في أحد الأيام التي كنا فيها في خطوط الجبهات، كانت هناك نقطة سبق أن احتلها العدو ثم تقدمت قواتنا فسيطرت عليها ثانية. كنت أتفقد تلك الخطوط و ما فيها من وحدات و خنادق و مقاتلين من الشباب الأعزاء، و إذا بي أشاهد اثنين من الإخوة المقاتلين جاءا نحوي منزعجين مسرعين مضطربين يتصببان عرقاً، و أخذاني جانباً عن الإخوة الذين كانوا يشرحون لي الوضع و يقدمون لي التقارير. فقلت لهما ما الذي حصل؟ قالا: كنا في دورية في هذه المنطقة فوقعت أعيننا علي جسد أحد الشهداء بقي منذ أيام في العراء تحت الشمس.
تألمت كثيراً و قلت للإخوة المسؤولين في ذلك الخط و المنطقة أي يسرعوا في متابعة هذه المسألة و يأتوا بجثمان ذلك الشهيد و بأجساد غيره من الشهداء التي قد تكون بقيت هناك. و في تلك اللحظة تذكرت الإمام الحسين (ع) و قلت في قلبي: روحي الفداء لجسدك المبضّع المقطّع يا أبا عبد الله. هنا يدرك الإنسان ما الذي تجرّعته زينب الكبري حين ألقت بنفسها علي جسد أخيها العاري، و اطلقت بصوتها الحزين و دون إرادتها في الأجواء و في كل التاريخ قولها: « بأبي المظلوم حتي قضي، بأبي العطشان حتي مضي».
من خطبتي صلاة الجمعة بطهران في تاريخ 26/08/1988 م