احدث خبر:
رمز الخبر : ۳۸۵۲۰۲
۱۳:۵۷

۸/جمادی الثانی/۱۴۴۷

الشقاقي مؤسس ثقافة الجهاد والمقاومة...



 

شاهد ياران تلتقي بـالمفكر المصري الدكتور رفعت السيد احمد

كيف ومتى تعرفت إلى الدكتور فتحي الشقاقي؟

في الواقع تعرفت إلى الدكتور المعلم الشهيد فتحي الشقاقي منذ أواخر السبعينات من القرن المنصرم. انه كان في تلك الفترة يدرس في كلية الطب في جامعة مدينة الزقازيق المصرية وكان يظهر كـ مفكر وقائد في الحركات الإسلامية في جمهورية مصر العربية وفلسطين. منذ إن بدا بتأليف البحوث الثمينة والهامة في شهرية المختار الإسلامي تعرفت إليه أكثر من ذي قبل. إن شهرية المختار الإسلامي كانت من ضمن الدوريات ذات الاتجاه الإسلامي والمستقلة في تلك الأيام التي كانت تنتشر في إطار واسع. إن الشيخ حسين عاشور كان يدير شهرية المختار الإسلامي وهو من القادة الواعيين والمثقفين في تنظيم الإخوان المسلمين. ومازال يستمر بهذه المهمة إلى يومنا هذا. إن السيد عاشور كان قد خصص أكثر صفحات المجلة إلى الشباب والجيل الثوري من الفلسطينيين كي يمنحوا الشباب الطابع الثوري والإسلامي لهذه المجلة بواسطة تأليفهم مقالات ثمينة. ليس هناك أدنى شك وريبة بان الدورية كانت قد اتخذت الاتجاه والمسار الذي يختلف مع المجلات الإسلامية الأخرى التي كانت تنتشر آنذاك. إني أتذكر بان كان هناك الكثيرين يكتبوا في مجلة المختار الإسلامي فضلا عن الدكتور فتحي الشقاقي من أمثال: الدكتور بشير موسى نافع والدكتور رمضان شلح وهو الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في الثمانينات من القرن المنصرم. إنني تعرفت بواسطة هذه المجلة إلى أفكار وآراء المعلم الشهيد الدكتور الشقاقي الفريدة بنوعها. لأنه استطاع إن يجمع شمل شباب فلسطين الملتزمين بأفكاره النيرة وحتى اجتمع من حوله الشباب المصريين حتى أسس في عام 1979 مرحلة حديثة في تاريخ حركة الجهاد الإسلامي. إن أعضاء وأنصار حركة الجهاد الإسلامي انتقلوا من جامعة الزقازيق من مصر إلى قطاع غزة في فلسطين. كي يخلقوا من داخل الحركات الإسلامية في فلسطين أول حركة تتبنى الكفاح المسلح الجهادي في فلسطين.

ما هي الدوافع والأسباب التي جعلتكم تستمرون في الصداقة؟

إحدى تلك الأدلة في بناء علاقة ودية مع الدكتور فتحي الشقاقي هي إصراره وعزيمته ومثابرته في الدفاع عن الأهداف وقضايا الأمة وفي طليعتها القضية الفلسطينية. انه كان مجاهدا صارما لا يعرف التعب والإرهاق وإنني وجدت على هذه الميزات ولا يساوم في الدفاع عن أهدافه ولا يلين لها. انه كان أول من طرح مشروع محورية القضية الفلسطينية في أوساط الأمة الإسلامية. انه كانت لديه الإيمان الراسخ والصارم مع هذا كان يعامل الناس بالتواضع والتسامح والابتسامة. وكان يحاول إن يخلق اجواءا من التلاؤم بين قادة الحركات والأحزاب والتيارات الإسلامية والوطنية والعربية وينسق مواقفهم. فضلا عن هذا كان الدكتور فتحي الشقاقي مرجع المجاهدين والمناضلين الحقيقيين, الكلمات التي أوردتها لا تترك مجالا للشك في إن بناء علاقة الصداقة مع هذا الرجل ليست بالأمر العجيب إن علاقتنا وبالرغم من البعد المكاني والزمني استمرت وكنا نلتقي البعض في مختلف المناسبات والندوات المتنوعة وكانت بذلك تترسخ علاقتنا الأخوية وتتوطد صداقتنا.

لماذا اخترتم أشخاص من أمثال الدكتور الشقاقي والشهيد عباس الموسوي وسيد حسن نصر الله لتدوين سيرة حياتهم والأعمال التي قاموا بها؟

إن الإجابة على هذا السؤال ليست بالأمر الصعب بل انه بسيطا وواضحا. لأنهم يعتبرون مصباحا الثورة والجهاد. يجدر بأبناء الأمة العربية والإسلامية بان يتخذوا هؤلاء كقدوة ونموذج يحتذي بهم في النضال. أحلفكم بالله لو لم نختار هؤلاء الأشخاص والمناضلين والاستشهاديين كقدوة ولم نتبعهم, فأي الأشخاص الذي لابد إن نتبعهم؟ لو لم نتبع الأشخاص الذين ضحوا بأنفسهم وبأولادهم بالإخلاص التام في سبيل الله فهل نتبع الملوك والرؤساء والسياسيين العاجزين والتابعين للغرب؟ إن الشهيد فتحي الشقاقي ومن قبله الشهيد عباس الموسوي ومن بعد سيد حسن نصر الله هذا الرجل العملاق والكبير يستحقون بان نكتب آلاف الأوراق في سبيل تكريمهم وتبجيلهم وان ندون كتبا في هذا الإطار وان ننقل قيم الحق والعدل والمقاومة إلى الجيل الجديد تكريما لخدمات الكبيرة التي قدموها إلى الإسلام والى قضية الأمة الإسلامية. إن كتابة سيرة حياة وأعمال الشخصيات المذكور آنفا كانت عبارة عن جهود متواضعة قمت بها وأتمنى بان نجحت في بث الوعي في صفوف الشباب بواسطة هذا العمل.

هل تشاطروننا الرأي بان استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي كان بمثابة ضربة موجعة وجراح لا يضمد بالنسبة للأمة العربية والإسلامية؟

نعم إن فقدانه كان بمثابة ضربة موجعة على الأمة لكن استشهاده كان قد منح الحافز للمناضلين والمجاهدين لكي يضربوا جسد العدو بيد من حديد. إن استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي كان ازداد عدد الذين يريدون القيام بعمليات استشهادية من أبناء حركة الجهاد. اليوم نشاهد حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وتحت قيادة الدكتور رمضان شلح لها الكلام الأول والأخير في عملية موازنة القوى والمواجهة مع الكيان الصهيوني. فلو قلنا بان هذه الحركة هي سيدة الموقف لك نكن اتخذنا طريق التطرف لان هذه الحركة بنيت على أساس المقاومة المسلحة وليس على أساس المفاوضات وعملية التسوية و ومعادلات القدرة والديمقراطية الكاذبة والمفبركة والمليئة بالتعاملات الفاسدة. ليس هناك من شك بان دم الشهيد فتحي الشقاقي سقت شجرة الجهاد في الأراضي الفلسطينية ورفعت لواء المقاومة. إن استشهاد الشقاقي باعتباره قائد فريد بنوعه كانت ضربة موجعة لكنها وفي نفس الوقت كانت مفيدة لامتنا وقد ساعدت المقاومة والجهاد في المضي قدما في سبيلها.

ما هي أهم المراحل التاريخية في حياة الدكتور فتحي الشقاقي؟

إن الشهيد الشقاقي قد اجتاز مراحل عدة في حياته القصيرة. لكي تتعرفوا بشكل أفضل على الدكتور الشقاقي أوصيكم بان تقرؤوا الكتاب الذي الفته حول أعمال الشهيد فتحي الشقاقي وفي 1620 صفحة. إن هذا الكتاب مكون من مجلدين وسمي بـ سفر الدم الذي هزم السيف. وتم نشره قبل عدة سنوات وهو صادر من مركز دراسات يافا في القاهرة. إن أهم مراحل حياة الدكتور الشهيد الشقاقي ونضاله يمكن تقسيمها إلى أربعة مراحل: المرحلة الأولى هي مرحلة فلسطين التي بدأت منذ ميلاد الشهيد في عام 1951 واستمرت حتى عام 1974 عندما بدا دارساته الجامعة في فره الطب في جمهورية مصر العربية. إن الدكتور الشهيد في هذه المرحلة كان قد تأثر كثيرا بالمشاكل التي حلت بحركة الإخوان المسلمين ثم هزيمة العرب في حرب يناير بعام 1967 تركت بصمتها للجلية على الدكتور الشقاقي. في هذه المرحلة عرف نفسه وكان يبحث عن طريق مستقل للمقاومة في وجه المشاريع التي ترسمها حكومة الاحتلال الصهيونية في فلسطين باعتباره مواطنا مسلما وملتزما. أما المرحلة الثانية هي مرحلة الإقامة في مصر والتخطيط لبناء أسس لبنات أول حركة للجهاد الإسلامي واختيار طريق المقاومة ضد الصهاينة. في هذه المرحلة التي ابتدأت في عام 1974 واستمرت حتى عام 1981 شهدت حدوث حدثين هامين في العالم الإسلامي بحيث تركت تأثيرا كبيرا على فكر ومنهج الشهيد الشقاقي الفكري. إن الحدث الأول هو بداية حركة الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني في عام 1978. أما الحدث الثاني هو زيارة أنور السادات إلى القدس والتوقيع على معاهدة كب ديفيد المشئومة ثم اغتياله في عام 1981 على يد الحركات الجهادية والإسلامية المصرية.

هذان الحدثان قد احدثا ثورة في أفكار ورؤى الدكتور فتحي الشقاقي وكما كسب الدكتور بواسطتهما حافزا ودافعا أكثر من ذي قبل كي يختار طريق الكفاح المسلح لتحرير فلسطين. إن المرحلة الثالثة هي مرحلة الخروج من الأراضي المصرية والعودة إلى الأراضي الفلسطينية. إن الدكتور فتحي الشقاقي وفي هذه المرحلة أو قل في بدايتها غرس شجرة الجهاد والمقاومة المسلحة برفقة 60 شابا من المناضلين الفلسطينيين الدارسين في جامعة الزقازيق ونقلها إلى الأراضي الفلسطينية وزرعها في قطاع غزة. إن هذه الشجرة أثمرت وأعطت ثمارها بفضل جهود الشباب المضنية من تربوا على يد الدكتور فتحي الشقاقي وإنهم دشنوا حركة جهادية كبيرة وحديثة في تاريخ فلسطين المعاصر التي تبلورت نتيجتها في الانتفاضة الأولى على المستوى الشعبي الفلسطيني التي اندلعت في عام 1987. إن اندلاع الانتفاضة فاجأت العدو الصهيوني وكان خارج حساباته, بحيث قال الجنرالات والمفكرين الإسرائيليين حول الانتفاضة: إن حركة الجهاد الإسلامي بقيادة الدكتور فتحي الشقاقي قد رمت حجارة الانتفاضة التي كانت على صدور الفلسطينيين نحو العدو الإسرائيلي. أما المرحلة الرابعة كان مرحلة الغربة والهجرة التي كان الدكتور الشهيد الشقاقي في مسير الانتقال من بيروت إلى دمشق بعد نفيه من الأراضي الفلسطينية من قبل العدو الصهيوني وذلك بعام 1988 حتى استقر به المقام في مخيم اليرموك للاجئين في مدينة دمشق. إن مرحلة الغربة انتهت عند استشهاده في الـ 26 من أكتوبر في عام 1995 في جزيرة مالطا عند العودة من مدينة طرابلس الليبية. إن الدكتور فتحي الشقاقي استشهد في السعة الواحد ظهرا من يوم الخميس في شهر أكتوبر في عام 1995 بواسطة عملاء موساد.

هل هناك خلافات تفصل الشهيد الشقاقي من القادة الفلسطينيين وما هي القواسم المشتركة بينهم؟ ثم ما هو تراث الدكتور في ساحة النضال العربي والفلسطيني؟

إن الإيمان الكامل بتحرير الأراضي الفلسطينية من نهر أردن حتى البحر المتوسط والاعتقاد بالوحدة الوطنية وحدة الفصائل والأحزاب الفلسطينية بكافة أطيافها وضرورة الابتعاد عن إثارة الفتن والبلبلة والخلافات والصراعات الداخلية كل تلك الميزات تعد من القواسم المشتركة للقادة الفلسطينيين الحاليين التي ضحى الدكتور الشقاقي أغلى ما لديه لأجلها. إني أرى بان الدكتور رمضان عبد الله شلح رفيق وصديق الدكتور فتحي الشقاقي هو الأقرب من الآخرين إلى أفكار ومعتقدات الدكتور الشقاقي. إن القيم المذكورة آنفا هي أثمن تراث الدكتور فتحي الشقاقي وأكثرها وضوحا وبلاغة في الساحة الفلسطينية والعربية.

لماذا كان الدكتور الشقاقي يعشق الثورة الإسلامية الإيرانية ويكتب حول الإمام الخميني؟

إن الدكتور الشهيد الشقاقي كان يعشق الثورة الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخميني لان الثورة كان اندلعت في وجه الحكم الدكتاتوري والعميل للولايات المتحدة. إن الثورة الإسلامية ومنذ أولى لحظاتها كان قد دعمت القضية الفلسطينية وساندت نضال الشعب الفلسطيني حتى تحرير أراضيه. إن الثورة كان قد بعدت نفسها من الصراعات الضيقة الطائفية وبالتحديد الخلافات الشيعية السنية التي كان المستعمرون يعزفون على أوتارها فمن هذا المنطلق كان الدكتور فتحي الشقاقي وهو من ابرز المفكرين والمناضلين من أهل السنة وللأسباب التي ذكرتها آنفا كان يعشق الثورة الإسلامية في إيران والإمام الخميني وكان يدافع عنها كما كتب كتابا هاما حول الإمام الخميني

هل لكم إن تتحدثوا عن اللقاء الأخير الذي جمعكم بالدكتور الشقاقي في مدينة طرابلس؟ هل هناك من موضوعات طرحت ولم يفصح عنها إلى يومنا هذا؟

إن اللقاء في طرابلس كان قد حدث قبل أسبوع من استشهاد المعلم الشهيد الشقاقي. إنني كنت قد تلقيت دعوة للعمل في مؤتمر علمي كان من المقرر إقامته في ليبيا وكان الدكتور الشقاقي قد سافر إلى ليبيا للبحث عن حل لمشكلة المشردين الفلسطينيين اللاجئين إلى ليبيا. التقينا في فندق كبير في ليبيا وبقينا برفقة البعض لمدة أسبوع. كنت اعرفه من قبل. كنا قد مشينا على ساحل البحر في اللقاء الأخير وجلسنا إلى جنب البعض وتحدثنا حول الأوضاع والقضايا التي كانت تجري في المنطقة وعلى مستوى العالم العربي. لم كنت أدرك قيمة اللقاء وأهميته الذي استمر لأسبوع إلا بعد استشهاد الدكتور الشقاقي. عندما استشهد أدركت أهمية اللقاء الحوار واستذكار الذكريات. إنني اعتبر اللقاء الذي جمعني بالدكتور الشقاقي في مدينة طرابلس من العناية الإلهية إنني التقيت بأحد أعظم المناضلين على الساحة الفلسطينية طوال العقود الخمسة الماضية. إنني ذكرت تفاصيل اللقاء في الكتاب الذي الفته حول الدكتور فيمكنكم مراجعته.

ما هو الإحساس الذي كان يعتريكم عندما كنتم تكتبون سيرة حياة الدكتور الشهيد الشقاقي؟

ليس هناك أدنى شك وريبة بأنني عندما كنت اكتب سيرة حياة الدكتور فتحي الشقاقي كنت اشعر بثقل المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي لأنني كنت أرى نفسي واقفا أمام مفكرا عملاقا وكبيرا وجهاديا لا يعرف الكلل والملل. صحيح انه عمره كان قصيرا ولا يتجاوز الأربعين لكنه قد ترك لنا تراثا فكريا وجهاديا ثمينا وعظيما. أنا وكل من كان يعرف الشهيد كان يعتبر إن من واجبه الصيانة على هذا التراث العظيم وهذه الأمانة الكبيرة ومن ثم ينقلها إلى الجيل القادم, كي تصبح المصباح الذي يضيء طريقهم. إنني اشعر بان الله منحني التوفيق كي أكمل هذا المشروع العظيم والعملاق. لكن هذا العمل تم ببركة دماء الشهيد الشقاقي ودعائه في حقي. إن مساعدة الإخوة في قيادة حركة الجهاد الإسلامي وبالتحديد الأخ العزيز والصديق الوفي القائد الدكتور رمضان عبد الله إنني لا انسي مساعدته له. أنهم وضعوا الكثير من تراث الشهيد على الجانب الفكري والسياسي الذي لم كنت اعرفه من قبل, إنني أتقدم بجزيل الشكر وخالص الامتنان.

ما هي المكانة التي تتمتع بها تجربة الثورة الإسلامية في إيران وفكر الإمام الخميني في أفكار الشهيد الدكتور الشقاقي؟

مما لا شك فيه إن تجربة الثورة الإسلامية في إيران كانت تحظى بمكانة رئيسية في دائرة اهتمامات وتوجهات المعلم الشهيد الفكرية. إن الدكتور فتحي الشقاقي وبالنظر إلى المكانة التي كان يحظى بها باعتباره من المجاهدين أهل السنة والجماعة فكان يتعامل مع الثورة الإسلامية وقيادتها المتمثلة بـ الإمام الخميني بسعة الصدر قل نظيرها وكان يتلقى رسائل الإمام الخميني وتعاليمه وتعاليم الثورة وبالتحديد تلك التي كانت تتحدث عن ضرورة وحدة الصفوف واتحاد المسلمين وكان يقاوم الجهود التي تحاول بث التفرقة في صفوف الأمة الطائفية منها وتلك الصراعات الجارية في هذا الإطار كما يحدث اليوم ونشاهده بكل أسف. إن المرحوم الدكتور الشقاقي كان قد تلقى قيمة الجهاد وقيمة الاتحاد وقيمة التواضع الثوري من الثورة الإسلامية وقيادتها وحاول بان يوصل هذه القيم إلى الوعي العام للأمة العربية والمسلمة وبالتحديد إلى الشعب الفلسطيني المظلوم. انه لك يكن يرى أي تضاد وتعارض بي التشيع والتسنن وذلك نابع عن رؤيته الإسلامية والغناء الفكري الذي كان يحظى به. وكان يرى بان الأصل في بناء علاقات بين الشيعة والسنة في كيفية النضال والجهاد مع المحتلين والطاغوت. في العالم العربي والعالم الإسلامي الذي يعاني في يومنا هذا من الخلافات الطائفية والصراعات المذهبية أقول في ظل هذه الظروف نحن اليوم أحوج ما نكون إلى أداء الواجب الجهادي.

ما هي الأولوية التي كان يعطيها الدكتور الشقاقي بالنسبة إلى الجهاد والكفاح المسلح؟

انه كان يعطي الأولوية إلى السلاح والقلم والفكر في النضال ومواجهة العدو الصهيوني وكان كافة الأولويات الأخرى تدور حول هذه الأولويات. إن الشهيد الشقاقي كان يرى بان الحرب مع العدو لا بد إن تولي بمكانة بعد هذه الأمور وإنها لا بد إن تشوه صورة النضال والجهاد مع العدو. كما هو اليوم جار على الساحة وما تقوم به ما تسمي السلطة الفلسطينية وباسم الديمقراطية وتقسيم القوة في الأراضي الفلسطينية التي ما تزال قابعة تحت الاحتلال الصهيوني. في الواقع إن الشهيد الدكتور الشقاقي والدكتور رمضان عبد الله شلح أعطيا الأصالة إلى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. يمكن القول وبعد القيام بتقييم شامل بان حركة الجهاد الإسلامي هي حركة تتبنى المقاومة المسلحة وفي نفس الوقت تلعب دورها السياسي والاجتماعي. بينما نرى بان الحركات الإسلامية الأخرى العاملة في فلسطين هي في الأساس حركات سياسية لكنها قد تقوم بالعمليات المسلحة.

