السؤال: كما تعلمون كانت مناضلات الشهيد الصفوي ثقافيا قبل أن تكون سياسيا- نظاميا، يعني إنه بدأ مناضلته الأولي متأثرا بآراء الكسروي، و الآن ما رأيكم بشأن تأثير هذه النهضة خاصة في تلك اليوم بين المثقفين و العلماء؟
الجواب: علي العكس العمل الذي قام به الشهيد ما كان ثقافيا فحسب بل كان سياسيا و عسكريا و ثقافيا. كان عسكريا لأن الشهيد الصفوي حاول لقتل الكسروي و لكن فشل و بعد لذلك قتله احد اصحاب الشهيد و هذا يعني إن الكسروي تعرّض للعمل العسكري من جانب الشهيد الصفوي مرّتين. مرة ضربه الشهيد بالسكّين و مرة اطلقت المرحوم السيد حسين الإمامي الرصاص عليه فقتله. و كما قلنا آنفا كان هذا العمل سياسيا لأن النهضة التي كان الكسروي من روّادها كانت لها ماهية ضد الدينية و هو منظره و منشئه و لهذه النضهة ماهية سياسية. لا يستيطع أحد أن يدّعي أحد أن الكسروي كان عنصرا غير سياسيا هل يمكن هذا القول؟ الكسروي هو عنصر كانت نشاطاته منذ بداية النهضة الدستورية و بعدها حتي اليوم الذي قتل سياسياً و كان شخصية سياسية. فلهذا المناضلة أمام الكسروي ما كان لمكافحته الدين بل كان بسبب آرائه ضد الدينية التي كانت حركة سياسية و لها جذر سياسي. لذلك برأيي ما قام به الشهيد نواب الصفوي ما كان دينيا فقط بل كان دينيا– سياسيا و تم اصدائه بهذا الشكل أيضا.
لكن في مجال تأثير علي المثقفين في ذلك اليوم لا بد لي أن أقول ما كنت ذلك اليوم بينهم حتي أدرك ما وقع و فهمت بعد ذلك أن الحكومة قام بالدعايات الواسعة بشأن الشهيد و اصحابه. و ذلك اليوم كانت موقف المثقفين من الدين موقفا سلبيا و كان ذلك بسبب الآراء ضد الدينية التي تم نشرها في أوروبا في القرن التاسع عشر و دخلت ايران و بقيت حتي منتصف قرن العشرين. و هذه الفكرة كانت سائدا و يستهزؤون بالدين و يدينون كل شيئ ديني دون تبرير. و تلك كانت مستمرا حتي بعد مغادرة الحكومة البهلوية و لذلك كل ما يقع في حقل الدين كان مطرودا من قبل المثقفين و الشهيد نواب الصفوي هو الذي اتخذ طريقاً ذات صبغة دينية المئة بالمئة و المثقفون كانوا يرفضون الطريق. و نشرت في الصحف لتلك الأيام و بين الأوساط التثقيفية أخبارا عن الشهيد الصفوي التي تعتبره كأرهابي و لذلك رفضت الاحزاب السياسية و غير الدينية حتي المؤمنين عقائد الشهيد نواب الصفوي و اصحابه. إنهم يعتبرونه مجموعة ارهابية و الإرهاب يختلف عن حركة سياسية منظمة و أدي إلي حالة من الرفض بين الآخرين علي صالح الشهيد نواب و فرقة فدائيي الإسلام. برأيي نظر المثقفون إلي عمل الشهيد الصفوي كعمل غير مقبول و مرغوب و كان موقفهم سلبيا تجاه هذا الموضوع.
سؤال: ما هو تأثير مناضلات فرقة فدائيو الإسلام علي التيارات السياسية الداخلية و علي المبادرات السياسية للاستعمار العالمي خاصة في فترة بين 1324(1945م) حتي يوم 27 شهر دي سنة 1334 (1955م) يعني يوم شهادة نواب الصفوي و اصحابه؟
الجواب: مع الأسف ما نسيناه في تاريخنا المعاصر بالكامل هو تأثير تيار الشهيد نواب و حضوره في تولي الحكومة الوطنية من قبل المصدق. ليس بإمكان المصدق تولّي الحكومة إمّا كان الشهيد نواب و جهوده و مناضلاته و الرعب الذي أحدثه بين رجال الحكومة.كان المصدق في بداية حكومته مستندا إلي فرقة فدائيو الإسلام و اعلنه آية الكاشاني. لكنّهم ما كانوا يدعمون المصدق بل دعمهم كان اتحاد المصدق و الكاشاني الذي كان اتحاد ضد الاستبداد و السلطة و يمكن لنا إن نسمّي اتحاد المصدق و الكاشاني اتحادا ضد السلطة و ضد الإستبداد و ضد البريطانيا.
كان آية الكاشاني الرمز لهذه الحركة يعني كان له مكانة دينية و شعبية بين الناس و هم لا يعرفون المصدق و لهم علاقة ودّية مع الشهيد نواب الصفوي و اصحابه. بعد اغتيال رزم آرا نشرت الصحف الصورة التي وضع المرحوم الكاشاني يده علي رأس المرحوم الطهماسبي، الذي قتل رزم آرا، و يقول «بي سوات» و هذه كلمة استعمله الكاشاني عند مزاحه و يدل علي عطوفة الكاشاني بشأن المرحوم طهماسبي و قبوله عملية اغتيال رزم آرا. هذا العمل يعني الكاشاني يدعم فرقة فدائيو الإسلام و إنهم يجاهدون في سبيل مصالح حكومة المصدق و لصالح الأهداف التي يتطرق إليها كلّ من الكاشاني و المصدق و في الحقيقة صارت فرقة فدائيو الإسلام فرع عسكريّ للحكومة الوطنية حتي أوجدت الخلافات بينهم و بين المصدق و لهذه الخلافات تاريخ طويل و أدت ألي النزاع و العداوة بينهم حتي اغتيال الدكتور الفاطمي الذي كان من اصحاب المصدق لكن فشلت هذه المحاولة و ما استطاعوا قتله لكنه قتل بأيدي الحكومة السلطوية...
إنّ ما قلت كان في الحقيقة مصداقا لهذه الانفعالات، أنظروا سنة 1329 حتي 1332 (1950- 1953) ، يعني منذ توطين صناعة النفت حتي سقوط حكومة المصدق، هذه السنوات الثلاث كانت من فترات الحساسة لبلدنا حيث في السياسة الخارجية إصيبت البريطانيا ضربة قاسية و انبعثت في فكرة الشعب الحكومة الشعبية و الوطنية التي زالت قبل العديد من السنوات من ذاكرتهم. شعبنا شعب لهم حضور جماهيري في النهضة الدستورية و القضايا الأخري و حضروا و ناشطوا و طالبوا و عملوا و تاريخ حضور الشعب تاريخ فريد. و ما اهتم بهذه القضية أحد، إن قارنوا بين شعبنا و شعوب الأخري ترون أن لهم دور هام في المواقف الحساسة لبلدنا و في فترة حكومة رضا الشاه سيطرت الخمود و الجمود علي البللاد و استمرت هذه الظروف بعده و في فترة حكومة إبنه محمد رضا الشاه أيضا حتي فترة حكومة المصدق (1950- 1953) التي كان من أهم الفترات حساسية و وقعت فيها أحداث هامة منها الضربة القاسية علي الاستعمار البريطاني و نشوء و ازدهار الأحاسيس الشعبية و نظرتهم العنيفة إلي القوي الإستعمارية و الدول التي يتدخلون في ايرن و بعد ذلك تهديد السلطات الحكومية الذين ينظر الشعب إليهم نظرة النفور و الاستنكار. هذه الأحداث عجيبة و كانت من فترات تاريخنا الفريدة. دور الفرقة في هذه الفترة كانت دور هامّ و هو تولّي الحكومة من قبل المصدق بدعم الكاشاني. ترون أن عشرة سنوات التي قضاها الشهيد الصفوي في السياسة و النضال تدلّ علي حضوره النشّاطة و تأثيره المتزايدة في سنوات ما بين (1950 حتي 1953).
السؤال: خطر سؤال علي بالي و أسألها من السماحة؛ نظرة إلي سفر الشهيد إلي مصر ما كانت تأثير آرائه و شخصيته من إخوان المسلمين و هيكلية فكرتهم؟
الجواب: أثرت إخوان المسلمين عليه منها حسن البناء فأثر الشهيد علي الآخرين بدوره. قال أحد قوّاد منظمة التحرير الفلسطينية لي: إني كنت في مصر و حضرها الشهيد الصفوي، كنت أدرس في فرع الهندسة و منهمك في الدرس حتي التخرّج و القيام بالعمل. جاء الشهيد و قال لي: هل تدرس هنا؟ إذهب إلي فلسطين و جاهد. فجأة إسيقظت و وعيت و ذهبت إلي فلسطين للجهاد.
كان الشهيد رجلا قويا. سمعت ذهب الشهيد يوما إلي أردن و آخذ أذن الملك حسين و همس في أذنه: يا إبن عمّي إن الحكومة البريطانية حكومة خطرة فاحذرهم. نعم كان الشهيد نواب الصفوي رجل قوي و مناضل شجاع.
نهاية الخبر