ذكر مراسل نويد شاهد ان السيد صادقي هو من مواليد عام 1953 في مدينة تبريز و هو مصور بدأ التصوير منذ فترة الثورة الاسلامية في عام 1978 و عمل مصوراً و مراسلاً في صحيفة جمهوري اسلامي و في عام 1979 و تزامناً مع نشوب الحرب المفروضة عمل لفترة في الحقل السينمائي كمساعد للتصوير و مدير للتصوير في انتاج الافلام السينمائية و المسلسلات التلفزيونية. و من جملة الافلام التي انتجت و تولي فيها موقع المدير للتصوير كانت افلام: «نهاية الطفولة» و «موت سياوش» و «آخر يوم من الصيف». و أقام بعد الحرب معرضاً بعنون المنتصف الخفي للحرب مع مصور عراقي. و من نشاطاته الفنية الاخري يمكن أن نشير الي تصويره لفلم بلغراد الوثائقي و اخراجه و تصويره لسبعة اقسام من مسلسل فلم الحرب الوثائقي بعنوان سبعة جروح من الدفاع المقدس.
و أقام السيد صادقي حتي الآن العشرات من معارض الرسم الخاصة كما شارك في العديد من المعارض الجماعية و منها معارض «الحرب» و «الاطفال» و «ايران اليوم» و «نساء ايران».
و في عام 1988 فاز بشهادة ذهبية مزينة بكلمة للإمام الخميني من رئيس الجمهورية آنذاك. و كان عضواً في مجلس وضع السياسات و الامين العلمي لمعرض الرسم للعالم الاسلامي الذي يقام كل عامين مرة واحدة من جانب آكاديمية الفن كما ينشط كمقيـّم و المعيـّن للدرجة الفنية للفنانين الراغبين في الدراسة في فرع الرسم لوزارة الارشاد. و حصل السيد سعيد صادقي في عام 1385 علي وسام الشجاعة و في عام 2007 حصل علي وسام من الدرجة الاولي للفن من جانب مجلس الثورة الثقافية.
و فيمايلي اسماء الكتب المطبوعة للسيد صادقي:
- كتاب : الدفاع العاشق و الحياة ثانية «دفاع عاشقانه و زندكي دوباره»
-كتاب : «إنا فتحنا» في ثلاثة مجلدات
-كتاب ربيع حلبجه (بهار حلبجه) في مجلداين
-كتاب مجموعة صور الحرب و رواية الفتح (مجموعه عكسها جنك و روايت فتح)
-كتاب البراعم المتكسرة (شكوفه هاي شكسته)
-كتاب ثقافة الجبهة (فرهنك جبهة)
و فيمايلي المقابلة التي اجريناها معه:
س: نرجو جنابكم أن تتحدثوا لنا شيئاً عن التصوير في فترة الثورة كما نرغب أن نعلم مدي تأثير الثورة في الفن التصويري؟
ج: لقد كانت مساحة الثورة واسعة جداً إلي درجة ذابت فيها كافة الكامرات في قلب الثورة! لكن الجوانب المختلفة للثورة و الكامرات كذلك كانت مختلفة. فكانت كامرات تعمل و تصور للقضاء علي الثورة و كامرات كانت متعشقة و متهلفة للثورة.
لذلك يبدو لي كانت نظرتان في كامرات الثورة احداهما كانت تقف بوجه الثورة و تبحث عن القضايا السلبية في الوقت الذي لم هناك شيئ سلبي و النظرة الثانية كانت النظر المتعشقة للثورة التي كانت تبحث عما هو جميل.
و كان الفن التصويري لما قبل الثورة يبحث عن الوجوه و الاتجاه الذي كانت تطغي فيه الرؤية الارستقراطية و ليس للمحتوي دور فيه. و لكن في الثورة الاسلامية كانت الابعاد الانسانية اكثر اتساعاً و قد اوجدت المحتوي. و قد لاتدركون لكن الجوانب الانسانية في زمن الطاغوت كانت ضعيفة جداً. و كان الناس يعيشون ظروفاً صعبة جداً. و لذلك كان الشعب متلهف لوجود العلاقات الانسانية و الدينية لأن الدين كان موجوداً في ذات جميع الناس. و كان فرعاً كبيراً من الثورة الاسلامية يتمثل في فن التصوير فعندما كانت تلتقط صورة من احداث الثورة كانت هذه الصورة توزع في كافة ارجاء ايران و يعي بذلك الناس حيال جرائم الطاغوت و الحركات الشعبية الموجودة في مختلف المدن الايرانية.
الاتصالات التصويرية كانت اسرع جهاز الاعلامي لأن التلفزيون و الصحافة كانت تواجه قيوداً و خاضعة للسيطرة و الرقابة.
س: اي شيئ اوجد الصور المدهشة في فترة الثورة؟
الكامرة هي وسيلة و من يضغط علي الزر هو انسان و الصورة تحظي بقابلية البقاء. فالمصور و ما كان يحمله من احساس كان في غاية الاهمية و كان الاندهاش و تأثير الصور اكثر من تأثير الكلمات بكثير. لأن الاحداث كانت مهمة لكافة الشعب في كافة المناطق.
س: ما هي الصور من فترة الثورة التي تحظي بقابلية البقاء؟
ج: الصور التي كانت ملتقطه بالقلب و الشوق اصبحت خالدة بعد الثورة و بالنظر إلي التحولات الاجتماعية السريعة و انقطاع العلاقات الودية التي كانت قائمة بين ابناء الشعب إبان الثورة، و يتم اختفاء الصور الخالدة. و يعني ذلك باتت الاجواء حالياً غير مناسبة لعرض الاعمال التصويرية. اننا مازلنا لم ندرك الابعاد المختلفة للثورة و مازلنا لم نصل إلي معرفة الثورة. بات اليوم التلاحم الوطني و الديني و الاهداف الجماعية مقطوعة و قلت الاشياء الخالدة و حتي الالفاظ باتت فيها تبعث علي الاشمئزاز.
س: يري الكثير من المصورين بأن التحول الذي اوجده الامام خميني (ره) لايمكن انكاره. فانا انوي ان اسألكم كيف ينبغي علينا أن نحافظ علي هذه المكاسب؟
حالات التضحية و الفداء لها دوراً بارزاً علي الصور و اننا نستطيع من خلال الاخلاص تركيب أطر صورنا و العمل نحو تنمية العلاقات الشعبية في المجتمع و تلعب السيادة دورها و أن نثمن جهود الذين صوروا في سبيل الثورة بكل اخلاص و تودّد. و من خلال التآزر و التعاضد الموجود بين الشعب و الحكومة تستطيع الصورة أن توجد تحولاً عظيماً في العالم. ففي فترة الثورة كانت الاهداف و التطلعات واحدة و اليوم كذلك ينبغي بذل جهودنا لتكون اهدافنا و تطلعاتنا موحدة.
س: ننوي توجيه الاسئلة نحو الدفاع المقدس، فما كان الوضع الذي يعيشه الفن التصويري في فترة الدفاع المقدس؟
ج: لقد نثرت بذور فن التصوير في فترة الثورة و اثمرت و اعطت نتائجها في الدفاع المقدس. ففي فترة ما بعد الثورة اوجدت المجوعات السياسية و لعب الفن التصويري دوراً بارزاً ، اذ يمكن القول بانه لولا وجود المصورين العشاق للثورة لكانت المجموعات السياسية تسيطر بسرعة علي سدّة الحكم. فاذا ما تصفحنا اوراق تاريخ التصوير نجد في اوائل الثورة عدداً قليلاً ممن صوروا. و عندما تم تثبيت القوة الشعبية و الوطنية في النظام دخل عدد اكبر من المصورين الساحة. و اذا ما قارناً الصور مع بعضها نلاحظ الفرق الموجود بين الصور الملتقطة بالمنطق العقلي للمصورين و صور الذين صوروا من صميم قلوبهم.
س: احدي المشاكل الرئيسية التي يعاني منها مصورو الدفاع المقدس هي عدم وجود ارشيف كامل لصورهم. فالكثير من المصورين صوروا لمختلف المؤسسات و قدموا افلام تصاويرهم الي تلك المؤسسات و قد اتلفت هذه الافلام بمضي الزمن. لماذا لم تقبل اية مؤسسة مهمة جمع صور فترة الدفاع المقدس؟
ج: إن تنظيم صور الحرب يواجه مشاكل كثيرة. لأن المسؤولين مازالوا لم يؤمنوا بفن التصوير. و لايعرف سبب نشاط المعارضين لفن تصوير الحرب لكن الشيئ الواضح هو لايمكن حذف اسم مصوري الحرب من المجال التصويري و تاريخ الحرب العراقية الايرانية.
س: كيف تقومون انتم مصورو الدفاع المقدس؟
الافراد الذين صوروا في زمن الحرب يمكن تقسيمهم إلي ثلاثة اصناف: فالمجموعة الاولي كانت مؤلفة من المصورين الذين كانوا يوفدون إلي جبهات الحرب من منطلق المهام الرسمية المناطة بهم و كمراسلين. و المجموعة الثانية كانت تشمل المصورين الحرفيين و المحترفين الذين صوروا بكل رغبة شخصية مشاهد الحرب. و الفريق الثالث لم يكونوا في مهام رسمية و لا مراسلين و لايعملون باخلاص بل كانوا يصورون طبقاً للتوصيات. فالصور التي ستخلد في أذهان الجيل المقبل و ستخلد هي الاعمال التصويرية للمجموعة الثانية لأن كل صورة في موضوع الحرب لايمكن أن تكون صورة في الدفاع المقدس. صور الدفاع المقدس المطلوبة تستدعي وجود النوايا الحسنة و الاخلاص و النظافة المطلوبة و فيما يتعلق بسؤالكم السابق يجب أن اقول بانه مالم يتم تصنيف صور الحرب من جانب مؤسسة او منظمة معنية بالأمر فان صورنا سوف لاتحظي بالقناعة من جانب الشعب و سوف لاتكون مؤثرة في تاريخ الحرب الايرانية العراقية.
دون اجراء دراسة دقيقة للأعمال التصويرية المتبقية يبقي الفرق بين المصورين الذين صوروا بكل رغبة و اخلاص و بزاوية الرؤية الموصاة التي تسمح لهم بالدخول إلي محل العمليات بعد انتهاء الحرب تختلف مع تلك المجموعة التي عاشت بين المقاتلين و التي التقطت صورها و سوف لاتتضح للأجيال القادمة و كانت مشاعر هذه المجموعات الثلاثة مختلفة و لم تتشابه قط.
س: ما هي الخصائص التي تحملها الصورة الخالدة؟
ج: الصور الملتقطة لدمار الحرب و الصور التذكارية الملتقطة للأبواب و الجدران تشكل عملاً سهلاً و لاتعتبر هذه الصور صور حربية لانها لايصدق بها الناس. فيبغي علي المصور أن يعكس قصده و في تصوير الصورة و لايسمح لأي شخص بتفسيرها.
ايران لم تحارب دفاعاً عن حدودها بل انها وقفت بوجه الحرب. اذن الصورة الناجحة هي تلك الصورة التي تعكس فن الصمود.
س: لقد كنت انت ضمن اول المصورين الذين حضروا في خرمشهر و شاهد سقوطها ماذا حدث في ذلك اليوم و ما كنت تعمل وسط القصف و وابل رصاص العدو؟
ج: في اليوم الذي بدأت فيه الحرب وصل نبأ يتحدث عن قصف المطار. توجهت بكل سرعة الي مطار مهرآباد و سمحوا لنا بالدخول إلي المطار.و ذهبت إلي حي اكباتان السكني لانهم كانوا قد قصفوا ذلك الحي، لكن القنابل لم تنفجر و أنا صورت القنابل التي لم تنفجر.
في ذلك اليوم قررت التوجه إلي المناطق الحدودية التي شهدت بداية الحرب و لكن لم تتوفر لي وسيلة للذهاب. فالقصف و الاوضاع المتدهورة كانت قد اجتاحت البلاد باسرها. و كانت المصادر الاقتصادية و حركة الشحن و النقل قد تعطلت. ففي تلك الظروف لم تكن الاشياء في محلها، فكان الشيئ الوحيد الذي كان باقياً في محله و يحظي بالسكينة هو الامام (ره).
فعندما وصلنا الي خرمشهر كانت العوائل مازالت موجودة في آبادان قمنا بجولة هادئة في المدينة و قد وصلنا إلي المسجد الجامع عند وقت الظهر ففي ذلك الوقت لم يثق احد بالكامرة. فهمنا بوجود مجموعتين في المدينة. كانت هناك مجموعة تتعاون مع العدو و مجموعة اخري كانت من الشباب الذين يدافعون عن المدينة. ركبنا سيارة مع مجموعة من الشباب فتوجهنا بها إلي المناطق القريبة من الحدود.
الافراد الذين كانوا قادرين غادروا المدينة و لكن الكثير لم يغادر المدينة اذ انهم كانوا غير قادرين اقتصادياً علي الذهاب ففي اواسط شهر مهر/ 7 اكتوبر ازدادت حدة اطلاق النار علي المدينة. كنا لانعلم ابداً مايقومون به لكننا بعدها فهنما بأن المدينة كانت محاصرة. و كانوا قد سيطروا علي دارخوين و الدبابات هاجمت المدينة من شمالها و كانت الظروف صعبة جداً. القيمة التي كانت سائدة في تلك الأيام و لعل الامر يعتبراً عيباً كبيراً لدي الكثير في الظروف الاعتيادية حيث كنا مع أهالي المدينة كالاخوان و كنا نتساعد مع بعضنا في تلك الظروف الصعبة و الخاصة. و دون أن يعرف احدنا الآخر كانت مشاعرنا موحدة و متوائمة و الامر هذا كان سبب مقاومتنا. كانت الاجواء مرعبة إلي تلك الدرجة التي نسيت التصوير فيها. كنا نقوم بكافة الاعمال و ندافع عن المدينة و نقدم المساعدات. في تلك الايام زار المدينة حجة الاسلام هادي غفاري و آية الله خلخالي و عدد آخر من المسؤولين. اتذكر جاء الشباب بعدد من الاسري و ترك الناس بيتوهم و غادروا المدينة. و كانت امول أهالي خرمشهر متروكة و حتي البنوك لم يتم تفريغها و كانت امام اهالي ابادان فرصة اكبر لنقل وسائلهم من المدينة.
قوات المشاة العراقية كانت تتحرك في المدينة و كانوا يخرجون كل من يروه من منزلة و يعدموه. و كانوا لا يمنحون الفرصة فكانوا يقتلون الرجال رمياً بالرصاص و يأخذون النساء. و الذعر قد سيطر علي المدينة و كانوا يحرقون الشيوخ و العجائز و هم احياء كانت الكامرة معي و كنت اطلق النار من خشيتي لكني لم استطع من التقاط الصور.
كانت المقاومة في خرمشهر مقاومة خاصة و كانت عظمة المقاومة اكثر من عظمة النصر. و الخلاصة كانت المدينة قد سقطت و كنت لا اعرف تاريخ هذا السقوط و لكن سقطت المدينة و غادرنا ها. أنا شاهدت بعيني الابطال في خرمشهر و ليس بطلاً واحداً.
س: ماذا حلّ بوضع فن التصوير بعد فترة الحرب
ج: الفن التصويري في يومنا هذا بات يحظي بطابع تزييني و كمالي اذا ما نتجول علي مستوي المدينة سنشاهد الكثير من الرسوم لكنها لاتترك ذلك التأثير. فالافراد الذين يستفيدون من هذه المعارض معظمهم دارسون في الفرع الاقتصادي. و قد ابتعد الفن التصويري عن حالة الوحدة الوطنية و الحركة الوطنية و الدينية و بات منفصلاً عنها.
كان الفن التصويري ابلغ اداة اعلامية إبان فترتي الثورة و الدفاع المقدس ليكون في خدمة التاريخ.
س: في الوقت الراهن ما هي المشاكل الموجودة في مجال التصوير للتعبير عن مفهوم التضحية و الشهاد؟
ج: احدي مشاكلنا هي اننا ننوي فقط مشاهدة الصور الجميلة و اذ كنا نبلور فخرنا الوطني و الديني في تركيب الصور و نظهر رؤانا و وعينا لكنا اليوم في مكانة افضل. إن للصورة تأثير اكبر من تأثير السينما و المسرح و الموسيقي لأن الصورة تبقي في الذهن و لاتزول بسرعة. الفن التصويري لايعني الكامرة فالفن. التصويري يكمن في ذهنية المصور. و في وعي المصور. و من أجل زيادة هذا الوعي ينبغي توفّر المطالعة و التجربة و الافادة من خبرات الاخرين إلي جانب المطالعة لقد امحت الثورة الرؤية الارستقراطية عن الفن التصويري لكن ما يؤسف له هو عندما نشاهد الصحف في يومنا هذا نلاحظ الظهور المجدد للإرستقراطية و نلمسها.