كيف كان ينظر الدكتور الشقاقي إلى الأحزاب الشيوعية والوطنية العربية وحركات التحررية العلمانية؟

كان الدكتور الشقاقي يختلف نظريا مع هذه الحركات والإيديولوجيات لكنه كان يرحب في إقامة علاقات والتعاون المشترك بين كافة الأطياف في إطار القيام بالعمل والنضال الواقعي بغية تنشيط النضال لتحرير الأراضي الفلسطيني فكان عندما يشعر بان هذه التيارات تعمل بصدق لتحرير فلسطين وتعارض عملية التسوية فعندها كان يمد يد الصداقة نحوها. إنني اشهد بان قادة الحركات المذكورة آنفا كانوا يحبون الشهيد الشقاقي حبا جما وكان يحظى عندهم باحترام خاص. كان محل اهتمام وتقدير وتأييد من قبل القادة في كافة الاجتماعات والندوات. فكان يعتبر في مسار نضال الشعب الفلسطيني محورا للاتحاد والتضامن. انه كان يبني علاقات مع الكثير من قادة ومسئولين الأحزاب الوطنية والعلمانية وأصحاب الأفكار العلمانية ما داموا لم يتخذوا سبيل الإفراط أو التفريط في التعامل مع الأصول والمبادئ الثابتة للقضية الفلسطينية. إن الشهيد الشقاقي كان يرفض المبادئ الفكرية للشيوعية والوطنية والليبرالية لكنه كان يحاور قادة تلك التيارات والأحزاب. إن القادة هؤلاء كانوا بدورهم يؤيدون مدى وعي وإخلاص الدكتور وكان يقدرون ويحترمونه. إنني أتذكر بان في يوم من الأيام جرت مناظرة بين الدكتور الشقاقي والدكتور الطيب التيزيني وهو من المفكرين اليساريين والوطنين وذلك في مخيم يرموك في مدينة دمشق في بداية التسعينات من القرن المنصرم. كان الدكتور الطيب التيزيني اندهش عند مشاهدته جوانب المعلم الشهيد الشقاقي الفكرية ومدى معلوماته. كان الدكتور الشقاقي يرفض في هذه المناظرة وبالأدلة المستندة الأفكار العلمانية. ثم كتب الدكتور الطيب التيزيني مقالة شهيرا وذات دلالة واضحة واعتبر الدكتور الشقاقي بأنه المفكر المناضل والمناضل المفكر. أما الكلام الأخير الذي أحب إن أضيفه في ذكرى استشهاد أخي وصديقي القائد الدكتور فتحي الشقاقي وارى من الضرورة الاعتراف به هو إن الأفكار والقيم التي أسسها وبالتحديد ثقافة المقاومة والجهاد هي مازالت حية وفعالة وناشطة. صحيح إن أبناء حركة الجهاد الإسلامي والإخوة الكبار والأصدقاء يحملون هذا المصباح المضيء.لكن من واجب كافة القوات المناضلة والناشطة في الأراضي الفلسطينية إن تشارك في حمل هذا المصباح إن من واجبها إن تنشط القيم والأفكار والثقافة الجهادية للشهيد الشقاقي وتعيد بناءها وبالتحديد اثبت بالدليل القاطع بان مسار التسوية وأعمال التي قامت بها الحكومة الفلسطينية في ظل الاحتلال برهنت على إخفاقها. إن فلسفة شهادة الدكتور الشقاقي في الغربة كما جرى على الإمام الحسين (ع) تعلمنا بأنه ليس هناك من طريق لتحرير الأراضي الفلسطينية إلا الجهاد والمقاومة والصمود وان كافة الطرق الأخرى هي باطلة وملغية. اسأل الله تعالى إن يسكن الشهيد الدكتور الشقاقي فسيح جناته ويرحمه وان يعطينا المقدرة للسير على دربه ومواصلة مسيره.

انتهی


تقرير الخطأ

إرسال تعليق
تصميم الموقع:"إيران سامانة"