الشهيد «عباس دوران»
الولادة،: 1950م الاستشهاد : اخر يوم من شهر رمضان المبارك عام 1982م.
#طيار أعفي من الخدمة ليصبح الطالب الاول في الحرب.
لقد تفاجئ الشهيد عندما استلم كتاب إعفائه وإخراجه من الخدمة فالتزم الصمت وهو في حيرة من أمره. كانت الثورة آنذاك في أيامها الأولى من الانتصار وكان المنافقون من مختلف تنظيماتهم معتصمين في
الجامعة مرددين شعارات تدعو إلى حل الجيش والغاء قيادات القوات المسلحة وخاصة القوة الجوية واعفاء الطيارين من الخدمة.
كان عباس دوران أحد المنتسبين للقوات المسلحة واسمه في قائمة الأشخاص المطلوب إخراجهم من الخدمة فتم إعفائه من القوة الجوية. والغريب والمضحك بنفس الوقت هو أن إحدى التهم الموجه إليه استلامه وسام وسلاح صيد كهدية من احد المسؤولين انذاك لنشاطه وفاعليته وجديته.
في عام 1980م عندما بدأت القوات العراقية تتحرك باتجاه الحدود الإيرانية واخذ الطيران العراقي يقصف مدن نفت شهر ومهران واستشهاد العديد من الأبرياء في هاتين المدينتين أثار حفيظة عباس حيث لم يعد قادرا على تحمل ما يشاهده من جرائم فتوجه إلى احدى القواعد الجوية عارضا خدماته وتطوعه إلا أن أمر القاعدة لم يكن حينها مقتنعا لطلبه وهذا ما أثار مشاعر الشهيد فجهش بالبكاء وقال« انا طيار درست وسافرت للخارج لإكمال دراستي بأموال هذا الشعب وقد جئت للدفاع عن شعبي أمام العدو ». وعندما ياس من إقناع أمر القاعدة عاد إلى القوة الجوية عارضا خدماته إلا أنه لم يحصل على الموافقة.
وعندما توغلت القوات العراقية في العمق الإيراني في 22 سبتمر 1980م قد تم انتخاب عباس دوران اول طيار لمواجهة العدو. حيث شارك في أول هجوم جوي خططت له القوة الجوية والتي شاركت فيه طائرات سمتية ومقاتلات وقاذفات. وذلك بعد ساعتين فقط من الهجوم الشامل للقوات العراقية. فقصفت الأهداف العراقية المهمة. واستطاع الشهيد عباس خلال فترة مشاركته في الحرب أن ينفذ أكثر من 100 طلعة جوية.
# عمليات الطيارين الإيرانيين خلقت شحة في المصابيح اليدوية!!
قال صدام متهكما في مقابلة مع تلفزيون بي بي سي وبأسلوب مهين«اذا تمكن طيار ايراني الاقتراب على بعد 50 ميلا من محطات كهرباء البصرة فساعطيه جائزة مقدارها راتب سنة كاملة من رواتب القوة الجوية العراقية». لم تمر سوى 150دقيقة على هذه المقابلة واذا بمحطات كهرباء البصرة تقصف وتدمر من قبل ثلاث طيارين هم (عباس دوران و حیدریان و عليرضا یاسیني).
إن المقابلة التي أجراها صدام مع قناة بي بي سي بعد قصف المحطات أثارت رد فعل مراسلها حيث قال:،(اليوم تحدث الرئيس العراقي وبكل ثقة عن قدرات دفاعات القوة الجوية العراقية في الحفاظ على المنشآت ومحطات الطاقة والمراكز الاقتصادية أمام هجمات الطائرات الايرانيةولكن لم اكمل تنظيم المقابلة واذا بالطائرات الايرانية تقصف محطات كهرباء البصرة وتدمرها وأصبح جنوب العراق يعيش في ظلام دامس حتى حصلت شحة في مبيعات المصابيح اليدوية). وانهى مراسل بي بي سي تصريحه بجملة ساخرة حيث قال : « طبعا لم تسنح لي الفرصة أن أسأل الرئيس العراقي كيف تقدم الجائزة للطيار الايراني؟»
# بغداد والوضع الامني
اعلن صدام حسين وبكل ارادة وثفة بالنفس بأن مؤتمر عدم الانحياز يعقد في العراق. والهدف من ذلك هو إعلامي يريد به أن يظهر للعالم بأن العراق قلعة لا تخترق. منذ أن صدر عن العراق هذا الاعلان بدأت في إيران وعلى مختلف المستويات دراسة هذا الموضوع وخرج الجميع بنتيجة واحدة وهي القيام بعمل عسكري حتى يفهم الجميع بأن العراق بلد غير آمن ولا يصلح لاستضافة المؤتمر. وحينها بدأت القوة الجوية تدرس القيام بعمليات كبرى فاختارت كأول عملية هي قصف مصفى «الدوره» الواقع في محيط بغداد. وتم اختيار هذا الهدف بدراسة وذكاء وذلك من أجل أن يطلع المراسلون الذين استقروا في أحد الفنادق القريبة من المصفى
على هذه العملية حتى ينقلوا الخبر إلى وسائل الإعلام العالمية باسرع ما يمكن.
بدأ القادة العسكريون يدرسون ويناقشون تنفيذ هذه الخطة ومن هو الطيار الشجاع الذي سيقوم بهذه المهمة الخطيرة. وبعد اسبوعين من الاجتماعات قرروا اختيار الشخص الذي حقق 105ساعة طيران حربي وشارك في عمليات كبرى منها قصف معسكر الرشيد وسط بغداد وتدمير خمسة بوارج عراقية وكذلك قصف مصفى كركوك وتدمير جسور المواصلات إضافة إلى عمليات اخرى سجلها في صحيفة أعماله البطولية الا وهو الطيار الشجاع عباس دوران.
# لا صلاة لعيد الفطر إلا بعد تأديب صدام!
قبل أن يحلق الشهيد عباس كتب في دفتر مذكراته ما يلي « احتمال 90% لن تكون لي عودة» أصبح كل شئ واضح لعباس مثل النهار مثل حق وطنه أمام العدو الباغي والمعتدي لذا قبل بالمهمة التي أوكلت إليه عن وعي تام.
في فجر اخر يوم من شهر رمضان المبارك أعلنت وسائل الإعلام العالمية بأن طائرتين مقاتلتين وقاذفتين قصفتا مصفى الدورة الذي يعتبر الشريان الاقتصادي للعراق.
إن العملية البطولية التي نفذها الطيارون الابطال وضعت العالم وخاصة دول عدم الانحياز في حيرة من أمرهم. هل يصدقون ما يدعيه الرئيس العراقي بأن عاصمته تنعم بالامام ولا يعكر أجواءها شئ ام العمليات الكبيرة والخطيرة التي وقعت في قلب بغداد؟.
بعد أن انجز الطياران مهمتهما وحاولا مغادرة الأجواء العراقية بسرعة إصاب صاروخا معاديا الجناح الأيمن لطائرة عباس مما حول الفرحة إلى الم وحزن. وبينما كان مساعده مشغول بإعداد تقرير عن وضعية الطائرة واذا بصاروخ اخر يصيب مؤخرة الطائرة مما اشعل النار بالطائرة وراحت تفقد توازنها رويدا رويدا.
وبما أن عباس هو الذي يقود العمليات طلب من مساعده الهبوط بالمظلة حتى ينقذ حياته ومن ثم هو الآخر يهبط بالمظلة لكنه قال « لقد سبق أن قلت لن استسلم للبعثيين واسقط أسيرا بايديهم».
الشهيد عباس أخبر طيار الطائرة الثانية في آخر اتصال معه بأنه سيعود إلى بغداد لضرب الهدف الثاني ولم يكن أحد يعرف ما هو هذا الهدف. فاتجه بطائرته المشتعلة مرة أخرة الى بغداد لينفذ اخطر عملية.
فقصد صالة اجتماع مؤتمر عدم الانحياز وخلال دقائق معدودة هاجم المبنى مفجرا طائرته فيه حتى يثبت للعالم أن ما ادعاه صدام بصفاء الأجواء العراقية مجرد هراء.
هكذا أثمرت دماء الشهيد عباس الزكية حيث تغير مكان انعقاد مؤتمر عدم الانحياز من بغداد الى نيو دلهي وذلك بسبب فقدان الأمن.
إن عيد الفطر لعام 1982م وبفضل شجاعة البطل عباس دروان حمل عنوان البطولة والشجاعة. وبعد عشرين عاما من الصبر والمعاناة عثر اصدقاء ومحبو عباس دوران عام 2003م على محل دفنه فنقلوا رفاته وبعض متعلقاته إلى إيران.