولهم. و نحن نعلم بانه كان يعاني من الشك و الترديد بشأن مواصلته لمهام القيادة في جيش يزيد او ان ينسحب من ذلك و كان عمر بن سعد يعلم جيداً بأن الحق كان مع الحسين بن علي (ع) و يكون يزيد حاكماً ظالماً لكنه كان لايستطيع ان يغض النظر عن ملك الري الذي اوعد بمنحه اياه. فالكاتب يستطيع ان يستفيد من لحظات الترديد هذه او يتحدث بكلمات و عبارات جيدة عن حالة الاضطراب النفسي للفرد في حالة الترديد التي يعيشها. و كذلك الاضطرابات النفسية التي عانا منها «الحر بن يزيد الرياحي» لكنه بعد مدة يتغلب علي حالة الترديد و يلتحق بقوة الحق. فتشكل هذه الامور مصادراً جيدة للخيال. و يجب الانتباه إلي ان قوة الخيال و ظهور الشخصيات الخيالية يمكن ان يستخدمها الكاتب للروايات بشأن الوقائع التاريخية غير الدينية. اذ يتمكن الكاتب تارة ان يغير الوقائع التاريخية لايجاد الحماس و الهيجان لدي القارئ، و ليس التغيير الذي يؤدي إلي تحريف التاريخ. ان ما يدعو للأسف هو في الكثير من القصص التاريخية عمل بعض الكتاب بتغيير الوقائع و الذي ادي ذلك إلي حصول التحريف فانا اعتقد بأن هذه الشيئ لايكون صحيحاً اصلاً، حتي اذا كان الكاتب يكتب بشكل جميل جداً. تارة يبدع الكاتب ابطال جدد في واقعة تاريخية. ففي ابداع الابطال الجدد و اذا كان الابداع لايغير الوقائع التاريخية عن اصلها لااشكال في ذلك. و لكن اذ كانت تحدث تغييرا في اصل الواقعة التاريخية فعندها يحصل تحريفاً في الرواية. كان قديماً بعض شعرائنا بالنظر إلي رغبتهم نحو الشخصية الدينية يبدعون قصصاً خيالية و غير واقعية و هذه القصص نقلوها في ديوان اشعارهم و تشير المصادر التاريخية إلي عدم حدوث تلك الواقعة او ان الشاعر المذكور قد اضاف شيئاً عليها او قلل قسماً منها فهذا الموضوع يجلب الانتباه في رواية كرامة بعض البعض من العارفين و الشهداء العارفين. و مما يؤسف له لقد كان هذا الدافع و يعني الدافع لاستقطاب القرّاء في الصدر الاسلامي تارة يؤدي إلي نحل الاحاديث المصطنعة و يستخدم بعض الكتاب من الاسرائيليات حول تاريخ حياة الانبياء فكانوا يتناولون تفسيراً قرآنياً و يختارون منه حكاية ثم يقدمون علي شرحها و تفسيرها. فعلية ينبغي علي كاتبي الروايات ان لايختاروا قط الاسرائيليات سواء اكانت من تفاسير اهل السنة او تفاسير الشيعة اذا كانت موجودة فيها و لايقدمون علي تفسيرها. فالكاتب يستطيع أن يصنع شخصية خيالية لاتلعب هذه الشخصية دوراً في الوقائع التاريخية بل يشهد هذه الشخصية واقعة تاريخية من الخارج ثم يروي الكاتب من كلام ذلك الشاهد يتمكن ان يدعو القارئ لزيادة فهم تلك القصة عبر الكلمات و العبارات الجميلة و لكن لايحوز قط اضافة شيئ علي الواقعة التاريخية او الحذف منها. لأن التحريف لتلك الواقعة الدينية يبدأ من هذه النقطة. و كمثال علي ذلك في كتاب «روضة الشهداء» حيث كتب السيد كاشفي واقعة عاشوراء علي شكل قصة و تارة يصنع الكاتب ابطالاً لاوجود لهم وجوداً خارجياً و لم يكن لهم دوراً في واقعة عاشوراء. فالشهيد مطهري يري في المجلد الاول من كتاب حماسه حسيني (الملحمة الحسينية) أن جانباً من التحريفات في عاشوراء يعود إلي توسيع هذا النوع من الحكايات و يعتبره نوعاً من المصيبة. فالكاب للروايات الدينية يتمكن من منطلق وعية الصحيح للوقائع التاريخية ان يكتب قصصاً جميلة و جذابة. في عدد كبير من القصص التي تكتب لاينتبه الكاتب الي وجود فرق بين القصة و الدراسة التاريخية. ففي الدراسة او البحوث التاريخية لاتوجد مشكلة في الارجاع الي كتب المصادر بشكل دائم بسبب وجود كلمات صعبة في النص. اما في الرواية لايكون الأمر هكذا. فالعبارات التي يقولها الكاتب علي لسان شخصيات القصة يجب أن تكون سلسلة و مرسلة و خاصة القصص التي يكتبها للأطفال و الناشئة. فاذا كان الكاتب علي معرفة باللغة بسيطة و السهلة يستطيع أن يكتب شرحاً لاحوال اصحاب الحق و سيرتهم بافضل اسلوب حيث يترك ذلك تأثيراً جيداً في ترويج ثقافة الدعوة الي الحق و مكافحة الباطل و يستطيع أن يكون مرجعاً لنشر ثقافة التضحية و الشهادة من ناحية بعده العرفاني في المجتمع في يومنا هذا.
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع