رمز الخبر: 325836
تأريخ النشر: 07 December 2011 - 00:00

لماذا تحيي الشيعة ذكري عاشوراء في كل سنة؟

نويد شاهد : يفرح أولئك بالمولد، ويحزن هؤلاء للمقتل، وهدف الجميع واحد، هو الطاعة والولاء والتقريب إلي الله وخاتم الانبياء، وكلا وعد الله الحسني.


علي حسب تقرير نويد شاهد نقلا عن شبكه تابناك الاخباريه : جاء في كلام العلامة محمد جواد مغنية الذي نشرها موقع ابنا: أحاول أن أجيب عن سؤال وجهه اليّ اكثر من واحد، وهو يجول في أفكار الكثيرين، وهذا هو: لماذا يهتم الشيعة الإمامية هذا الاهتمام البالغ بذكري الإمام الحسين، ويعلنون عليه الحداد، ويقيمون له التعازي عشرة أيام متوالية من كل عام؟! هل الحسين أعظم وأكرم علي الناس من جده محمد وأبيه علي؟! وإذا كان الإمام الحسين إماماً فإن جده خاتم الرسل والأنبياء، وأباه سيد الأئمة والأوصياء ؟! لماذا لا يحيي الشيعة ذكري النبي والوصي، كما يفعلون ويذكرون الشهيد؟! الجواب: إن الشيعة لا يفضلون أحداً علي الرسول الأعظم. إنه أشرف الخلق دون استثناء، ويفضلون علياً علي الناس باستثناء الرسول، فقد ثبت عندهم أن علياً قال مفاخراً: « أنا خاصف النعل » أي مصلح حذاء الرسول. وقال: «كنا إذا حمي الوطيس لذنا برسول الله » أجل، أجل أن الشيعة الإمامية يعتقدون أن محمداً لا يوازيه عند الله ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن علياً خليفته من بعده وخير أهله وصحبه، وإقامة عزاء الحسين في كل عام مظهر لهذه العقيدة وعمل مجسم لها. وتتضح هذه الحقيقة بعد معرفة الأسرار التالية. 1 ـ تزوج الرسول الأعظم صلي الله عليه وسلم، وهو ابن 25 سنة، وقبض، وله 63 سنة، وبقي بعد خديجة دون نساء واحدة، ثم تزوج الكثيرات حتي جمع في آن واحد بين تسع، وامتدت حياته الزوجية 37 عاماً ورزق من خديجة. ذكرين: القاسم وعبد الله، وهما الطيب والطاهر، ماتا صغيرين، كما رزق منها أربع بنات: زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة، أسلمن وتزوجن وتوفين في حياته ما عدا فاطمة، وولدت له مارية القبطية إبراهيم، وقد اختاره الله، وله من العمر سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، فانحصر نسل الرسول بفاطمة وولديها من علي، الحسن والحسين، فهم أهله الذين ضمهم وإياه « كساء » واحد وبيت واحد. وقد كان هؤلاء الأربعة عليهم السلام بعد الرسول صلي الله عليه وسلم سلوة وعزاء للمسلمين عن فقد نبيهم، وأن عظم الخطب، لأن البيت الذي كان يأويه ما زال مأهولا بمن يجب عامراً بأهله وأبنائه، وماتت فاطمة بعد أبيها بـ 72 يوماً، فبقي بيت النبي مزيناً ومضيئاً بعلي والحسن والحسين، ثم قتل علي، فظل الحسنان، وكان حب المسلمين لهما لا يعادله شيء إلا الحب والإخلاص لنبيهم الكريم، لأنهما البقية الباقية من نسله وأهل بيته، وبعد أن ذهب الحسن إلي ربه لم يبق من أهل البيت إلا الحسين، فتمثلوا جميعاً في شخصه، فكان حب المسلمين له حباً لأهل البيت أجمعين، للنبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين، تماماً كما لو كان لك خمسة أولاد أعزاء، وفقدت منهم أربعة وبقي واحد، فإنه يأخذ سهم الجميع، وتوازي منزلته من قلبك منزلة الخمسة مجتمعين. وبهذا نجد تفسير قول سيدة الطف زينب، وهي تندب أخاها الحسين يوم العاشر من المحرم: « اليوم مات جدي رسول الله، اليوم ماتت أمي فاطمة، اليوم قتل أبي علي، اليوم سم أخي الحسن ». ونجد تفسير ما قاله الإمام الشهيد لجيش يزيد حين صمموا علي قتله: « فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ». وإذا أقفل بيت الرسول بقتل ولده الحسين، ولم يبق من أهله أحد، كان، والحال هذه استشهاده استشهاداً لأهل البيت جميعاً، واحياء ذكراه احياء لذكري الجميع. 2 ـ إن وقعة الطف كانت وما زالت أبرز وأظهر مأساة عرفها التاريخ علي الإطلاق، فلم تكن حرباً وقتالا بالمعني المعروف للحرب والقتال، وإنما كانت مجزرة دامية لآل الرسول كباراً وصغاراً، فلقد أحاطت بهم كثرة غاشمة باغية من كل جانب، ومنعوا عنهم الطعام والشراب أياماً، وحين أشرف آل الرسول علي الهلاك من الجوع والعطش انهالوا عليهم رمياً بالسهام ورشقاً بالحجارة وضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح، ولما سقط الجميع صرعي قطعوا الرؤوس، ووطأوا الجثث بحوافر الخيل مقبلين ومدبرين، وبقروا بطون الأطفال، وأضرموا النار في الأخبية علي النساء. فجدير بمن وإلي وشايع نبيه الأعظم وأهل بيته أن يحزن لحزنهم، وأن ينسي كل فجيعة ورزية إلا ما حل بهم من الرزايا والفجائع معدداً مباقيهم ومساوئ أعدائهم ما دام حياً. حين نكث يزيد ثغر الحسين بالقضيب قال له رسول قيصر المسيحي: « إن عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسي عليه السلام نحج إليه في كل عام من الأقطار، ونهدي إليه النذور، ونعظمه كما تعظمون كتبكم، فاشهد إنكم علي باطل ». لقد شاء الله وقدر أن تكون حادثة كربلاء أعظم وأخلد من كل حادثة عرفها التاريخ كما أنها أفجع وأوجع مأساة مرت وتمر علي وجه الأرض. إن الحسين عند شيعته والعارفين بمقاصده وأهدافه ليس اسماً لشخص فحسب، وإنما هو رمز عميق الدلالة، رمز للبطولة والانسانية والأمل، وعنوان للدين والشريعة، وللفداء والتضحية في سبيل الحق والعدالة، كما أن يزيد رمز للفساد والاستبداد والتهتك والرذيلة، فحثما كان ويكون الفساد والفوضي وانتهاك الحرمات وإراقة الدماء البرئية والخلاعة والفجور وسلب الحقوق والطغيان، فثم اسم يزيد وأعمال يزيد، وحيثما كان ويكون الثبات والإخلاص والبسالة والفضيلة والشرف فثم اسم الحسين ومبادئ الحسين، وهذا ما عناه الشاعر الشيعي من قوله: كأن كل مكان كربلاء لدي عيني وكل زمان يوم عاشورا فإحياء بطولة الحسين وجهاده ومبدأه إحياء للحق والخير والحرية، والتضحية من أجلها بالنفس والأهل والأصحاب، واحتجاج صارخ علي الحاكم الظالم وأعوانه، وعلي كل مسرف يعبت بمقدارات الشعوب، ويفرق في لهوه وملذاته وينطلق مع شهواته ومآثمه كيزيد وأعوان يزيد. أراد ابن معاوية من التنكيل بأهل البيت أن يطفئ نور الله، وأن تكون الكلمة العليا للشر والظلم، وظن أنه انتصر، وتم له ما أراد بقتله الحسين، ولكن انتصاره كان زائفاً، وإلي أمد، فسرعان ما زالت دولة الأمويين وظلت ذكريات كربلاء ومبادئ الحسين حية إلي يوم يبعثون، وقد جابهت السيدة زينب يزيد بهذه الحقيقة، حيث قالت من كلام تخاطبه فيه: « أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأساري إن بنا علي الله هو أنا، وبك عليه كرامة ؟ !... فمهلا مهلا... فو الله ما فريت إلا جلدك، وما حززت إلا لحمك.. ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرتك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك.. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا ولا يرخص عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد ؟! ». وصدقت نبوءة السيدة العظيمة، فقد سقط يزيد وخلفاء يزيد الواحد بعد الآخر، وانهارت دولة الأمويين بعد مصرع الحسين بنصف قرن، وظل المسلمون يلعنون يزيد ويحتفلون بذكري الإمام الشهيد يوم قتله ويوم مولده من كل عام. فهذه مصر تحتشد فيها الحشود، وتنصب السرادقات وترتفع دقات الدفوف وإيقاع الطبول، وتمتلئ بالبهجة أصوات المطربين والمنشدين لمولد الإمام ومولد أخته بطلة كربلاء. فليس الشيعة وحدهم يهتمون ويحتفلون بذكري الحسين. بل المسلمون عرباً وعجماً في كل مكان، وإذا اختلفت الأساليب وتعددت المظاهر فالجوهر واحد. قرأت في العدد الثاني من مجلة « الغد » المصرية تاريخ فبراير سنة 1959 كلمة بعنوان « مولد السيدة وأعياد الأمة العربية » جاء فيها: « خلال أعظم معركة في سبيل العقيدة، شهدها التاريخ القديم لأمة العرب برزت شخصية السيدة زينب « رئيسة الديوان » كما نسميها نحن أبناء مصر بطلة باسلة مؤمنة شجاعة، حتي أن يزيد بن معاوية الأفاق لم يجرؤ علي مناقشتها عندما ساقوها إليه، ورفضت أن تبايعه، ولعنته كما لعنت كل الذين يغدرون ويطعنون المؤمنين في ظهورهم ! من أجل ذلك نحن في مصر وفي كل الوطن العربي نؤمن ببطولة السيدة زينب، كما نؤمن بذلك البطل الخالد « الحسين بن علي » أبي الشهداء جميعاً.. نؤمن بأمثال هؤلاء العظام، ونحتفل بمولدهم ونرقص ونغني ونطرب وننشد الأغاني حول أضرحتهم، وذلك لأننا نحبهم، ولا أحد يستطيع أن يزيل من قلوبنا الحب الصادق لقائد البطولة الخارقة.. وقد نحيا ونمتلئ بالأمل فنعمل ونكافح، لأن مثل هذا الرمز يضئ لنا الطريق ويشحننا بالرغبات الطيبة والايمان بالشرف... ونحن لا نبالغ إذا اعتبرنا مولد السيدة زينب ومولد الحسين من الأعياد القومية لأمة العرب ». لقد نظر هذا الكاتب بعين الواقع، ونطق بلسان الحق، فإن ظروفنا الماضية والحاضرة تجعل هذه الأعياد أمراً لا مفر منه. لأنها تذكرنا بالبطولة والنضال من أجل الحرية. مثلنا الأعلي، وتدفع بنا إلي البحث والتنقيب عن الحاكم المثالي الذي يعمل لوطنه وأمته. لقد مضي علي قتل الحسين 1318 عاما وما زال الشيعة يتذكرون ويذكرون هذا الماضي البعيد ويمجدونه، ليستخلصوا منه روح الثورة علي الظلم. نحن الشيعة ثوريون بعقيدتنا وتعاليمنا تنفاءل بالثورات التحررية، ونستبشر بها، ونحس بعطف عميق نحوها ونحو شهدائها، فإذا كرمنا الحسين فإنما نكرمه بصفته الباعث الأكبر للثورات، والمعلم الأول للثائرين من اجل الحق والمساواة ؟ نحن لا نعبد الأفراد، بل نقدس المبادئ، لأننا مسلمون قبل كل شيء. والحسين يمثل مبادئ جده الرسول خير تمثيل، ومن أجلها قتل هو وأهله وأصحابه وسد بيت نساؤه وأطفاله ومن أجلها يفرح المسلمون السنة يوم مولد الحسين، فيصفقون ويرقصون ويغنون، لأنه اليوم الذي ابتهج فيه نبي الرحمة والعدالة ويحزن المسلمون الشيعة يوم قتله، فيبكون ويندبون ويلبسون ثوب الحداد، لأنه يوم حزن وكآبة عليه وعلي جميع المسلمين، وينشد الشيعة يوم العاشر من المحرم مع الشريف الرضي: لو رسول الله يحيا بعده قعد اليوم عليه للعزا يفرح أولئك بالمولد، ويحزن هؤلاء للمقتل، وهدف الجميع واحد، هو الطاعة والولاء والتقريب إلي الله وخاتم الانبياء، وكلا وعد الله الحسني
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع