رمز الخبر: 369949
تأريخ النشر: 24 April 2013 - 00:00

الشهيد محمد باقر الصدر واستراتيجية ما بعد تحريرالعراق

يقف العراق حكومة وشعبا ومرجعيات دينية وتيارات واحزابا وجمعيات اهلية، عند مفترق صعب ومعقد في الظرف الراهن، نتيجة لنتائج الازمة السياسية وتداعياتها المتواصلة منذ شهر ايار عام 2012 وحتي لحظة كتابة هذه السطور.


بالامس القريب وتحديدا في يوم 9 نيسان 2013 أحيا الشعب العراقي مناسبتين هامتين وخطيرتين في آن واحد؛ الاولي هي الذكري السنوية الثالثة والثلاثين لاستشهاد المرجع والمفكر الاسلامي السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) (9/4/1980)، والثانية هي العشرية الاولي للاطاحة بالطاغية \\\"صدام حسين التكريتي\\\"، وسقوط بغداد وذلك بفعل (الغزو الاميركي الاطلسي) الذي اجتاح بلاد وادي الرافدين في 20/3/2003، أي قبل ثلاثة اسابيع فقط من تاريخ ذلك \\\"السقوط المخزي\\\" لنظام شُبِّهَ للرأي العام العربي والدولي أنه \\\"عصيٌ علي التزلزل\\\"، فإذا به ينقشع وينهار خلال فترة زمنية وجيزة اذهلت الاعداء قبل الاصدقاء. لقد قدم \\\"سقوط بغداد المريع\\\"، آنذاك صورة حقيقية عن \\\"ماهوية\\\" النظام الدكتاتوري الفاسد الذي لم يوفر أية وسيلة اجرامية دنيئة لتدمير شعبه قتلا وابادة وتمثيلا ومقابر جماعية وتهجيرا واعتقالا ومطاردة طاولت المعارضين واقرباءهم ــ حتي الدرجة الرابعة ــ فضلا عن اصدقائهم. لكنه ما لبث أن انهار فجأة وبشكل مدوًّ ودون ادني مقاومة تذكر بعد ايام من الاجتياح العسكري الغربي للبلاد، وليجد العراقيون انفسهم امام مشهد تراجيدي مشين اختفي منه نهائيا \\\"القائد الرمز\\\" ومرتزقته وجلاوزته الذين اولغوا في دماء الابرياء نساء ورجالا واطفالا طيلة 35 عاما (17 تموز 1968 ــ 9 نيسان 2003). علي صعيد متصل يمكن، وفي ضوء معرفتنا بالنزعة السادية الدموية للطاغية الارعن وأعوانه القتلة، وعي حجم الخسارة الفادحة التي لحقت بالشعب العراقي والمرجعية الدينية الكريمة والفكر الاسلامي والانساني في ارجاء المعمورة جراء اعدام الامام السيد محمد باقر الصدر واخته العلوية العالمة (السيدة بنت الهدي) رضوان الله تعالي عليهما، بايدي تلك الطغمة البعثية الفاسدة. فعلي الرغم من تشدق النظام بالافكار التقدمية والتنويرية والتحررية تحت ذريعة اعتناق ادبيات \\\"البعث العربي الاشتراكي\\\" الا ان تجارب السنوات الخمس والثلاثين للحكم والسلطة والوحشية في العراق ، قطعت الشك باليقين في أن هذا الحزب بزعمائه وافراده، بعيد وغريب كليا عن القيم الانسانية والاخلاقية والحضارية وحتي الرجولية. وما العثور علي \\\"الطاغية صدام حسين\\\" في حفرة واستسلامه المهين للقوات الاميركية دون إبداء أية مناجزة أو مقاومة ، مع انه كان مدججا بالاسلحة والمتفجرات إضافة الي صندوق يحوي ما يقارب المليار دولار، الا برهان ساطع علي هشاشة العقيدة السياسية والفكرية لهذا الحزب الشوفيني الذي حكم العراق بلغة الحديد والنار، وقتل خيرة ابنائه وفي مقدمتهم الشهيد السيد محمد باقر الصدر، دون ان يراعوا فيه حرمة المرجعية الدينية والعبقرية العلمية التي رفدت المكتبة الاسلامية والعربية والعالمية بأروع المؤلفات الفقهية والاقتصادية والفلسفية والتاريخية والاجتماعية علي امتداد اكثر من (30 عاما)، علما ان السيد الصدر استشهد في 9 نيسان 1980 وهو في الثامنة والاربعين من العمر. مما مضي يتضح لنا اننا نقف امام عملاق بل اسطورة في عالم الفكر، لكن هذه الاسطورة لم تتردد لحظة في تجسيد المثل الاعلي للمقاومة والجهاد وبذل التضحية والجود بالنفس في سبيل مقارعة الاستبداد البعثي الصدامي الاسود والانحراف القيمي الذي طبقه الطاغية وزبانيته ، لا سيما علي مستوي تكريس الطائفية وحميةالجاهلية والتمييز العنصري في البلاد، فكان الامام محمد باقر الصدر (قدس سره الشريف) بحق ترجماناً واقعيا لتحدي ارهاب الدولة البوليسية المنظم ، ومدافعا حقيقيا عن الوحدة الاسلامية والتلاحم الوطني البعيد عن التعصب الديني والمذهبي والقومي ، لفائدة ازالة ذلك الكابوس الاسود عن صدر العراق الحبيب وشعبه الأبي. ان السيد الشهيد كان يحض الشعب العراقي خصوصا وأبناء الامة الاسلامية عموما علي الالتزام بالتقوي والزهد والقناعة والتقشف والتواضع في الحياة وجهاد النفس والورع عن محارم الله جل جلاله ،وكان سماحته يحذر المؤمنين من مغبة الوقوع في شراك شهوة التسلط والهيمنة علي الآخرين شأن حكام الجور المتجبرين علي مر التاريخ، وكان الي جانب ذلك ينادي بوجوب ان يتصدي علماء الدين المجاهدون والمفكرون المناضلون والثوريون الرساليون والجماهير المؤمنة لمواجهة المشاريع والمخططات والسياسات الداخلية والدولية الظالمة. من هنا يبدو جليا ان العراق حكومة وشعبا وهو يعيش الان مخاضا عسيرا، مطالب بتقليد هذا النهج التنويري والتربوي الذي سطره السيد محمد باقر الصدر قبل 33 عاما، متأسيّا بسيرة اجداده الاطهار (محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) مقتديا في تضحيته بالفداء العاشورائي لسيد الشهداء الامام الحسين(ع) في بطحاء كربلاء عام 61 هـ ، طلباً للاصلاح في امة جده المصطفي (ص) عبر آلية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك من اجل اقرار الامن والسلام والمودة بين بني البشر قاطبة والواقع ان عراق اليوم هو بأمس الحاجة الي هذه المفردات الايمانية علي الرغم من تضخم التحديات الداخلية والاقليمية والدولية حياله ، لاسيما وان المؤامرات الغربية الصهيونية باتت تناصب العداء جميع المبادئ الاسلامية الاصيلة علنا، وهي تستخدم الجماعات التكفيرية المزودة بالاسلحة و الاموال والمعلومات الاستخبارية لاغراق ارض النهرين بخاصة والعالم الاسلامي بعامة في المزيد من الحروب الطائفية وسفك الدماء وفوضي الفتاوي المنافية للدين الحنيف والاخلاق النبيلة. وازاء ذلك يمكن فهم الدوافع السياسية والمذهبية والقبلية لبعض الجهات المعروفة التي تراهن حاليا علي لغة التصعيد والتعنت ورفع المطالب التعجيزية إمعانا في مناهضة العملية السياسية ، وسعيا الي اعادة (العراق الديمقراطي الحر) الي المربع الاول ، أي الي حظيرة \\\"حكام قرية العوجة\\\" متذرعة بالشعارات العنصرية والقومية ذاتها التي تشدق بها الطاغية وأعوانه من قبل بدعوي حماية \\\"البوابة الشرقية\\\" للامة العربية ، لكنها في نهاية المطاف اوصلتهم الي الهلكة والهوان وسوء العاقبة في الدنيا قبل الآخرة...فهل من مدكر؟؟ * حميد حلمي زادة
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع