رمز الخبر: 267291
تأريخ النشر: 30 March 2013 - 00:00

القيادة المعنوية للإمام الخميني (ره) اثناء الدفاع المقدس

و تعتني الثقافة الشيعية عناية خاصة بمفهوم القيادة في المجتمع و تعتبره من الحاجات الأساسية للبشر. و النقطة المهمة هي أن الشيعة ومن خلال رؤيتهم، يعتبرون أن القيادة هي تطبيق لولاية الله علي الأرض و القائد يجب أن يعين من قبل الله و يكون لديه التفويض و الأمر إما بشكل مباشر أو غير مباشر ليقود الناس و يحصر الشيعة هذا الأمر المهم بالشجرة الطيبة لآل البيت (ع) من بعد النبي. و لقد تجلت و تحققت القيادة الإلهية و الدينية في العالم الإسلامي بكل معاييرها و خصائصها و ذلك من خلال قيادة الإمام الخميني للثورة الإسلامية التي تعتبر مثالاً و صورة عملية لهذه القيادة، وذلك من خلال هذه الثورة الإسلامية. كان للإمام الخميني (ره) شخصية جامعة ذات أبعاد مختلفة علمية و عملية وقد أوجد حدثا مهماً و نادراً في التاريخ الإسلامي.


من ابرز تجليات القيادة و الدور المعنوي للإمام الخميني (ره) و تاثيره العميق علي معنويات الأمة و مجاهدي الاسلام هي قيادته للأمور و هدايته لها خلال ملحمة الدفاع المقدس و ذلك لمدة ثمان سنوات. هذا الرجل العظيم مزج بطولات الحرب باعلي مراتب عرفانه و تجلي فقهه في الفلسفة العملية للحكومة الاسلامية و حكمته التي شكلت اساس النظام الاسلامي. و يقول سماحة آية الله الخامنئي حول خصائص قيادة و هداية الأمام الخميني (قده) للقوات المسلحة: من بعد عهد النبي لم نري قائد للقوات المسلحة إنسان عارف و حكيم و محب لله ... و لم يكن هناك في أي مكان في العالم حتي اليوم و لا في الماضي قوي عسكرية تكون تحت إمرة إنسان معنوي و الإلهي و عارف ولديه ارق الأحاسيس البشرية في نفس الوقت و حزم و قوة لا يملكها أي قائد في العالم و يقوم بالدفاع عن الشرف و الحياة الشريفة لهذه الأمة في مواجهة المعتدين. إن حال المقاتلين و المجاهدين و الشوق إلي الجهاد و صلابتهم و الفتوحات العظيمة التي حصلوا عليها في قتال أعداء الإسلام، أكثرها مرهونة بالتأثيرات الاعجازية و المعنوية لشخصية الإمام (ره) في قيادته للدفاع المقدس و سنبحث في هذه المقالة و باختصار خواص هذه القيادة و أساليبها و من ثم الارتباط المعنوي بين الإمام و المقاتلين. يتمتع الإمام الخميني (قده) بدرجة عالية جداً من الأخلاق الفردية و الإدارية و الخصوصيات القيادية، تجعل منه إنسان نموذجيا و كامل، و يستلزم البحث حول كل من هذه الخصوصيات بحثا منفصلا و سوف نتعرض في هذه المقالة إلي أبرزها و التي تتعلق بقيادته العالية للحرب: 1. الشجاعة: لم تكن كلمة الخوف موجودة في قاموس و ثقافة الإمام خلال كفاحه السياسي و في زمان ثورته علي الطاغوت و مواجهته لأمريكا و قيادته لمدة ثمان سنوات من الدفاع المقدس و دخوله المواجهة بشجاعة. لقد أخاف الإمام الخوف الذي لم يعرف طريقا إلي قلوب أولياء الله- وهو لم يخف و لم يخوف احد. عندما هدد وزير الدفاع الأمريكي و بشكل علني بان أمريكا سوف تدعم أصدقائها العرب عندما تري ذلك جيداً. قال الإمام (ره) في رده علي هذا النوع من التهديدات العسكرية للعدو بقوله: كل واحد من هؤلاء (المدافعين عن النظام العراقي) اذا اراد أن يعتدي سوف نقف بوجهه حتي آخر فرد منا. و عندما استقدمت أمريكا الأساطيل البحرية إلي الخليج الفارسي للدفاع عن النظام العراقي، قام المسؤولون في الجمهورية الإسلامية بالحديث مع الإمام و معرفة رأيه علي هذا الموضوع. قال الإمام و بشجاعة: إذا كان الأمر لي فاني سأعمل علي ضربها فور دخولها إلي الخليج الفارسي. 2. الطمأنينة القلب الهادئ و المطمئن لسماحة الإمام (ره) ناتج عن الإيمان الثابت و الاعتقاد الراسخ ببحر الألطاف الإلهية غير المتناهي. هذه الطمأنينة لم تقدر أن تزلزلها و تكسرها الحوادث الوخيمة و الشديدة. كان الإمام (ره) يري العالم بأنه تجلي للحق المتعال و كان لديه ثقة بالألطاف و العناية الإلهية و تصديقا للآية: الا بذكرالله تطمئن القلوب و هذا العنصر المهم كان له تاثير عميق علي اتخاذ قراراته اثناء قيادته في فترة الدفاع المقدس. ردات فعل الإمام البسيطة و الهادئة في وجه الهجوم الشامل للعدو علي إيران هي من ابرز نماذج هذه الطمأنينة عندما قال:جاء سارق رمي حجرا و هرب بعد أيام من المطالعات و البحث حول معرفة الإمكانيات و التجهيزات اللازمة و طرق العمليات العسكرية كان لدي قادة و مخططي العمليات العسكرية قلق و اضطراب حول مدي نجاح خططهم و كانوا لا يخفوا ذلك و يلجؤا إلي نفس الإمام المطمئنة ليستلهموا الطمأنينة. كانت تعليمات و توجيهات الإمام قبيل عمليات الفتح المبين والفجر8 نموذجا اخر علي الطمانينة و الهدوء القلبي لسماحة الامام (قده) و التي كان لها تاثيرا عجيبا علي فوز مجاهجدي الاسلام. 3. التواضع: كانت شخصيت الامام المعنوية والعظيمة من اهم عوامل التحول الروحي و المعنوي للامة الايرانية و لمقاتلي جبهة النور في مقابل جبهة الظلام في الثمان سنوات خلال فترة الدفاع المقدس. الحضور البطولي للشباب في ميادين الجهاد و الشهادة هو عبارة عن ميل شعب ايران و شبابها للقيم الانسانية الاسلامية المتعالية و برزت هذه القيم في جبهات القتال. هذا كله كان من شعاع التوجيهات و النصائح النبوية لهذا العارف و العالم المتواضع و مقاتل الاستكبار و الذي سلك اعلي مراتب السلوك و ترفع الي ارقي درجاته. اما صفة التواضع عند الامام (قده) لم تسمح له بان يقوم بالحديث عن اعماله و كان يعرف نفسه بانه خادم و قال: ان تقولوا لي خادم افضل من ان تقولوا قائد. في كل مرة يجتمع مع المقاتلين كان يقول انه خجل جدا ً و يعتبر هؤلاء المحبين للقتال و الشهادة قد سبقوه و تاخر عنهم. ذروة و اعلي مراتب و درجات التواضع عند الامام (ره) بالنسبة للمقاتلين هي في جملته المعروفة في و صف الشاب الصغير المقاتل الشهيد حسين فهميده عندما قال: قائدنا هو هذا الطفل صاحب ال 13 عاما بقلبه الصغير، وقيمته اكبر من مئات الاقلام و الالسنة، حيث قام برمي نفسه و هو يحمل قنبلة تحت دبابة العدو و دمرها و شرب كأس الشهادة. 4.محبة و اخلاص الامام(قده) مع المجاهدين: و كما كان مقاتلي الاسلام في سبيل الله علي جبهات المعارك يحبون الشخصية المعنوية لقائدهم، كان الامام ايضا يحب ابنائه المعنويين محبة خاصة. و في الحقيقة كانت العلاقة بين المريد و المراد هي من الطرفين و كانت تجليات اخلاص و محبة سماحة الامام (قده) للمقاتلين ظاهرة و واضحة و بشكل كامل في حديثه و اعماله. في عبارات مثل: اني اشد علي ايديكم واحدا واحدا، اني لا اري مسافة بيني و بينكم، و يظهر ان عمق المحبة و الميول القلبية للامام كانت لأبطال الدفاع المقدس. كان تواضع الامام (قده) مع قادة الجبهات و المقاتلين هناك و ازالة حواجز التعامل الرسمي و المتداول بين القائد العام و القائد العسكري للحرب مع القوي التي هي تحت امره في اللقاءات الخاصة تصور زاوية من زوايا محبة و اخلاص سماحة الامام (قده) للمقاتلين و كانت لقاءاته الخاصة مع المقاتلين مليئة بالمواقف القريبة للقلب و الارتباط العاطفي و المحبة و الاخلاص. 5.الحزم: في فترة كفاح الإمام ضد نظام الشاه الظالم كان حزم الإمام هو مفتاح الحل لكل برامج و سياسات الكفاح و التي اعترف من كان حوله و طلابه بمدي جدواها و إعجازها. و بالنسبة للأمور القيادية الرفيعة و الحربية كان حزم الإمام (قده) يحل العقد الصعبة و المسائل التي تظهر في التخطيط الحربي و العسكري و التي يعجزوا عن إختيار حلول لها. من أهم مظاهر حزم الإمام هو تحطيم محاصرة عبادان و تحرير سوسنغرد و عزل قيادة القوي المسلحة. 6. عدم قبول المساومة و الثبات في الحرب: عداء الامام للظلم و ثباته في وجه مؤامرات الاعداء اوجدت عنده روح مقاومة لا تقبل المساومة معهم. و اخذ الامام في سيرة عمله و طرق محاربته للاعداء اسوة من الآيات الشريفة لا تظلمون و لا تظلمون 18 و فاستقم كم امرت و من تاب معك 19، و لم يتحمل الامام الخطط الظالمة و المستكبرة و المفروضة من قبل العدو. لم تستطيع الضغوطات العسكرية و الاعلامية و النفسية للمدافعين عن الاعداء و الذين كانوا يمدون النظام البعثي العراقي بالسلاح ان تؤثر علي روح الامام المقاومة و التي لا تقبل المساومة و ان تجعل الامام يقبل بمطالب الاستكبار العالمي و قال: سوف نصمد حتي اخر فرد منا و اخر منز من أرضنا و اخر قطرة دم من اجل ان نعتلي بكلمة الله. هذه المعنويات و الصفة المطلوبة للامام (ره) كان لها تاثير عجيب علي المقاتلين المسلمين بحيث ادت الي تثبيت ارادة المقاتلين الاشاوس الذين كانوا يقاتلون بارادتهم في اصعب ظروف الحرب و ادت الي اسئصال العدو المجهز باحدث الاسلحة. 6.معرفة الخدع: كان العدو يلجأ في مواقع و ظروف مختلفة إلي حيل و خدع متنوعة و كان يسعي و بالاستفادة من أساليب الحرب النفسية إلي تضعيف الحوافز الإسلامية عند المقاتلين و إلي تضعيف إرادتهم في الدفاع عن وطنهم الإسلامي. التظاهر بالإسلام و المظلومية من جملة الأمور التي أقدم عليها العدو البعثي لخداع امة إيران المقاومة، و لكن صحوة و ذكاء و الوعي الذي انفرد به شخص الإمام(قده) في اتخاذ القرارات الحساسة و المحسوبة أدي إلي ابطال كل المؤامرات التي كانت تحاك ضد هذه الأمة. من هذا المنطلق كان المدافعون عن النظام البعثي و ساسة الاستكبار العالمي و لمنع ايران من تحقيق الانتصارت المتصلة ببعضها من ازالة حصار مدينة آبادان الي فتح بستان و معركة شزابه الي عمليات الفتح المبين و فتح خرمشهر الاعجوبي و تعتبر هذه الانتصارات من الضربات القوية التي تلقاها النظام البعثي، لذلك لجؤا الي خدع جديدة و ذلك لحرف افكار المجتمع الدولي و الاعلام و الامة الايرانية و البلاد الاسلامية و بالاخص المقاتلين الشجعان الاسلاميين من جبهات الحرب الايرانية العراقية الي امور اخري. هذه المؤامرت الكبري كانت خطة الهجوم الوحشي و المفاجئ لاسرائيل علي لبنان و كادت ان تنجح و لكن الامام (قده) باتخاذه القرارات الصائبة و الواعية حول كيفية دعم المقاتلين من الشعبين اللبناني و الفلسطيني ادي الي تعطيل مثل هذه المؤامرة. سماحة الامام(ره) قال: يجب من خلال هزيمة العراق ان نكمل الي لبنان و ليس بشكل مستقل. الاساليب و التدابير القيادية للامام الخميني (ره) يعتبر الامام الخميني(قده) قائد القوات المسلحة و القائد الاعلي للحرب، فهو يقوم بتعيين و توجيه استراتيجية الحرب و قد استطاع من خلال اساليبه و تدابيره الخاصة قيادة الحرب خلال الثمان سنوات للدفاع المقدس و جلب اعجاب ساسة العدو و انبهارهم به. 1.التعبئة العامة و تنظيم الناس و القوات المسلحة تحت لوائين اساسيين اللواء الحربي و لواء الدعم اللوجستي حتي يتسني لكل القوي المتطوعة ان يشاركوا بميزان قدراتهم و استعداداتهم، و قد قال في ما يتعلق بهذا: كل من يستطيع ان يذهب الي الجبهة عليه الذهاب و من لا يستطيع يساعد خلف الجبهة. 2. توسيع التنظيمات العسكرية و الامر بتشكيل القوة الثالثة و هي الحرس الثوري. و ادي هذا الامر الي ان يتمكن الحرس الثوري التنسيق بشكل اكبر مع قوي الجيش الايراني و ان يكون له حضور اقوي في ميادين الحرب. 3. التنسيق و الانسجام عند القوات المسلحة. و كما كان في فكر الامام (قده) بان و حدة و توحد طبقات الشعب المختلفة و الاحزاب المتنوعة هو عامل النصرالاساسي للامة الايرانية. كان انسجام القوات المسلحة هو ايضا ضمانة لقوة القوات المسلحة في الدفاع المقدس. و في هذا قال الامام (قده) لقوي الجيش و التعبئة و الحرس الثوري: ذوبوا في بعضكم البعض و ازيلوا كلمة انا و انت من بينكم و اهجموا علي العدو بيد واحدة و قوة واحدة. 4. التنسيق و الاستفاده من الامكانيات خلف الجبهة. نسق الامام ايضا عمل الاجهزة التنفيذية و الاعلامية و السياسية خلف جبهات القتال مع بعضها البعض و دعاهم بالتوجه الي مشكلات الحرب و ربط كل الانشطة السياسية و الاعلامية و الاقتصادية خلف جبهات القتال بالدفاع المقدس و قد استفاد بشكل دائم من مؤسسات الدولة و المنظمات لتقويتة و تجهيزالناس للقتال و دعم خطوط الجبهة و قال حول ذلك: استمروا بدعمكم المادي و المعنوي لجبهات الحرب و المقاتلين و دافعوا عن جيوش النور. 5- مواجهة الموانع الداخلية و دعايات العدو. خلال مرحلة الدفاع المقدس جري العديد من الحوادث، بعضها كان التنافس بين التيارات المختلفة في البلاد الذي حصل نتيجة الظروف السياسية الداخلية لإيران و كانت تؤدي احياناً إلي توتر الجو السياسي في البلاد، كانت بعض الحوادث تحصل نتيجة تدخل العملاء و جواسسيس العدو و بعضها الآخر كان نتيجة لما كانت تقوم به بعض المجموعات الداخلية حيث كان كل واحد من هذه الحوادث يمكن ان يؤدي إلي إيجاد مشكلة للمجاهدين المسلمين المرابطين علي جبهات القتال الأمامية و يعيق متابعتهم لدفاعهم المقدس. إلا أن سماحة الإمام الخميني (قده) كان يعمل علي إبطال الأثر السلبي لهذه الأحداث علي النفسية القتالية و المعنوية لمجاهدي الإسلام في ساحة المعركة و ذلك بما كان يمتلكه من أسلوب لائق في القيادة. نظراً لأن الإستكبار العالمي كان قد وضع امكانياته الدعائية و امبراطوريته الإخباريه في خدمة العدو البعثي و بفضل مساعدة الخبراء و المستشارين الأجانب له فقد تمكن هذا العدو من القيام بحربه النفسية و تخريب الصورة الحقيقية للجمهورية الإسلامية بين المسلمين في العالم، وذلك من أجل كسب تأييد دول المنطقة له و تقوية النظام البعثي الحاكم في العراق. لكن الإمام الخميني (قده) تمكن من الوقوف في وجه هذه الحرب النفسية و قام بمواجهة الأساليب الدعائية للعدو و ذلك بما كان يمتلكه من بعد نظر و دراية كاملة. 6- احترام مبادئ اتخاذ القرار كان الإمام الخميني (قده) يحصل علي المعلومات و الأخبار عن طريق وكلاءه و نوابه في القوات المسلحة و الوحدات العسكرية و قيادات المواقع العسكرية. كان الإمام يقوم بإتخاذ القرارات المهمة علي أساس المعلومات الدقيقة التي كانت تأتيه عن الحرب و ذلك بعد إستشارة المسؤلين العسكريين و مسؤولي البلاد، حيث كانت أوامر الإمام بالقيام بالعمليات العسكرية و الدفاعية و دخول الأراضي العراقية، و القيام بالمواجهة المماثلة في حرب المدن و قبول القرار 498 الصادر عن الأمم المتحدة قرارات تم اتخاذها وفقاً لهذه المبادئ. 7- تفويض الصلاحيات إن اتساع أمور الحرب و تخصصها و انتشارها علي نطاق واسع أدت إلي أن يقوم سماحة الإمام (قده) بتفويض بعض المسائل التنفيذية و التخصصية المتعلقة بالحرب إلي المسؤولين في البلاد في حين ترك لنفسه مسؤولية وضع السياسة العامة و استراتيجية الدفاع المقدس وقام بنفسه بالإشراف علي تنفيذها من هنا كان يقوم بتفويض المسؤوليات علي الشكل التالي: الف: التخطيط العسكري من مهمة المجلس الأعلي للدفاع و مركز خاتم الأنبياء و نيابة القيادة العامة للقوات المسلحة. ب- مهمة استقطاب القوات و تأمين الإمكانيات من مهام الشوري العليا للحرب. ج- تشكيل لجنة لمتابعة شؤون المناطق التي تتعرض للقصف. د- قام بتعيين وزارة الخارجية للجمهورية الإسلامية من أجل أن تقوم بتبيين السياسات الدفاعية لإيران في المجتمع الدولي. ه- تشكيل المجلس الأعلي من أجل إعادة إعمار المناطق التي شهدت الحرب. 8- التشجيع علي القتال. كان فن الإدارة و القيادة عند سماحة الإمام (قده) يتجلي في نفوذه المعنوي في قلوب الملايين من الناس المخلصين و الملتزمين و عشاق الولاية و القيادة. عندما كان الإمام (قده) يطلق رسائله المليئة بالمعاني البطولية و الحماسية كقوله: اليوم يوم الحضور في حجلة الجهاد و الشهادة و ساحة القتال؛ كان النشاط يعم في نفوس العشاق من احباء الله و كانت الجبهات تمتلئ بالشباب المتحمسين و المخلصين و المشتاقين للقتال، إذ كان شلال من النور يتدفق مع هذه الكلمات إلي القلوب العطشي و المشتاقة للجهاد و الشهادة و هذا ما كان يجعل من قدراتهم القتالية تتضاعف و يترك أثرا في النفوس كالمعجزة. 9- تقوية معنويات المقاتلين. كانت خطب الإمام و كلماته المحبوبة و النافذة تمنح الحياة و تقع في قلب و روح المقاتلين و تترك فيهم أثراَ عميقاَ، كانت خطب سماحته في جموع القادة و المقاتلين الشجعان و الرسائل التي كان يرسلها في المناسبات المختلفة كانت تؤدي إلي تقوية قلوبهم و تمنحهم القوة في جبهات القتال. من ابرز النماذج علي تأثير رسائل الإمام (قده) نذكر الرسالة التي و جهها سماحته إلي قياديي الجبهة بعد عمليات بدر، حيث كان لها أثر كبير في تقوية معنويات المقاتلين و القياديين في اصعب شروط الحرب و أكثرها تعقيداً. 10- لفت المقاتلين إلي المعنويات. كان سماحة الإمام (قده) يلفت المقاتلين و قياديي المراكز العسكرية إلي المسائل المعنوية بشكل دائم و ذلك من أجل أن يتم مزج البطولات التي تجري في ساحات القتال مع العرفان الديني و الإلهي. كان سماحة الإمام (قده) يذكر المقاتلين دائماً بأن إرادة الله تبارك و تعالي و قدرته هي التي تحققق النصر في الحرب، و كان يذكرهم بالثقة و الإيمان بالنصرة الإلهية، و يؤكد علي عدم ترك ذكر الله و التهجد في العبادة، و الإمتناع عن الغرور و الإهتمام بالقدرات الإيمانية و قدرة الإخلاص عند المقاتلين في مواجهة العدو و تجهيزاته. أساساً لم يكن يوجد في فكر و حياة الإمام الخميني (قده) أي عمل سياسي أو جهد ثقافي أو عسكري من غير أن يأخذ بعين الإعتبار البعد الإلهي و المعنوي، حيث كان يعتبر أن العمل من غير هذا البعد فاقد لقيمته الإسلامية، من هنا فإنه كان دائماً يقوم بتذكير مجاهدي الإسلام بخلط العمل الظاهري مع المعنويات الإلهية و كان يذكرهم قائلاً: إن القتال و الإنتصار هو فشل إذا لم يكن ممزوجاً بالبعد المعنوي. 11- تقوية البنية الدفاعية: إن من أهم الخصوصيات القيادية التي تمتع بها سماحة الإمام (قده) كانت الإهتمام الكبير لسماحته بتقوية البنية الدفاعية و دعمه و تشجيعه علي رفع نوعية و كمية الإمكانيات و التجهيزات العسكرية و تأمين الموازنات المالية للحرب و الدفاع المقدس. و قد استمر هذا الإهتمام عند الإمام حتي اواخر أيام الحرب و خلال التعليمات التي كان يصدرها للمسؤولين السياسيين في الدولة قال: يجب... أن نبذل جهدنا من أجل تجهيز جميع افراد و آحاد الناس في هذا البلد وذلك وفقاً للأسس و المبادئ الخاصة للدفاع العام من أجل الوصول إلي تشكل حقيقي من التعبئة العامة و جيش العشرين مليون. كما قال سماحته للقادة العسكريين: لا يجب أن تغفل القوي العسكرية عندنا عن مكر و كيد الأعداء كما يجب في جميع الظروف أن تبقي البنية الدفاعية للبلاد في أحسن حالة. تاثير الإرتباط المعنوي للإمام الخميني (قده) مع المقاتلين. خلال الثماني سنوات من الدفاع المقدس لمجاهدي الإسلام، لم يكن لسماحة الإمام الخميني (قده) حضور عملي علي جبهات القتال، بيد أن شخصيته النافذة و المعنوية و العرفانية كانت في كل يوم حاضرة في كافة نقاط الجبهة حيث كان لها تأثير كبير و عميق و قد تجلي هذا الحضور المعنوي في روحية و عمل المجاهدين و مبارزاتهم. هذا الأمر أثار تعجب المراقبين و الرواة و المراسلين الذين كانوا يحضرون في الجبهات. و في تقرير لأحد المراسلين الاجانب ممن زاروا الجبهة في أيام الحرب و شاهد المقاتلين و تعرف علي معنوياتهم عن قرب، جاء فيه ما يلي: وكأن آية الله الخميني (قده) كان يحضر هنا (الجبهة) شخصياً و كل يوم و يدعوهم إلي الجهاد. كانت علاقة الفاتحين بالإمام علاقة المريد بالمراد، و السالك إلي الله مع الشيخ و المرشد، و المحب بالمحبوب. كان سلوك المجاهدين في جبهات القتال و الحالات التي كانوا يبرزون فيها محبتهم للإمام (قده) تدل علي وفائهم و عشقهم له و هذا ما أدي إلي ختم صحف أعمالهم الجهادية بختم العشق و المحبة لهذا الإمام. نشير هنا في هذا القسم من المقالة إلي بعض هذه الحالات: 1- عشق المجاهدين للإمام، الحب و عشق المجاهدين الزائد و الفائق عن الحد للإمام (قده) كان من ابرز علائم التأثير العميق للشخصية المعنوية للإمام علي المجاهدين: هذه المحبة تشكل تجلياً للعشق العرفاني و المعنوي و أساس و منشأ الكثير من التأثيرات. نعم هنا نتحدث عن العشق و العشق غني عن الوصف و أسمي منه. كانوا ينذرون لسلامة الإمام (قده) و طول عمره. و في أصعب و اشد لحظات القتال في الجبهات و عند الإصابة و عند الوقوع في الأسر كنا نشاهد نماذج من تجليات محبة المجاهدين لسماحة الإمام (قده). 2- عوائل المجاهدين و محبتهم للإمام؛ كان أهالي الشهداء و الجرحي، يعتبرون أن ولدهم قرباناً في سبيل بقاء و سلامة و تكامل المدرسة الإسلامية و خط الإمام و كانوا يعتبرون الشباب الذين فقدوهم و أعزاءهم الذين سقطو شهداء في الحرب هم فداءً لهذا الخط و قرباناً لأجله. وفي أحدي زيارات الإمام الخميني (قده) لعوائل الشهداء، قامت إمرأة و صرخت بلهجة أهالي خرمشهر و قالت: أيها الإمام! كان لدي ثلاث شباب و ثلاثتهم الآن شهداء، و لم يعد لدي ولد آخر اقدمه في سبيل الإسلام و اضحي به، و أنا أسأل الله تعالي أن أكون أنا فداءً لكم. 3- الطاعة الممزوجة بالعشق: يمكن أن نشاهد الفرق بين قيادة الإمام خلال الدفاع المقدس مع غيره من القياديين و قادة الحروب في التاريخ حيث يبرز من خلال النفو المعنوي لشخصية الإمام و تأثيره في سلوك الأفراد و تصرف المقاتلين و المجاهدين. هناك العديد من القوات المسلحة في بلدان العالم وقفت في الظروف الصعبة و في الأزمات و قامت بالدفاع عن ارضها و عرضها و عن بلادها حيث أن مراعاة التلسل الهرمي و تنفيذ الأوامر العسكرية في هذه البلاد كانت تتم في مقابل الحصول علي الأجر أو خوفاً من العقاب، و لم تكن الطاعة بدليل حافز آخر غير الخوف و المجازات. إلا أن المقاتلين في ساحات الدفاع المقدس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانوا يمتازون برؤية مختلفة و كانوا ينظرون إلي أوامر الإمام (قده) بصورة أخري ارفع من إطاعة القائد العام للقوات المسلحة. كانوا ينفذون تعاليم الإمام و أوامره بمحبة و علاقة خاصة و كان هدفهم رضي الإمام (قده). كان المجاهدون يتحملون الصعوبات المهلكة في العمليات العسكرية و ذلك من أجل لحظة يسعد فيها الإمام (قده). في أحد المرات تحدث اللواء باكري في جمع من القوات التي جاءت للخضوع إلي دورة عسكرية من أجل المشاركة في عمليات خيبر وقال: اعزائي انتم بقايا جيش عاشوراء، اسعوا كي تنفذو مهمتكم بأفضل ما يمكن لعلنا نتمكن في العمليات القادمة من أن نفرح قلب الإمام (قده). 4- ذكر الإمام، في جمع المقاتلين أدي الإرتباط و الأنس الدائم بينهم و بين الشخصية المعنوية للإمام (قده) إلي أن يبقي ذكر الإمام و صورته (قده) حاضرين بشكل دائم و مستمر في جبهات القتال. كان المجاهدون يعطرون افواههم بذكر الإمام وذلك طبعاً بعد ذكر الأئمة المعصومين (ع) و كانوا يطلقون الشعارات الداعية له بالسلامة في جبهات القتال كافة. كان إستعمال الكلمات القصار لإمام (قده) حول الحرب رائج في الجبهات حيث كانت تكتب علي لوحات و كان المجاهدون يستشهدون بها و يزينون الجبهة بها. 5- الشوق إلي ملاقاة الإمام. كانت رؤية و مشاهدة الإمام افضل أمنية و أكثر ما يرجوه المشتاقين و عشاق الإمام. كان هؤلاء يعدون اللحظات التي تفصلهم عن رؤية الإمام (قده) و ملاقاته و التحدث إليه. كان المجاهدون عندما يعلمون بأن أحد رفاقهم يمكن أن يلتقي الإمام (قده) بعد عودته من الجبهة، كانوا يحملونه خالص تحياتهم و سلامهم و محبتهم و يرسلوها إلي الإمام و لم يكونوا يتحدثون عن مشاكلهم أو مشاكل أسرهم. في الحقيقة فإن الوجه الجذاب لسماحة الإمام (قده) هو تجلياً للجمال الإلهي حيث كان المجاهدين في أصعب و أشد ظروف الحرب و في أشد ساعات القتال يتذكرون هذا الوجه الملائكي للإمام (قده) و موعد لقائهم به و كان ذلك يمدهم بالحياة والنفس الجديد و يبث في أجسادهم روحاً جديدة.
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع