أن لمحررين حرب دامت ثمان سنوات من الدفاع المقدس «الحرب العراقية الايرانية» ذكريات وقصص اختلفت الوانها واشكالها ومكان وزمان وقوعها وتختلف من شخص لآخر.الا أن أكثرهم يحملون ذكريات خاصة بشخص يمتلك خصوصية وهو المرحوم السيد ابو ترابي الذي لم يترك فرصة الا واستغلها لتغيير أجواء الأسر وتعزيز معنويات الأسرى من جانب وابداء النصح والإرشاد للجنود العراقيين والضباط العراقيين من الجانب الاخر.
وجاء في تقرير المراسل الثقافي لوكالة أنباء تسنيم بأن جميع الأسرى الذين رافقوا حجة الإسلام السيد ابو ترابي في الأسر عرفوه بأنه كان عنصرا مؤثرا فيهم. فقد عزز روح المقاومة والإرادة والتحمل والصبر في نفوسهم. ولولا حضوره بينهم لبقي الكثير من المشاكل بدون حل ولتفاقمت معاناتهم.
كما أن الأسرى الإيرانيين كانت تجمعهم مع هذا الشخص ذكريات جميلة قضوها في معتقلات النظام البعثي السابق.
أن السيد علي أكبر ابو ترابي هو من مواليد قزوين ( 1939م - 2000م) شغل منصب ممثل طهران في مجلس الشورى الإسلامي( البرلمان) لدورتين الرابعة والخامسة. كما أنه من مؤسسي جمعية مضحي الثورة الإسلامية في إيران. وبسبب كبر سنه وموسوعته العلمية لقب ب «سيد الاسرى» وبعد إطلاق سراحه لقب ب «سيد المحررين».
بعد مرور 14 عاما على وفاته وبسبب نشاطه الثقافي والإعلامي والديني خلال فترة اسره منحت أسرته وسام عزة المجاهد في سوح الثقافة والفن.
أن السيد ابو ترابي رافق الشهيد «مهدي شمران» في سوح القتال خلال الحرب العراقية الايرانية إلى أن تم أسره. وخلال فترة اسره لعب دورا مميزا في معسكرات الأسر العراقية هون على الأسرى ثقل ومعاناة هذه المعسكرات.
في عام 2000م بينما كان قاصدا زيارة الامام الرضا عليه السلام برفقة والده تعرض إلى حادث سير انتقل أثره إلى ربه ووري جثمانها الثرى في صحن (أزادي) الحرية إلى جوار المرقد الطاهر للامام الرضا عليه السلام..
أن لمحرري حرب دامت ثمان سنوات من الدفاع المقدس «الحرب العراقية الايرانية» ذكريات وقصص اختلفت الوانها واشكالها ومكان وزمان وقوعها وتختلف من شخص لآخر.الا أن أكثرهم يحملون ذكريات خاصة بشخص يمتلك خصوصية وهو المرحوم السيد ابو ترابي الذي لم يترك فرصة الا واستغلها لتغيير أجواء الأسر وتعزيز معنويات الأسرى من جانب وابداء النصح والإرشاد للجنود والضباط العراقيين من الجانبالاخر.
ننقل هنا خواطر وذكريات عدد من المحررين من معتقلات النظام العراقي السابق عن السيد ابو ترابي اقتطعناها من كتابه قدس الله سره.
تحية عسكرية..
أن الفريق نزار رئيس لجنة الأسرى الإيرانيين في العراق هو ضابط شديد القسوة لا يعرف للرحمة معنى. جاء يوما إلى معسكرنا للتفتيش. وبعد انتهاء جولته وهم بالخروج من باب المعسكر رافقه السيد ابو ترابي. وعند توديعه قال له ابو ترابي: « أن هذه الكيوه (حذاء خفيف من القماش) حاكها أحد الأسرى أقدمها لك هدية للذكرى»! سأل الفريق بتعجب وخيرة «من انت ؟» اجابه انا ابو ترابي. وكان رد هذا الضابط الكبير الذي يرافقه جمع من الضباط والحراس هو اداء تحية عسكرية للسيد.!
وقف الأسرى الإيرانيون والضباط والجنود العراقيون ينظرون باستغراب ودهشة لما قام به السيد. في حين راح هذا الضابط العراقي يتحدث مع ابو ترابي فترة ليست قصيرة مستطلعا وضع الأسرى. كما أمر مسؤول المعسكر أن يوفر احتياجات الأسرى ويهيئ لهم شيئا من الرفاهية.
عبدالمجید رحمانیان:
تاثر أحد مسؤولي التعذيب بالسيد ابو ترابي:
أن المسؤولين العراقيين كانوا يحاولون دائما أن يعينوا جنودا وضباطا كمراقبين على معسكرات الأسرى الإيرانيين من اناس يحملون شيئا من الحقد والضغينة بحيث لا يمكن إقامة علاقة معهم. كان أحد الحراس العراقيين اسمه كاظم وهو شيعي. قتل أحد اشقائة في الحرب كما تم أسر اثنين آخرين من قبل القوات الإيرانية. وكانوا انذاك يعيشون في معسكرات الأسرى في إيران. عندما جاؤا بالسيد ابو ترابي الى معسكرات ومنذ اليوم كان كاظم بعذب السيد دون رحمة بحيث كان جنودنا يقفون خلف الشبابيك ويشاهدون حملات التعذيب ويجهشون بالبكاء بصوت عال. ومن شدة التعذيب كان جسد السيد ينزف من أعلاه إلى أدناه. رغم هذا كلما كان كاظم يمر على السيد يقوم السيد ويسلم عليه!!. وأخذ كاظم يتعمد المرور على السيد وكان شيئ يخفي في نفسه. في احد الايام وبعد مرور اشهر على هذه الحادثة ذهب السيد ليغسل ملابسه. ما كان لكاظم إلا أن يقصده ويقف إلى جانبه. وبعد غسل يديه اخذ يتحدث إليه.وبعد ايام تكرر هذا المشهد. وبعد مرور عدة أيام ذهبنا الى السيد لنساله عن كاظم وعن ماذا كان يتحدث اليه؟ وسالناه:
-ماذا يريد كاظم منك؟ وعن ماذا كان يتحدث معك؟
- يبدو أن كاظم لن يتركني!
- يجب أن لا ننسى بأن كاظم هو انسان..!!.
كررنا السؤال وبإصرار ..قال: « أن كاظم وكما تعلمون شيعي. يأتي الي يسال بعض المسائل الشرعية!».
في يوم من الايام جاء عدد من المسؤولين ليأخذوا السيد من المعسكر ولا ندري لماذا والى أين. الغريب في الأمر هوأن أكثر المشرفين على المعسكر انزعج من أخذ السيد هو كاظم حيث اجهش بالبكاء!. فبينما السيد يصعد السيارة هرع مسرعا إلى الضابط ليقول له شيئا. ويبدو طلب منه أن يرافق السيد بذريعة الحؤول دون هروبه. لكن في الواقع أراد أن يبقى معه يوما واحدا على أقل تقدير. بعد ذلك التقينا السيد مرة أخرى لكن لم يقل شيئا ماذا دار بينه وبين كاظم. وما الذي حصل حتى يتغير سلوك كاظم بهذا الشكل!!.
سعید اوحدي:
فدائيو صدام تأثروا باخلاق السيد ابو ترابي
كان أحد حراس المعسكر عنيفا سيئ الاخلاق.
وكان يفتخر بأنه ،«بعثيا ومن فدائي صدام». في احد الايام قام بتعذيب السيد بشكل عنيف. بحيث أصبح لون جسمه أسودا. ورغم الأساليب الوحشية التي كان يستخدمها ضد السيد إلا أن ابوترابي كان يحترمه.
في احد الايام جلست مع السيد في إحدى زوايا معسكر تكريت 17 وتكلمت معه وقلت: « مساء أمس جاء كاظم وكلمني من النافذة وبكل خجل اعتذر مني وقال أنا اذيتك كثيرا في حين كنت انت تحترمني. من آلان فصاعدا ساتركك ولا اقترب منك!!».
قال السيد قلت لكاظم:«سيد كاظم لا تفكر بأني احترمك لانك امير وانا اسير. حتى اذا خرجت من الأسر وشغلت منصبا مهما في الدولة وشاء القدر أن أراك سوف احترمك أيضا . ولربما أكثر من الان !!».
أن أسلوب السيد في تعامله وأخلاقه السامية جعلت الجندي البعثي أن يتخلى عن العنف في تعامله مع الأسرى.واخذ يدخل ويخرج من المعسكر بهدوء لا يمس أحدا باذى. كما أخذ يصلي ويصوم. وحتى في غير شهر رمضان كان يصوم.وعندما عرف البعثيون بأن كاظم قد تغير شخصيته نقلوه إلى معسكر اخر.
حسن میر سید:
- نتيجة صفعة بوجه السيد ابو ترابي!!
في الأيام الأخيرة من أسرنا. وقت مشكلة في إحدى غرف المعسكر رقم 17. فسمعنا ضجيجا وعراكا حتى جاء أحد الحراس العراقيين وطلب احضار السيد. سرعان ما قدم السيد وسلم على الحارس. إلا أن الحارس رفع صوته بحيث اربك الحضور وحمل السيد مسؤولية ما حدث في الغرفة ثم صفع السيد على وجهه وغادر المكان.وفي اليوم التالي اخذ اجازة وسافر الى بغداد. لم يمض يوما إلا أن عاد إلى المعسكر ولم يكمل إجازته. ناداني ولكن ظهر عليه الاضطراب وسأل عن السيد. سألته «لماذا رجعت بسرعة ولم تكمل اجازتك. هل حصل لك شيئ.؟ »
قال: عندما وصلت البيت كنت متعبا فنمت وفي المنام وكان في عالم الرؤيا سيد ظهر عليه الوقار ولكن غضبان فناداني وقال: لما تعرضت ابني وصفعته؟ فقلت له ومن هو ابنك؟ قال السيد ابو ترابي..! اذا لم تعتذر منه فستواجه مشكلة كبيرة. فزعت من نومي مذعورا. وأصبحت بحيرة من امري ماذا افعل. والدتي مريضة وحالتها خطرة. لذا قررت أن أرجع الى المعسكر واعتذر من السيد!!».
جاء الى السيد انحنى وهم يقبل قدمه إلا أن السيد منعه ولن يسمح له بذلك. بعدها انحنى وبكل اصرار على يده وقبلها عدة مرات.
السيد ابو ترابي أراد أن يهدأ على الحارس فقال له :«انسى الموضوع. نحن اخوة.انا لم احمل في قلبي حقدا عليك.!!». إلا أن الجندي بقي متوسلا وراجيا من السيد أن يعفو عنه حتى قسم عليه أن يغفر له. هذا الموقف أثار احاسيس ومشاعر الأسرى حيث راح بعضهم يضج بالبكاء.