رمز الخبر: 206350
تأريخ النشر: 11 May 2013 - 00:00

العلامة الشهيد الأستاذ مرتضي مطهري (رحمه الله)

ولد الشهيد آية الله مرتضي مطهري في 12 جمادي الثانية من عام 1338 هـ ق ‏في مدينة فريمان بمحافظة خراسان، من عائلة علمائية. فأبوه المرحوم الشيخ محمد حسين مطهري، درس العلوم الدينية في النجف ‏الأشرف، وبعد فترة من الإقامة في العراق والحجاز ومصر عاد إلي فريمان ‏وتوطن هناك وقضي عمره في ترويج الدين وإرشاد الناس. كان عالماً وزاهداً ‏ومخلصاً وتقياً، وبلغ مقامات معنوية رفيعة. توفي عام 1349هـ ش عن عمر ‏يناهز المائة عام. ‏


المولد والنسب ولد الشهيد آية الله مرتضي مطهري في 12 جمادي الثانية من عام 1338 هـ ق ‏في مدينة فريمان بمحافظة خراسان، من عائلة علمائية. فأبوه المرحوم الشيخ محمد حسين مطهري، درس العلوم الدينية في النجف ‏الأشرف، وبعد فترة من الإقامة في العراق والحجاز ومصر عاد إلي فريمان ‏وتوطن هناك وقضي عمره في ترويج الدين وإرشاد الناس. كان عالماً وزاهداً ‏ومخلصاً وتقياً، وبلغ مقامات معنوية رفيعة. توفي عام 1349هـ ش عن عمر ‏يناهز المائة عام. ‏ وكان لزهد وتقوي والده دوراً رئيساً في بلورة الشخصية المعنوية للشهيد، وقد ‏تفضل عليه الباري تعالي بهذا الولد البار جزاءً لإخلاصه وتقواه. ‏ يقول الشهيد مطهري في مقدمة كتابه (قصص الأبرار) بهذا الصدد: ‏ ‏\"أهدي هذا الأثر الزهيد إلي والدي العزيز الحاج الشيخ محمد حسين مطهري ‏‏(دامت بركاته) والذي كان أول من أرشدني إلي طريق الصواب بإيمانه وتقواه ‏وعمله الصالح\". ‏ والذي يستفاد من خلال القرائن والشواهد أن الشهيد مطهري حظي بالرعاية ‏الإلهية الخاصة حتي قبل ولادته، تقول أمّه بهذا الصدد: ‏ ‏\"عندما كنت حاملاً في الشهر السابع، رأيت في المنام أنني جالسة وسط النساء في ‏مسجد فريمان الواقع في الحيّ، فدخلت امرأة مجلّلة ومقدسة المسجد، تتبعها ‏امرأتان، وكانت في أيديهن ماء الورد يرشن علي النسوة، وعندما وصلن أليّ ‏رشن ماء الورد علي رأسي ثلاث مرات، فقلقت خوفاً من أنني قصرت في أداء ‏واجباتي الدينية، فسألتهن: لماذا رشيتن ماء الورد علي رأسي ثلاث مرات، فقلن: ‏لأجل الولد الذي تحملينه. إنه سوف يقدم خدمات عظيمة للإسلام\". ‏ كما أن آثار التدين كانت بادية عليه منذ نعومة أظفاره.‏ ‏ الدراسة بدأ الشهيد مطهري دراسة العلوم الدينية في سن العاشرة. وفي عام 1312هـ ش ‏توجّه إلي مشهد لإكمال دروسه الدينية. وبعد عامين أقدم رضا خان علي إغلاق ‏المدارس الدينية، فعاد الشهيد إلي مسقط رأسه وواصل دراسته الحرّة لمدة سنتين. ‏ينقل عنه أنه كان يقول: \"إن كل ما لدي من مطالعات تاريخية، تعود إلي السنتين ‏اللتين رجعت فيهما من مشهد إلي فريمان\". ‏ وقد بدأ الشهيد بالبحث والدقة منذ الأيام الأولي لتلقّيه العلوم الدينية، وذلك بغية ‏الحصول علي إجابات واضحة ووافية حول موضوع (معرفة الله). ‏ رغم وجود العلماء الكبار في الحوزة العلمية بمشهد، إلا أن صيت قم قد ذاع في ‏الآفاق، مما جعل الشهيد مطهري يهاجر إليها، هذا في وقت كانت قد بلغت فيه ‏محاربة رضا خان للحوزات العلمية أوجها، والعلماء معرّضون لأشد الضغوط. ‏ومن جانب آخر كان أقارب وأصدقاء الشهيد يعارضون ذهابه إلي الحوزة العلمية ‏بقم. ‏ درس الشهيد مطهري كفاية الأصول لدي آية الله السيد محمد داماد، والبحث ‏الخارج لدي الآيات العظام: الخوانساري، الحجة والصدر، ثم استفاد من دروس ‏الإمام الخميني قدس سره، وكان يعتبر الدراسة علي يد الإمام الخميني قدس سره ‏اثنا عشر عاماً ـ والذي تعدّت علاقته بالإمام حدود علاقة التلميذ بالأستاذ حيث ‏كان الإمام يزوره في غرفته في المدرسة الدينية ـ ذي تأثير كبير علي تبلور ‏شخصيته. ‏ كما أن لتتلمذ الأستاذ مطهري عند العلامة الطباطبائي دور كبير في بلورة ‏شخصيته العلمية والروحية. ورغم أن مدة دراسة الأستاذ الرسمية لدي العلامة ‏كانت في حدود الثلاث سنوات، إلاّ أن علاقته بالمرحوم العلامة كانت مستمرة ‏حتي استشهاده، وكان يستفيد منه حتي نهاية حياته. وعبارة \"سماحة أستاذنا الأكرم ‏العلامة الطباطبائي\" لدليل علي ما يكنّه الشهيد من احترام للعلامة. ‏ كان المرحوم مطهري مجتهداً وصاحب رأي في العلوم الإسلامية من قبيل التفسير ‏والفقه وأصول الفقه وأصول الدين والفلسفة الشرقية، خصوصاً أنه لمس بدقة ‏مسائل فلسفة صدر المتألهين الشيرازي، وكانت تأليفاته دقيقة وناضجة ومفيدة ‏وقيمة جداً لجيل الشباب الباحثين. ‏ وكان للمرحوم دور مؤثر في التعريف بالإسلام الأصيل وفي الكفاح بزعامة الإمام ‏الخميني، وكان ضمن العلماء الأعلام والمثقفين الذين اعتقلوا في الخامس عشر من ‏خرداد. وكان دائماً من أنصار الثورة الأوفياء، وكان من خصوصياته أن أجواء ‏طهران المتلاطمة لم تلوثه، وبقي علي خلوصه وصفائه وبساطته وأخلاقه ‏ومعنويته، ويالها من فضيلة عظيمة أن لا تؤثر الأجواء سلباً علي الانسان، بل ‏يترك آثاراً ايجابية في المحيط الذي يعيشه. كما أن من خصوصيات المرحوم هي ‏الالتزام والعلاقة المفرطة للذكر والدعاء والتهجد. ‏ هذا المرحوم قد نال فيض الشهادة العظيم، فهنيئاً له وحشره الله تعالي مع الشهداء ‏والصالحين والهم الله أولاده وأهل بيته الصبر والأجر بجاه محمد وآله. ‏ فالإمام قد بدأ تدريس خارج الفقه والأصول في إطار خاص بطلب من الشهيد ‏وأحد تلامذته الآخرين، فعندما كان المرحوم آية الله البروجردي يدرّس خارج الفقه ‏والأصول، طلب الشهيد مطهري من الإمام أن يدرّس خارج الأصول له مع جمع ‏من التلامذة. ‏ وإضافة إلي درس خارج الأصول، درس الشهيد شرح المنظومة لملا هادي ‏السبزواري وجزءً من الأسفار لدي الإمام الخميني قدس سره، وكان يتمتع بذكاء ‏وافر واستعداد قوي وجهد مضاعف بحيث تخطي المدارج العلمية بسرعة، ونال ‏الاجتهاد في العلوم النقلية والعقلية. ‏ ومعمول في الحوزات العلمية منذ القدم أن يبدأ الطالب إضافة إلي دراسته للدروس ‏العليا، بتدريس العلوم الحوزوية، عاملاً بالحديث الشريف \"زكاة العلم نشره\". ‏والشهيد مطهري لم يشذ من هذه القاعدة، فبدأ بالتدريس في الحوزة إلي أن نال ‏لقب (الأستاذ) في الحوزة العلمية، وأصبح من الأساتذة المعروفين فيها. ‏ كان الشهيد مطهري منسجماً مع منظمة \"فدائيان اسلام\" ومع أفكارهم. وقد سمعت ‏الشهيد نواب مرّات، يذكر الشيخ مطهري باحترام، ويسأل عنه. ‏ ‏ الهجرة إلي طهران هاجر الشهيد مطهري عام 1331هـ ش من قم إلي طهران. ‏ بهجرته إلي طهران بدأ فصل جديد في أمر الموعظة والتبليغ، وفي هذه المرّة ‏تطرق شخصيا لإلقاء المحاضرات وتبليغ الدين وهو مجتهد مسلّم به، ونعي ‏شخصية أبا عبد الله الحسين عليه السلام وقرأ مقتله وهو مشتغل بتدريس أعقد ‏الكتب الفلسفية في الجامعة. ‏ ولو كان متصوراً في السابق أن الذين ينعون أبا عبد الله عليه السلام هم ممن لا ‏يتمتعون بالمستوي العلمي المطلوب أو من الجهلة، فإن هذه المرة وضع شخص ‏قدمه في هذا الميدان وهو صاحب رأي في الفقه والفلسفة والكلام والتفسير. ‏فجامعيته قد وفرت له الأرضية اللازمة للتواجد في المجامع العلمية والثقافية ‏والدينية. والشيخ المطهري فقيه حوزوي، وعالم دين، ومبلغّ حريص علي الدين، ‏ومفكر أكاديمي، ووجه جامعي لامع، وعالم بصير وجامع، وخطيب مفوّه، وكاتب ‏مقتدر، بحيث يمكنه إدارة مجتمع مثقف وحضاري في عالم اليوم بالنظرية الدينية ‏التي ظهرت منذ أربعة عشر قرناً، ويمكنه تقديم الدين وإرشاد المشاعر الجياشة ‏للجيل الجديد في طريق الدين. ‏ بعد أن استقر الشهيد في طهران، بدأ بالتدريس في مدرسة مروي للعلوم الدينية؛ ‏واستمر تدريسه إلي قبل ثلاث سنوات من استشهاده. ‏ وأول تأليف للشهيد هو مقدمة وحاشية علي كتاب (أصول الفلسفة والمذهب ‏الواقعي). وكان لانتشار هذا الكتاب دور كبير في إثبات خواء الفلسفة المادية. ‏ فقد قال احسان طبري منظر حزب توده الشيوعي في ايران، والذي نبذ الأفكار ‏المادية وعاد إلي الإسلام أواخر حياته، قال في مقابلة معه إن تغيير أيديولوجيته ‏كان نتيجة مطالعته لكتب الأستاذ مطهري خصوصاً كتاب (أصول الفلسفة و...). ‏‏ كان للشهيد مطهري دور بارز وخاص في النهضة، فقد كانت مكانته بصورة ‏بحيث كان موضع احترام وثقة المراجع، ويمكن القول إنه كان حلقة وصل بين ‏الإمام وسائر المراجع. ومن خصوصياته أن علاقاته كانت وثيقة جداً مع المراجع.‏ بعد هجرة قائد الثورة الإسلامية إلي باريس، كان الشهيد مطهري علي ارتباط دائم ‏معه، وكما قال حجة الإسلام والمسلمين هاشمي رفسنجاني في مقابلة تلفزيونية: ‏‏\"كان منزل الأستاذ مطهري مركز هداية الثورة في داخل البلد، والتنسيق مع قيادة ‏الإمام\". ‏ كان الشهيد مطهري طوال فترة اشتداد وتيرة الثورة الإسلامية، يسعي جاهداً إلي ‏عدم استغلال الأحزاب والجماعات المتظاهرة بالإسلام وذات الأفكار المنحرفة لها. ‏لأنه كان يؤمن بقوة بالدفاع عن خلوص الثورة فكرياً وعقيدياً، وأن الهدف ليس ‏الثورة فقط بل ثورة الإسلامية، ولهذا كانت هذه الجماعات تكن العداء الشديد ‏للشهيد، وبلغ هذا العداء درجة بحيث اتهموا الشهيد بأنه المانع عن دعم الإمام لهم، ‏وإلا فلا مخالفة للإمام معها، وطبعاً هذا ناشئ من عدم معرفتهم الصحيحة للإمام ‏الخميني(ره). ‏ ‏ الاستشهاد وفي النهاية استشهد الشهيد مطهري في ليلة الثاني عشر من ارديبهشت (الشهر ‏الثاني الفارسي) عام 1358هــ ش، أي بعد أقل من أربعة أشهر علي انتصار ‏الثورة، علي يد جماعة فرقان المنحرفة، والتحق بالرفيق الأعلي. ‏ تروي زوجته هذه الحادثة فتقول: قبل ثلاثة ليالي من شهادته، رأي مناماً وكانت ‏آخر ليلة جمعة. استيقظ من النوم بحالة عجيبة فسألته. ماذا حدث؟ فقال: رأيت ‏مناماً. كنت والإمام الخميني نطوف حول الكعبة فجأة لاحظت ان الرسول صلي ‏الله عليه وآله يقترب مني بسرعة، ولما كان يقترب مني تراجعت إلي الوراء حتي ‏لا اسيء احترام الإمام، وقلت: يا رسول الله إن هذا السيد من أولادك فاقترب ‏رسول الله من الإمام ثم عانقه، وبعدها اقترب مني وعانقني. ثم وضع شفاهه علي ‏شفاهي ولم يرفعها، وعندما استيقظت من النوم بحيث انني مازلت اشعر بحرارة ‏شفاهه علي شفاهي ثم سكت هنيئة، وقال: إنني متأكد ان شيئاً مهماً سوف يحدث ‏قريباً. ‏ بعد أقل من ثلاثة أشهر علي انتصار الثورة الإسلامية وبينما كان عائداً إلي منزله ‏فتح عليه المجرمون أعداء الثورة الإسلامية النار فسقط شهيدا.. وكان ذلك في 2/5/1979. ‏ اغتالوه… لقد نفذ صبرهم وهم يشاهدونه يدفع بعجلة الثورة الإسلامية إلي الإمام ‏بقلمه ولسانه وكل ما بوسعه.‏ المصدر: وكالات.
رایکم
جدید‬ الموقع