رمز الخبر: 222937
تأريخ النشر: 22 September 2009 - 00:00

تأثير كتابة ذكريات الدفاع المقدس علي وتيرة الكتابات المسرحية

إن جانباً كبيراً من الاعمال الادبية المتلألئة في الانواع الروائية و القصصية و المسرحية و غيرها يكون قد ابدع علي اساس من الذكريات المسموعة او المقرونة من جانب المشاركين في أحداثٍ كأحداث الثورة الاسلامية و الدفاع المقدس.


الدخول في حدود جند الدفاع المقدس تأثير كتابة ذكريات الدفاع المقدس علي وتيرة الكتابات المسرحية رحمت اميني عضو في الهيئة العلمية لكلية الفن و المعمارية موجز المقال إن جانباً كبيراً من الاعمال الادبية المتلألئة في الانواع الروائية و القصصية و المسرحية و غيرها يكون قد ابدع علي اساس من الذكريات المسموعة او المقرونة من جانب المشاركين في أحداثٍ كأحداث الثورة الاسلامية و الدفاع المقدس. و يعني ذلك أن كاتبها إمّا لم يكن حاضراً في تلك الاحداث و إمّا لا يتذكر تفاصيلها أو لم تحدث له نقاط جديرة بالتأمل ليتمكن من خلالها ايجاد ظنوناً جزئية تؤدي في نهاية المطاف إلي ابداع اثر مقبول حول تلك الأحداث. فعليه يعكف الكاتب نحو ذكريات الآخرين و قيامه بالابداع اثر مشاهداته و بحوثه و التعمّق فيها. و موجز الكلام هي ان بعض الاحداث لها من الكفاية لتكون مصدراً مستفيضاً و ثراً للابداعات الادبية و الفنية لانواع و اقسام الفنانين بما يحملون من رؤي مختلفة و اطيافاً متنوعة من السلائق و الاذواق و يكون هنا بالطبع قصدنا من ذلك احداث الحرب المفروضة و الدفاع المقدس. أ - كتابة الذكريات و تسجيل الاحداث التي تجري حولها من منطلق ايماننا بتقسيم الادب الي قسمين احداهما الادب الخيالية و الاخري الادب غير الخيالية او الوثائقية فان كتابة الذكريات تكون في القسم الثاني من هذا التقسيم و بالنظر الي قيمتها، تكون في عداد الوثائق المكتوبة او المنشورة لحقبةٍ تأريخية معينة. فعليه إن كتابة الذكريات و كتابة تاريخ الحياة و امثالها تكون نوعاً من الكتابة التي يحاول فيها الكاتب اعادة عرض الوقائع التي كان قد شاهدها بعينه او سمعها باذنة او يثق بها بحيث يستطيع القارئ لها او من يسمعها ان يشغل قوة تصوّره و ان يصور تلك الوقائع في ذهنه. من البديهي في هذا التعامل ينبغي أن تكون لكاتب الذكرية او منظمها المقدرة الكافية ايضاً لوصف الاحداث و شرحها. لذلك ينبغي علي الكاتب ان يكون علي علم جيد بطريقة الكتابة و اسلوبها و استخدام الكلمات و العبارات في محلها و في النتيجة ان يكون له إلماماً كافياً بلغة الكتابة. و يكون العمل هكذا في كتابة الذكريات ككتابة تاريخ الحياة للاشخاص فهناك طريقتان كليتان مرسومتان و هما: إمّا ان يكون الشخص كاتباً لذكرياته أو يتولّي كاتب آخر مهمة تنظيم و كتابة هذه الذكريات: ب - الدفاع المقدس؛ حادث ذو اهمية خاصة و الآن نأخذ بنظر الاعتبار وضعاً يكون فيه الفرد او بعض الافراد حاضرين في الحادث و يرغبون في شرح الحادث لافراد لم يكونوا حاضرين في ذلك الحادث. بغض النظر عن الدوافع الفردية او الخاصة التي تؤدي الي كتابة و تسجيل و تخليد حادث بواسطة شرح او وصف الذكرية المتعلقة بالحادث المذكور، و تارة يحظي الحادث من الناحية التاريخية و الاجتماعية بتلك الاهمية يجعل جمع كبير من الافراد يشاركون فيه. و في الواقع ان بعض الاحداث تكون واسعة حيث تترك تأثيرها علي مختلف الشؤون الفردية و الاجتماعية في المجتمع في كافة أرجاء البلد. فمن مثل هذه الاحداث، الاحداث المتعلقة من ناحية التاريخية بالفترة المعاصرة، كانتصار الثورة الاسلامية و بعدها اندلاع الحرب المفروضة و الدفاع المقدس حيث كان الحادثين اساسيين و مؤثرين في تاريخ التحولات السياسية و الاجتماعية في العالم. و قد تركا آثارهما و تداعياتهما حيث يمكن ملاحظتها في المجال المعيشي للشعب. و قد تأثرت الادب و الثقافة و الفن بهذه الاحداث و قام الفنانون و الكتـّاب سواء خلال اعوام انتصار الثورة الاسلامية او بعدها في اعوام الدفاع المقدس الثمانية بابداع اعمالهم و التي تشمل في المجال الادبي النوعين الخيالي و غير الخيالي. و إن جانباً كبيراً منها يشمل الاعمال المكتوبة التي قدمت علي شكل الذكريات. النقطة الجديرة بالاهتمام هي ان جانباً كبيراً من هذه الاعمال الادبية الممتازة جاء في الانواع الروائية و القصصية و المسرحية و امثالها علي اساس من الذكريات المسموعة او المقروئة للافراد المشاركين في احداث الثورة الاسلامية و الدفاع المقدس. و يعني ذلك إن الكاتب لها امّا لم يكن حاضراً في تلك الاحداث و امّا انه لا يتذكّر تفاصيلها أم أنه لم تحدث له نقطة جديرة بالتأمل ليتمكن من خلالها ابداع اثر مقبول حول ذلك؛ فعليه انه يعكف نحو ذكريات الآخرين و من خلال المشاهده و الدراسة و التعمّق فيها يقدم ابداعه. و الخلاصة هي ان بعض الاحداث فيها من الكفاية لتكون مصدراً فياضاً و ثراً لانواع الفنانين و اقسامهم بما يحملون من رؤي مختلفة و طبقاً متنوعاً من السلائق للابداعات الادبية و الفنية؛ و إن ما نقصده هنا الحرب المفروضة و الدفاع المقدس. ج- الكتابة المسرحية و الابداعات المختلفة بالرغم من كون الكتابة المسرحية في زمرة الادب الخيالية و تعتبر في الاصل احد الانواع الادبية؛ و لكن في العرض تتكامل برؤية و تحليل المقدمين لها من جانب المخرج و العوامل التنفيذية. فعليه إن الكتابة المسرحية في ابداع العمل المسرحي تكون بحاجة الي اسلوب من تلميع الشخصية التي تختلف اختلافاً اساسياً من تلميع للشخصية الموجودة في الانواع الادبية الاخري كالرواية و القصص القصيرة. و ما من شك انها تكون اصعب. لأن الاشخاص في المسرحية لم يوصفوا بشكل مفتوح و الكثير من الصبر و الامكان الخاص لكتابة انواع القصص. بل تكون لاقوالهم و اعمالهم الدور في بلورة التلميع للشخصية حتي يتم وصفهم علي لسانهم (الا في الحالات المستثناة) و الذي يعتبر ذلك ضعفاً في الهيكلية و يعكس ذلك عدم مقدرة الكاتب. و بذلك ينبغي علي الكاتب المسرحي اولاً أن يكون علي معرفة مسبقة بالاشخاص الذين ينوي- ادخالهم في عالم عمله المسرحي او من الضرورة إدخالهم في هذا العالم و إن يحمل عنهم صورة واضحة مع كافة التفاصيل. و لا يمكن التوصل الي هذه المعرفة الا في حالة رويته لهم عن كثب في الحياة الواقعية ليتمكن من صنع اشخاص ملموسين و مقبولين علي اساس من الواقع و ان يكون قد قرأ او سمع عنهم بما يلزم. بالاضافة الي معرفة الاشخاص فانه يكون من الضروري معرفة الحادث المعني و تحليل تفاصيل ذلك الحادث للكاتب المسرحي. د- طرح سؤال هام و الآن حان الوقت لطرح سؤال هام، اذا كان الكاتب يرغب في كتابة مسرحية حول الدفاع المقدس فماهي الظروف التي يحتاج الي توفيرها في ذلك. هذا الكاتب الفرضي طبقاً لما قيل في السطور السابقة يكون بحاجة الي معرفة الحادث و الاشخاص و ايجاد اللغة المسرحية المناسبة لكتابة الديالوك. فعليه ينبغي تصور نفسه موجوداً في أجواء احداث الدفاع المقدس. ليتمكن من خلال ذلك ان يحول الحادث المعني الي اعمال و ردود اعمال درامية و ايصاله الي مقصوده و هدفه. و بالنظر الي امكانية حضور الكاتب في فترة للدفاع المقدس فان احدي الفرضيات هي ان يحظي بتوفيق الحضور في هذا المكان المقدس و مراجعة ذكرياته لاعادة صنع الاجواء لتلك الحقبة في ذهنيته و يتذكر الاحداث الفرعية و الاصلية. و يستعرض في ذهنه الحوار الدائر بين المقاتلين ثم يمسك القلم بيده و يبدع الأثر. و الافتراض الآخر هو ان لا تتوفر للكاتب امكانية الحضور في جبهات الدفاع المقدس او انه يمر زمناً طويلاً علي هذه الاحداث و تنتفي بذلك مثل هذه الامكانية. و في هذه الحالة يكون الكاتب المسرحي بحاجة الي ادراك و معرفة الاحداث و الاشخاص و الحالات الضرورية الأخري لكتابة هذا الأثر ليتيح بذلك امكانية تقديم الانعكاس المؤثر لهذا الحدث العظيم للدفاع المقدس. و يكون هنا ذكر موضوع علي شأن كيفية ابداع العمل الفني شيئاً ضرورياً. يحصل الفنانون في كل مجال من اعمالهم الفنية علي مواد ابداعات اعمالهم من الاجواء المحيطة بهم سواء ذلك الفريق الذي يؤمن باعادة بناء الطبيعة و الانسان بالشكل الموجود (التوجه الطبيعي و التوجه الواقعي) و اولئك الفنانين الذين يجعلون المادة محملاً لابداع اعمالهم الفنية و هم الذين يكونوا في تصنيف المدارس ذات التوجه غير الواقعي (كالتوجه الرمزي و التوجه التقريري و امثال ذلك). ففي الحالتين المذكورتين يبقي مصدر الابداع الفني مشاهدة الفنان في الاجواء المحيطة به و كما يري الكاتب لهذا المقال ان الاعمال الفنية الجديرة بالتأمل و القيمة تكون حصيلة الرؤية المباشرة للفنان و من خلال استيعاباته المباشرة من الاجواء الموجودة حوله و اذا كانت الاجواء المحيطه به ذات احداث تاريخية او مرتبطة بالماضي البعيد او القريب فينبغي علي الفنان ان يأخذ المواد التي يحتاجها من ذكريات الافراد الذين يثق بهم و في غير هذه الحالة تعتبر الاعمال التي يتم ابداعها من خلال تجربة الابداعات المقدمة من جانب الآخرين اعمالاً من الدرجة الثانية او كما يعبّر عنها بالاعمال الكليشية. بالنظر الي هذا الموضوع، في كافة المجالات بشكل عام و في مجال ابداع النصوص المسرحية ينبغي علي الفنان او الكاتب ان يعمل بشكل دقيق و صحيح في مرحلة المشاهدة و في المجال الذي لا تكون المشاهدة للحدث امراً عملياً فيمكن الرجوع الي ذكريات الافراد الذين لمسوا ذلك. هـ- الآليات و الاستراتيجيات من اجل الافادة من الذكريات المتبقية من فترة الدفاع المقدس، فان الخطوة الاولي للكاتب المسرحي التي ينبغي ان يخطوها هي. دخوله بشكل كامل في ذكريات المقاتلين سواء الشهداء الكرام او الاحرار او المضحين و الافراد الذين حضروا في الحرب و بذلوا جهودهم بدوافع مختلفة في تسجيل احداث هذه الحرب. من حسن الحظ هناك مؤسسات عديدة عملت في منحي كتابة و تسجيل و نشر الكثير من ذكريات الدفاع المقدس و الوصول اليها لا يكون صعباً. فعليه اذا كان الكاتب يرغب بكتابة كتاب فيما يتعلق بالدفاع المقدس فانه يستطيع ان يغرق نفسه في بحرٍ من الذكريات المسجلة من هذه الحقبة الرائعة و الافادة منها بمقدار كبير. و في الظروف الراهنة ان سماع الذكريات علي لسان المشاركين في الدفاع المقدس يكون امراً متيسراً. و في مرحلة الكتابة للكتاب بالنظر الي اصول الاقتباس فهناك سبل مختلفة للاقتباس من الذكريات الموجودة. فتارة هناك بعض الذكريات تحظي بالجذابية العالية و لها نقاط الاوج و الهبوط بشكل منقطع النظير. و يمكن من خلال اجراء بعض التغييرات الجزئية فيها استخراج طروح قوية للكتابة المسرحية و تارة يمكن استخراج قصة من الذكرية بشكلٍ لا يوجد فيها اي وجه مشترك مع تلك الذكرية في الرؤية الاولي اليها. لكنها تستطيع أن توصل الكاتب المسرحي الي ادراك مختلف و بديع. ففي هذا القسم تمّ نشر نماذج من الذكريات. و الآن نقدم دراسة حول العناصر الثلاثة المهمة في الكتابة المسرحية و يعني ذلك الطرح و التلميع للشخصية و كتابة الديالوك كي نلفت انتباه الراغبين بكتابة المسرحية في هذا الحقل الي افضل المصادر من الدرجة الاولي في رواية الدفاع المقدس. 1- الطرح احد اهم اجزاء المسرحية يتمثل في الطرح الذي يتوضح فيه النهج الاصلي لمسيرة المسرحية و تظهر في العلاقات العلّية او السببية. فاذا كان الطرح يحظي بالقوة اللازمة توجد في داخله عناصر مهمة كالتعليق و نقطة الاوج و البداية و النهاية بشكل مناسب يمكن عند ذلك عقد الأمل علي ابداع اثر مسرحي بهيكلية مطلوبة. فالذكريات فيها بشكل فعلي اطروحات مناسبة لايجاد مثل هذه الهيكلية. و الآن انتبهوا الي النماذج التالية في هذا الجانب. ألقوا جمعينا في غرفة لا يوجد فيها شباك و كانت لها باب حديدية فيها ثقب واحد فقط. و جاءوا عدة مرات حتي الصباح و نظروا الينا من ذلك الثقب و عادوا. لابد أنهم كانوا خائفين من ثقب الجدران من جانب السجناء و الهروب من تلك الغرفة. كان الجو في الغرفة بارداً. و قد وضعنا علي انفسنا احدي البطانيات العراقية نمت لمدة ساعة و شاهدت حلماً و انا في مكان كبير و كنت حيران واضعاً رأسي علي ركبتي و أبكي بصوت عال. في تلك الظروف جاء شخص مسح يده علي رأسي و قال لي لماذا تبكي؟ دون ان ارفع رأسي شعرت بان الشخص الواقف فوق رأسي له وجه نيّر فقلت له ألا تري اننا وقعنا بيد الاجانب؟ و اظهرت له مكان جروح القيود علي يديّ و قلت له «إنهم يؤذوننا كثيراً.» فقال لي بصوت هادئ: «امسح دموعك، لا تبكي- لا تخشي. لا يستطيعون القيام بشيئ ستعودون ثانية الي ايران». في هذا الانموذج سوي الخط الموجود لمسيرة الموضوع الذي يبلور الطرح يأتي صنع الاجواء لمساعدة قوة الخيال و توجد في ذهن الكاتب قصص مختلفة لكتابة المسرحية فانظروا الي انموذج آخر يرتبط بالمرحلة الاولي للحرب و فتح خرمشهر: «منطقة الجمارك ايضاً كانت قد تحولت الي قصة. فكانت رزمات البضائع قد تحولت الي مشكلة عويصة. فكنت تلاحظ وجود خلف كل رزمة مجموعة من البشر فلو اردت ان تطمئن من هويتهم و هل انهم عراقيون ام ايرانيون كنت تتعرض الي الموت. كان وجود الرزم للبضائع شيئاً جيداً لانها كانت تشكل حائلاً امام القوات العراقية و كانت هذه القوات لا تستطيع التقدم بسهولة. كما و انها كانت سيئة من جانب آخر لأن العراقيين كانوا يختفون خلفها. لقد عمل العراقيون مدة ثلاثة ايام كل شيئ للسيطرة علي منطقة الجمارك و لم يفلحوا. فكانوا يتقدمون من كل جانب لكن الاولاد كانوا يرموهم من مكان و يتوجهون خلف العراقيين. فكان العراقيون يخشون و ينسحبون من الجمارك. و قد تكررت هذه العملية نحو عشر مرات في الكر والفر علي الجمارك بين الجانبين كانت المدينة قد تحولت الي انقاض اثر قصفها بقذائف الهاون من منطقة جنت آباد. و كان يتم نقل الشهداء الي آبادان و كانت المستشفي مصابة بالشلل بشكل مقطوع عنها الماء و الكهرباء و اذا كان شخص يظهر مثل بهنام محمدي كان ينقل الماء من الشط للاولاد فكان يأتي بالماء و في غير هذه الحالة كان لا يمكن العثور علي الماء هناك. في هذا النموذج يمكن كذلك العثور علي قصص جذابة لابداعها. و الاشخاص الذين جاءت اسماؤهم في هذه الرواية يمكن ان يتحولوا الي شخصيات محورية في الأثر المسرحي حيث يطلق عليهم في العالم المسرحي اسم الشخصية المحورية. و بشكل عام ان رواة الذكريات عادة يكونوا في صميم الاحداث و انهم يقدمون الوصف للذكريات او انهم يكتبون تلك الذكريات. فعليه ان اعمالهم و اقوالهم ترشد القارئ الي الجوانب المختلفة و التحتية لشخصيتهم و في الواقع يتم عرض عالمهم الخارجي و عالمهم الداخلي للقارئ. و من جانب آخر، إن الذين يتم وصفهم من جانب الراوي في معظم الحالات يكونوا من اصدقائه القريبين او من زملائه في السلاح حيث يتم وصفهم و الحديث عن شخصيتهم طوال الحديث عن تلك الذكرية. و اذا كان الكاتب ينوي كتابة المسرحية علي اساس الاشخاص فانه يستطيع ان يضع مقاطع مختلفة الي جانب بعضها و يقدم صورة واضحة نسبياً عن تلك الشخصية. و في بعض الاوقات يكون اسلوب الرواية علي شكل يصف المنظم للذكرية ككاتب الرواية الشخصية المحورية للذكرية. فلاحظوا النموذج التالي في هذا الچانب: «سيد علي اكبر ولد في مدينة قم لكنهم اخذوا جنسيته من دائرة الجنسية من طالقان. و قد درس حتي الصف الخامس في قم و حصل علي شهادة السادس الابتدائي من قزوين. و بعد عودته ثانية الي قم درس في فرع الرياضيات في ثانوية «دين و دانش» و ثانوية حكيم نظامي في هذه المدينة و حاز علي الشهادة الاعدادية. و كان ذكاؤه الخارق قد دفع خاله حجة الاسلام السيد علي غروي الي ان بقترح عليه مواصلة دراسته في المانيا علي نفقته الخاصة لكن ابوترابي كان راغباً الدراسة في الحوزة العلمية. و من اجل ابتعاده عن الحاح خاله استجاز والده أن يتوجه الي مشهد المقدسة و بدء الدراسة الحوزوية. كانت اعوام دراسة العلوم الدينية في مدرسة نواق بمشهد صعبة جداً و بالنظر الي المرتب الشهري القليل جداً الذي كان يتسلمه كان مضطراً لشراء خبز السنكك و تجفيفه و يتناوله كغذاء رئيسي، و كان غذاؤه الوحيد في معظم الظروف مؤلف من قطعة من هذا الخبز السنكك فقط. لكنه كان يشارك بشوق و حماس في البحوث الحوزوية. و كان من الطلاب الاذكياء و المعروفين في مدرسة نواب. ذات ليلة كان من المقرر ان يرتدي في غدها العمامة كان يشعـر بالشك بشأن ما اذا كان يحظي بلياقة ارتداء زي رجال الدين ام لا. ففي تلك الليلة رأي حلماً عجيباً. في عالم الحلم وجد نفسه واقفاً الي جانب مزار جده آية الله السيد محمد باقر قزويني و فجأة انفتح قبره و نبع من القبر ماء زلال مع اسماك حمراء و جميلة و طفحت رفات جده مع جريان الماء علي سطح الماء فكانت الرفات طافحة علي سطح الماء و الاسماك الجميلة تسبح حولها». 2- تلميع الشخصية احد العناصر المهمة جداً في ابداع المسرحية يتمثل في التوجه نحو الشخصية. فعلي الكاتب المسرحي ان يكون علي معرفة بالجوانب المختلفة الخفية و الظاهرة للاشخاص الذين يدخلهم في عالم المسرحية و اظهاره لبعض الجوانب اللازمة في نسج عمله المسرحي و اظهار اخلاقهم و اطباعهم في الاعمال و الاقوال بالنظر الي الطرح الموجود لهذا العمل المسرحي. فمن مصاعب اعمال الكاتب المسرحي هي انه يحظي بمجال اضيق بكثير من مجال عالم الرواية و حتي من مجال القصة القصيرة. و لا يستطيع التعريف باشخاصه علي لسان الاشخاص انفسهم او عبر الآخرين. بل يكون بحاجة التي امتلاك قدرات في مجال كتابة المحادثة (الديالوك) و سنشير الي ذلك في القسم الآخر من هذا المقال. و لكن عندما تتم مطالعة او استعراض ذكريات الاشخاص الحاضرين في الحادث من جانب الكاتب المسرحي، و قد لم يتمكن من ان يكون حاضراً في واقع الحدث، لكنه يتمكن من معرفة خصائص الاشخاص الحاضرين فيه عبر رواية الاشخاص الذين كانوا حاضرين فيه. فانظروا الي النموذج التالي: «تأمل، الأمير أفضلي ايضاً كان موجوداً في هذه الكتيبة. و قد وجدته في دور جماعته و كان قد جمع وسائله و قد وضع خرجين الأغاثة علي كتفه و كان يبحث عن فردة بوتينه و قد اخرج من خرجه مقداراً من الورق و الرسائل و قال هذه الرسائل التي ارسلوها الي قد وصلتني في دفعة واحدة، امير هو ولد شاطر و متكلم لا يتأخر في العمل. لا يخضع للابتزاز. هذا يشكل مصدراً للارتياح. كانت له الرغبة للمجيئ الي كتيبة مالك. الخبر السار الذي سمعته حوله هو مجيئ ابيه و امه الي الثكنة لزيارته. عندما لاحظ الاخ الموضوع يقول إن ابوي امير كانا ينويان الذهاب الي يزد لكنهم يقررون التوجه الي انديمشك. لعلهم يستطيعون زيارة امير. لقد اعطي الله الصبر لهذه الاسرة. و من جانب آخر إن أمير مع وجود كافة المشاكل النفسية و الجسم الضعيف و تلك المشاكل التي لاحظها في كتيبه حمزة مازال مقاوماً. كمثال علي ذلك إن هذه الكتيبة ستقلع من مكانها، في حين كانت في مهران قبل ايام تقوم بمهام الدفاع ضد الجو» في النموذج الذي قرأتموه يصف الراوي للذكرية جانباً هاماً من شخصية امير افضلي و قدم توضيحات يمكن ان تكون مهمة جداً للكاتب المسرحي. من المؤكد عندما يرغب الكاتب المسرحي ابداع مثل هذه الشخصية الدرامية فهو يجري دراسة و اكمال معلوماته حوله او حول الاشخاص المشابهين له. انتبهوا الي انموذج آخر حول الاسري من النساء الايرانيات. «صديقة فياضي كانت طالبة جامعية في فرع التمريض و كانت تعمل في بداية الحرب في غرفة العمليات الجراحية. ساعدتني كثيراً و قد علمتني اسماء الوسائل و كيفية العمل بها في غرفة العمليات الجراحية. و عندما بدأ العمل في العملية الجراحية، صديقة فياضي كانت تعمل بسرعة كبيرة و كانت تظهر فيها حالة من العصبية و اذا كانت تلاحظ قلة العمل او التكاسل كانت تنبه ذلك بصوت عال. و كانت تنظر الي العمل بشكل جاد و لم تفوّت اية فرصة من العمل...» من الواضح تحمل المعلومات المذكورة حول الاشخاص في الذكريات قيمة كبيرة لأنها تكون حصيلة للمشاهدات المباشرة و بعيدة عن خيال رواة الذكريات و لذلك يحظي هذا الشيئ بالاهمية الفائقة للكتاب المسرحيين. 3- كتابة الديالوك (الحوار) إن نتيجة الجهود التي يبذلها الكاتب للنص المسرحي بعد التخطيط للموضوع و معرفته للاشخاص و تلميعهم يحصل عليها في كتابة الحوار (الديالوك). و من اللازم ان نعلم بان الديالوك لا يشكل مجرد حوار اعتيادي يومي بل يكون بحاجة الي قلم قدير كي يتمكن من تبديل الحوار الاعتيادي الي ديالوك. كمثال علي ذلك ان الديالوك الجيد له عدد من الخصائص و منها أن يأخذ بالاحداث قدماً و يعرف الاشخاص و يصنع التحديات الداخلية و الخارجية و غير ذلك. و لكن علي اية حال ان الشرط الاول لفهم و ادراك الديالوك هو حوار اعتيادي يومي و تسجيل في حافظة الاجواء الموجودة حولها و لها اذن صاغية و دقيقة و حتي أن بعض الكتـّاب لديهم دفتر مذكرات صغير يسجلون فيه الاحاديث اليومية الجذابة. فاذا كان الكاتب غير قادر بأي سبب سماع الحوار الخاص في الاحداث الخاصة كالدفاع المقدس عن كثب. فيقوم الكتـّاب المسرحيين بنقلها و يقومون بذلك تلبية جانب مهم من حاجات الكتـّابب المسرحيين. لاحظوا الانموذج التالي. بهروز و الملازم تحركا، ذهب نحو العقيد. و كان العقيد مستلقياً داخل المتراس؛ المتراس الموجود في الحديقة إلي جانب الجسر، - سيدي العقيد لايوجد في المدينة اي شخص. و قد بقي عدد من اولاد المدينة فقط. و قد تقدم العراقيون حتي ساحة الشهداء، تدبروا امراً. - ماذا نعمل؟ جاءت قوة قوامها 600 جندي خلف الجسر، الطريق مسدود. - علي أن اقف هذه الليلة امام السيد العقيد... اذن علي اقل تقدير قولوا للاولاد ان لا يتركوا الجسر و عدم تركنا في الوقت المحدد. - لا، كن علي ثقة لو حدث شيئ ساخبرك بذلك. - بهروز و الملازم عادا للجنود. و قام الملازم بتقسيم الاولاد. من ساحة البوابة و حتي الجسر وضع رأس كل زقاق عدد من الافراد. كان قد استقر بال بهروز شيئاً. كان يمكن الحصول علي شيئ من الاستراحة و لكن التعب كان قد اضناهم توجهوا الي مقر قوات الصاعقة. علي مقربة من المسجد الجامع. لم تمر ساعتان حيث عاد الملازم. - السيد مرادي، السيد مرادي! ابحث عنك منذ ساعة، هل لا تعرف ما حدث؟ - لا، ما حدث؟ - العقيد قال علينا ان ننسحب. - بات الوقت متأخراً. لنجد كل من هو موجود في المدينة. ينبغي اخلاء المدينة قبل بزوغ الفجر. - لماذا اخلاء المدينة؟ اربعون فرداً من القوات موجودون هنا. هل تعلم ما معني اربعين فرداً من القوات؟ - لكنها اوامر. اذن ما ينبغي علي ان اعمل كما تري؟ - ما هي الاوامر؟ ما هو الأمر الذي جاءك؟ امر الانسحاب يجب ان يكون في وقته. مازالت المدينة نصفها في ايدينا. اين نذهب؟ اذهب و قل للعقيد ان يرسل لنا قوات اضافية. - قلت له. انه يقول القوات لا تأتي. يقول ان الجسر يكون في مرأي و مرمي القوات العراقية. افراد قوات الكوماندوز ايضاً ينوون الذهاب الي الجانب الآخر من النهر». نؤكد ثانية بان العبارات المذكورة هي عبارات واقعية تقريباً و انها كانت في صميم الحادث مع اجراء شيئ من التعديلات عليها. و لها هذه الخصوصية المهمة و هي أنها تعكس طبيعة الحدث بما هو عليه. لأن الكاتب المسرحي يجري التلميع اللازم في ابداعه للمسرحية ليحول هذه العبارات الي ديالوك.
رایکم
جدید‬ الموقع