رمز الخبر: 254450
تأريخ النشر: 16 May 2010 - 00:00

الترجمة في مجال التضحية و الشهادة

إن الانتشار الحضاري في المجتمع البشري في يومنا هذا يكون مديناً لترجمات المترجمين للنصوص الحضارية الي المجتمعات البشرية.


بسم الله الرحمن الرحيم الترجمة تعني النقل من لغة الي لغة اخري كما تعني التفسير او الشرح و التفسير و يطلق علي الكتب التي تعني بشرح احوال الشخصيات المعروفة و بتاريخ حياتهم اسم التراجم. منذ العهود القديمة و بل منذ بدء تاريخ خلق البشر لم تتحدث الجماعات البشرية بلغة واحدة حيث قال الله عز و جل في محكم كتابه الكريم: «و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن اكرمكم عندالله اتقاكم». فعليه تتمثل احدي حاجات الانسان في بناء علاقات التعارف مع القبائل و الشعوب الاخري من بني نوعه حيث تتيسر من خلال هذا التعارف و هذه العلاقات مجالات التعاون و الصداقة و التقدم للانسان و نقل الخبرات و العلوم فيما بينهم. و تعتبر الترجمة من العوامل المهمة لمعرفة اوضاع الآخرين و احوالهم و الافادة من مكاسبهم و تجاربهم سواء في الماضي او في الوقت الراهن. و قد لعب المترجمون دائماً دوراً مهماً في هذا المجال و لم تفلح اية جماعة بشرية و اية حضارة في امتلاك جميع عناصر تقدمها و تلبية حاجاتها بل يتيسر سبيل التقدم و طريقته عبر الانتشار الحضاري و انتقال التجارب و الخبرات و ليس من خلال حدوث التطور البحت في كل جماعة و شعب. و نشهد اليوم تحقيق الكثير من حالات التقدم و التطور في مختلف العلوم و لا يمر علينا يوم لم نشهد او نسمع فيه الاخبار عن الاكتشافات و الاختراعات حيث تصلنا هذه الاخبار عبر محطات الاذاعة و التلفزيون و الفضائيات و النشرات او عبر شبكات الانترنت و يعمل المترجمون كرواة لهذه الحالات من التقدم و التطور الي الشعوب. لذلك يعتبر تعلّم اللغة احد العناصر المهمة للتقدم لكل شعب. و يعني ذلك ان أبناء اي شعب ممن يتقنون اللغات الاجنبية يستطيعون الافادة اكثر من العلوم و الفنون و الثقافات و التقاليد الجيدة الموجودة لدي باقي الشعوب و نقلها و اتحاف شعوبهم بها. و اذا كان هدفنا الغائي من تعلّم اللغة و تعليمها بناء جسور الصداقة و المودة التي يرضاها الله و يحث عليها مع باقي الاقوام و الشعوب فعندها ستتيسر عناصر العيش الافضل لنا و لباقي الشعوب. و قد بدأت بلورة الحركة الناشطة و الرئيسية للترجمة في اعقاب ظهور الاسلام و إقبال شعوب العالم غير العربية و الايرانيين خاصة نحو اعتناق الدين الاسلامي و ذلك من اجل فهم معاني القرآن الكريم الذي آتي به الرسول الكريم. و في حقبة خلافة المأمون في الدولة العباسية بدأت حركة علمية في الترجمة جمع فيها المترجمين. و كان المأمون قد بدأ حكمه اولاً في خراسان الخاضعة آنذاك للحكم العباسي و قد شجع المترجمين علي ترجمة اهم الاثار و الكتب المتوفرة لباقي الشعوب و الحضارات الموجودة في العالم آنذاك و منها في اللغات الفارسية و اليونانية و السريانية و الهندية و غيرها الي العربية و تمكن المسلمون شيئاً فشيئاً بعد ذلك التعرف علي مختلف العلوم و الاحداث و المكاسب العلمية لمفكري و علماء الشعوب الاخري و اخذوا يدرسون هذه العلوم و خاصة في الفلسفة و الحكمة و الطب و النهدسة و النجوم و الرياضيات و غيرها في حوزاتهم و مدارسهم العلمية الموجودة في حواظر العالم الاسلامي خاصة كبغداد و دمشق و مرو و نيشابور و الري و غرناطة و اشبيلية في الاندلس التي كانت تشكل اهم المراكز العلمية في العالم لاكتساب العلم للعلماء و طلاب العلوم في العالم الاسلامي و العالم اجمع. و قد شهد القرنان الثالث و الرابع الهجري نهضة علمية واسعة النطاق للمسلمين حيث شهدت مدرسة بغداد في هذه الحقبة التاريخية ذروة الازدهار العلمي و الانتاج العلمي و الترجمة إثر حصول التلاقح الفكري بين المثقفين و رجال الدين العرب و غيرهم من المفكرين المسلمين و بات تعلم اللغة العربية كضرورة لابد منها لاقتناء العلوم الدينية و غير الدينية. و إن الآثار العلمية المتبقية من هذه الحقبة التاريخية و الشخصيات العلمية التي برزت منها تشكل نجوماً معروفة في سماء العلم و الآداب و الفلسفة و الفقه و التي مازالت متلألئة في الحضارة الاسلامية و الايرانية و العالم اجمع. و قد برز علماء كبار في هذه الحقبة بالذات كالفارابي و ابن سيناء و الرازي في الفلسفة و الحكمة و الطب و الموسيقي كما برز الامام محمد الغزالي و الشيخ المفيد و الشيخ الطوسي و السيدان المرتضي و الرضي و ابن بابوية في الفقه و الكلام و الحديث و الكسائي و الثعالبي و سيبويه و نفطوية و ابن جني و الحامضي في الصرف و النحو و البلاغة في اللغة العربية و العشرات بل و الآلاف من علماء العرب و العجم الآخرين كانوا حصيلة لهذه الحركة العلمية و الحضارة الثقافية الاسلامية البديعة في العالم الاسلامي. و بعدها تعرضت تلك الحضارة الاسلامية الثرّة في القرن السابع الي ضربة مدمرة اثر الاجتياح الهمجي المغولي لايران و العراق و بلاد الشام كما لف هذا الاجتياح بساط الدولة العباسية في بغداد. لقد كانت لايران منذ العهود القديمة علاقات قوية مع الشعوب الاخري في مختلف المجالات التجارية و الثقافية و السياحية و السياسية و لم تثمر هذه العلاقات دون حضور المترجمين. و كانت ايران كما نعلم قبل بزوغ الاسلام احدي القوتين الاعظم في مختلف النواحي العلمية و الصناعية و الثقافية في العالم. فاقتدار الدول لا يكون من منطلق امتلاك القوة العسكرية فقط. فما لم تقترن القوة العسكرية بالقوة الثقافية و الالتزام الاخلاقي و الصداقة و التعاون و الاحترام المتبادل مع الشعوب الاخري ستكون مثل هذه القوة مهزورة و غير دائمة. اننا نستطيع الزعم بامتلاك القوة الحقيقية عندما نحظي بالقوة الثقافية و المعنوية كما ينبغي أن تستند قوتنا الثقافية علي قاعدة الاخلاق الطيبة اسوة بقول الرسول الكريم (ص). «إنما بـُعثت لاتمّم مكارم الاخلاق». و عندما نمتلك ادارة بلادنا في رحاب العدالة و الافادة الفضلي من الطاقات و المواهب المتوفرة في ابناء شعبنا فاننا سنحظي باحترام و تعاون الشعوب الاخري. و اذا كنا غير قادرين علي اتاحة العدالة بين ابناء شعبنا فعندها سنحرم من تعاون و صداقة شعوب العالم الاخري و ستبقي حضارتنا معزولة و لا نستطيع إرساء علاقات الصداقة و المودة مع الآخرين. لم يبق اليوم أي شيئ خاف علي العالم و تنتقل الاخبار عبر الاجهزة الاعلامية الي اسماع و انظار جميع شعوب العالم و يترجم المترجمون في كل مكان من العالم في كل يوم و ساعة اخبارنا الي شعوب العالم و العكس من ذلك و عندما تكون الاخبار عنا ايجابية ستتيح المجال الي اسعادنا و تقدمنا و سيكون الله عز و جل صديقاً و معيناً للطيبين. و يكون طريق فلاحنا عملنا الذي يحظي برضي الله عز و جل. و الخلاصة لا نطيل الكلام. ينبغي علينا العمل نحو تقوية المعتقدات الاخلاقية و نقتدي بتعاليم قداوتنا الدينيين المتمثلين بالانبياء و الرسل و ائمتنا و علمائنا المؤمنين و نبذل جهودنا نحو ادارة مجتمعنا بشكل مطلوب نحو اعلاء شأنه و منزلته و في تلك الحالة ستكون لاعمالنا النتيجة الجيدة و في غير هذه الحالة سيتعرض أمننا الاجتماعي الي مخاطر و سنكون مضطرين الي استخدام اساليب تعود بالضرر علينا. آليات تقدم حركة الترجمة احد السبل المهمة التي تؤدي الي تعليم اية لغة يتمثل في تعليم تلك اللغة للطلاب من المرحلة الابتدائية في المدارس و يعني ذلك تعليم اللغة الانجليزية و العربية او اللغات الاخري التي يحتاج اليها مجتمعنا كالفرنسية و الالمانية من الصفوف الاولي في مدارسنا و ان لا يختص التعليم بكتاب واحد بل يشمل تعليم اللغة في كافة المواد الدراسية. فاذا ما درّسنا جيلاً واحداً من الطلاب في المدرسة هكذا، فعندها سيتحول التلامذة المتخرجون الي معلمين و مدرسين اكفاء في تعليم تلك اللغة في المدارس علي صعيد البلاد. و من السبل الاخري لتعليم اللغة الاجنبية هي ايفاد طلابنا الي الدول الناطقة بتلك اللغة لمواصلة دراساتهم هناك و التخرج منها و العودة الي البلاد و الافادة منهم في تعليم تلك اللغة في المدارس. و اخيراً ان المستوي الثقافي الجيد للمترجمين يكون له دوراً رئيساً في نقل المفاهيم و العلوم و القيم بشكل مفضل مما يؤدي ذلك الي وضع المجتمع البشري في صورة الاحداث في العالم. فعليه ينبغي ان يحمل المترجم ثقافة عالية و أن يتم اختياره من الطبقة المثقفة و الدراسة. المترجم الجيد المترجم الجيد هو من يكون ملماً بشكل كامل باللغة التي يترجم اليها. و المترجم الجيد تكون ترجمته الي لغته و يعني ذلك، المترجمون يكونوا مسيطرين تماماً علي الترجمة الي لغتهم الأم و لا شك في وجود هذه الكفائة في كل مترجم. لكن الترجمة الي اللغات الاخري تكون صعبة الا اذا كان المترجم متمرساً و تكون له سابقة طويلة في الترجمه اليومية. انا لم اعرف مترجماً يجيد الترجمة الي العربية دون ان تكون في لغته الام عربية او يكون قد درس العربية في المدارس العربية منذ نعومة اظفاره و حتي الاساتذة الجامعيين و العلماء و المجتمهدين ممن درسوا في الحوزات العلمية العربية في خارج البلاد كالحوزة العلمية في النجف مثلاً لعقود من الزمن يصدق هذا الشيئ. قد يجيد هؤلاء القراءة و المحادثة لكنهم لا يجيدون كتابتها او الترجمة اليها. الترجمة في مجال التضحية و الشهادة التضحية و الشهادة في سبيل الله و الوطن هو اسلوب الانبياء و ائمتنا و عظمائنا الدينيين. اذ لولا وجود روح التضحية و الفداء في سبيل الدفاع عن الحق و الدفاع عن الدين و الوطن و الشرف ستخسر البلاد استقلالها و إن خسران الاستقلال يعني خسران الحرية و الخيار للوطن و بالتالي يؤدي ذلك الي تعرض البلاد الي مخاطر و القضاء علي هويتها. لذلك نحن بحاجة ماسة الي تقوية ثقافة التضحية في سبيل الدفاع عن الوطن و عن قيمنا الدينية المقدسة. فالمجتمع الذي تسود فيه ثقافة الايمان بالله و بيوم الحساب و الكتاب و يوم البعث تسود فيه ايضاً الطمأنينة و ثقافة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و الامر بالمعروف يعني الأمر بما هو جيد و مطلوب و النهي عن المنكر يعني الأمر بالكف عن كل ما هو سيئ و ضار. و اذا ما كانت تسود بيننا هذه الثقافة ستزداد مناعتنا و مقاومتنا بوجه المخاطر. و الدفاع عن كرامتنا و استقلالنا. اذن يكون من واجبنا الاخذ بالامر بالمعروف و النهي عن العوامل التي تؤدي الي اضعاف مجتمعنا و التي لا تألف الله في كافة جوانب حياتنا و سيؤدي الأخذ بهذا الواجب الي انقاذ المجتمع من كل سيئ و من الانحراف نحو التعاسة. فعليه ان الترجمة في مجال التضحية و الشهادة من شأنها ان تؤدي الي نشر مذكرات الشهداء و المضحين و بطولاتهم و استبسالهم و مقاومتهم بين ابناء الشعب كي يتسني من خلال ذلك تقوية معنوية التطوع للشهادة و التضحية في سبيل الحق و الصمود بوجه المعتدين علي البلاد و الديار و يبقي ابناء الشعب حريصون علي المحافظة علي بلادهم فاذا ما بقيت البلاد دون حارس ستتعرض الي مخاطر. و المؤمنون و المؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلاة و يؤتون الزكات و يطيعون الله و رسوله و اولئك سيرحمهم لله إن الله عزيز حكيم. التوبة/ 71 علي زنجاني
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع