رمز الخبر: 253134
تأريخ النشر: 10 May 2010 - 00:00

نظرية الثورة الاسلامية النابعة عن ثقافة الشهادة

الدكتور اكبر اشرفي ابصر النور في عام 1971 في زنجان. و في عام 1991 بدأ دراسته في فرع العلوم السياسية في جامعة الامام الصادق (ع) و تخرج منها في عام 1998 بشهادة الماجستير. و في عام 1998 واصل دراسته في مستوي الدكتوراه في العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية الحرة قسم العلوم و البحوث. و تخرج منها في عام 2003. و منذ عام 2001 انتمي الي عضوية الهيئة العلمية في العلوم السياسية للجامعة الحرة الاسلامية فرع طهران المركزي.


و هو يدرس في حقل الافكار السياسية في الاسلام و ايران و نظريات الثورة و الثورة الاسلامية الايرانية و يشغل الآن موقع المدير للعلوم السياسية في جامعة العلوم السياسية في فرع طهران المركزي. و الدكتور اشرافي يتعاون كذلك في الوقت نفسه مع مركز وثائق الثورة الاسلامية و يشرف علي الاعمال البحوثية لذلك المركز في المعاونة البحوثية. و قد اجري هذا الحوار معه بتاريخ آذار مارس عام 2008 السيد عباس حيدري حول موضوع النظريات الموجودة في مجال الثورة الاسلامية و مجالات بلورتها. في موضوع نظرية الثورة الاسلامية هناك الكثير من النظريات المطروحة؛ كنظرية المؤامرة و النظرية الاقتصادية و النظرية اليسارية و التي تبلورت معظم النظريات غير المحلية و من الخارج من القضايا الداخلية للثورة الايرانية. اردنا قبل بدء الأسئلة معرفة وجهة نظركم حول النظرية المحلية للثورة الاسلامية. كيف تبلورت الثورة الاسلامية و من اين بدأت هذه الثور؟ ج- لو اردنا دراسة أسس الثورة الاسلامية ينبغي علينا ان نعود الي الصدر الاسلامي و نراجع القرآن و التعاليم الدينية و الاستيعاب الشيعي من الاسلام. فالرؤية التي يحملها الشيعة من الاسلام و التفاسير التي تقدم من آيات القرآن الكريم و كذلك موضوع خلافة الامام علي (ع) و الذي يقدم الامامة خلافة للرسالة يسعها ان ترشدنا نحو المقصد المعني و في المجموع ان جذور الثورة الاسلامية تعود الي موضوع الامامة و الي طريقة تعيين الامام باعتباره خليفة للرسول الكريم (ص). فالولاية التي يقصدها الشيعة هي ولي الامر يكون اماماً معصوماً و الشيعة تستفيد من هذه البحوث التاريخية و الافكار الموجودة تحت هذا العنوان حيث ينبغي علي الحاكم ان يحظي ببعض الشروط. فعلي اساس هذه الرؤية ينبغي في عصر حضور الامام المعصوم ان يكون المعصوم حاكماً و في عصر غيبة الامام المعصوم (ع) ينبغي مراجعة العالم العادل و ذلك اعتماداً علي الاشارات المقدمة من جانب الائمة المعصومين و كذلك علي اساس الأسس الكلامية. من يعرف الاسلامي جيداً و يكون عادلاً، فعليه إن مثل هذا الفكر يتيح المجال لحضور عالم عادل علي الصعيديين الاجتماعي و السياسي فلو حكم المسلمين حاكم لا يحمل مثل هذه الشروط فعندها سيختلف واجب المسلمين. فالمسلم من وجهة نظر الشيعة لا يستطيع ان يتقبل حكم الشخص الفاسد فلو لم يكن الحاكم عادلاً ستناط مهام الحكم مع واجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بعاتق المسلمين. الامر بالمعروف و النهي عن المنكر اضافة الي تعريفها حيال الناس الاعتياديين فانهما تشملان الحاكم كذلك. و يري علماء الشيعة ان الأمر بالمعروف يوجه في مرتبته العالمية نحو الحكم الفاسد. فلو اردنا تقديم نماذج من ذلك فاننا نستطيع اعتيار كربلاء باعتبارها اكبر انموذج تاريخي في هذا الجانب. و كانت انتفاضة عاشوراء قد تبلورت علي اساس رؤية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قد بلغ الامر الي تلك الحالة التي يقول فيها الامام الحسين بما معناه الا ترون لا يعمل بدين الله؟ و الاترون الحاكم فاسداً؟ ثم يقول بما معناه اني خرجت للامر بالمعروف و النهي عن المنكر و احياء دين جدي الرسول (ص). فعليه يشكل احياء دين الله لايجاد الثورات في كافة الحقب و الازمنة مجالاً دائماً للانتفاض. فلو اخذنا المجالات القريبة الي الثورة الاسلامية. في عام 1962، فالامام الخميني يطرح هذا الموضوع و يؤكد ضروره إجراء احكام الاسلام و هذا نفس الكلام الذي طرحه الامام الحسين (ع) في يوم عاشوراء. و الامام الخميني يتيح و يعدّ مجالات الثورة شيئاً فشيئاً. و يكتب سماحته آنذاك رسالة موقرة الي الشاه و الي رئيس وزرائه اسدالله علم حول القرار الذي اصدرته الحكومة بشأن اللائحة التي عرفت بلائحة لجان الايالات (المحافظات) و الولايات يعتبرفيها تنفيذ هذا القرا مناهضاً للاسلام. فعلي اية حال كما ذكرنا فلو اعتبرنا من الناحية التاريخية جذور الثورة منذ عام 1962 و بالنظر الي وجود الجذور الاعتقادية الدينية فانها تعود الي الصدر الاسلامي الاول. و كان الصراع بين العلماء و الدولة الفاسدة و استمرار المعارضات قد بلورت شيئاً فشيئاً الحركة و الثورة الاسلامية و قد انتهت بالخامس عشر من خرداد الخامس من يونيو حزيران عام 1963 و اوجدت القضايا التي تلتها. فلو كان الامر بالمعروف الذي كان ينويه الامام حول لجان المحافظات و الولايات يصل آنذاك الي النتيجة المرجوة فهل كان الامام يكفّ عن كفاحه. و هل كان من الممكن ان لا تتبلور الثورة في عام 1979 و يتأخر زمن وقوع الثورة او أنها كانت تحدث قبل هذا التاريخ؟ ج: اذا كان النظام آنذاك يصغي الي كلام العلماء و المجتهدين يمكن اعتبار ذلك بزوال مجالات المعارضة و الاوضاع كانت تهدأ. كما حدث في عام 1962و انخفضت حالات المعارضة و اجبرت حالات المعارضة الدولة باعلانها الغاء ذلك القرار الوزاري و نشروا ذلك في الصحف. نعم يمكن استيعاب مثل هذا الشيئ و بعد هذا الحادث قال الامام الخميني حالياً الامور منتهية و لكن ينبغي الحذر فاذا تجاوزت الدولة حدها فنحن سنكون مثل ماكنا و سنقف بوجهما لكن الدولة بما انها كانت تحمل مشروعاً كبيراً كان مصدره من امريكا لم تستسلم كثيراً لرغبة العلماء.فلو تنظروا للنظام الدولي آنذاك ترون العالم كان يحكمه نظام القطبين و كان الاتحاد السوفيتي علي رأس المعسكر الشرقي و امريكا علي رأس المعسكر الغربي. و كان تحليل امريكا عن هذه الاجواء هو ان بلدان كايران تكون ضمن اقمار المعسكر الغربي لكنها تكون علي مقربة من المعسكر الشرقي. فلو ارادت ان تبقي و ان لا تتعرض الي ثورات ينبغي عليها القيام ببعض الاصلاحات فيها. و يعني ذلك كان ينبغي عليها القيام بالاعمال التي تؤدي الي استقطاب الشعب نحوها و تقلل الفاصلة الموجودة بين الشعب و الحكومة الي ادني حد. قامت الدولة آنذاك بتقوية شرعية نظام بهلوي بطرح مشروع الاصلاح الزراعي و عندما بلغت تنفيذ المشروع واجهت تعارضاً من الجانب الديني. فكانت الحكومة تعتقد بان تنفيذ الديمقراطية يعني مثلاً وضع القرآن جانباً و ازالة شرط كون الفرد مسلماً من الدستور في حين كان نحو 97 بالمئة من الشعب مسلمين و لا يمكن حذف الاسلام من الدستور. و كان هذا المشروع غير ممكن تنفيذه من جانب الدولة في ظل وجود آية الله بروجردي لانه كان بشكل عقبه كبيرة امام مشروع حذف الاسلام من الدستور. و في عام 1961 عندما توفي آية الله البروجردي و باتت المرجعية الشيعية متفرقة فكان الشاه يري تمكنه و خلاصه من نفوذ العلماء لذلك كان الشاه قد ابرق الي اية الله الحكيم الذي كان في النجف الاشرف برقية يعزّه فيها بمناسبة رحيل آية الله البروجردي و ذلك من اجل ابعاد المرجعية الدينية عن ايران و تمكنه من انجاز مهامه. رغم عدم دخول المرجعية الشيعية بشكل علني في السياسة لكنها كانت تتدخل كثيراً في الامور. و الملفت في ذلك تقوم الدولة بتنفيذ برامجها بالتزامن مع وفاة آية الله بروجردي . جناب الدكتور اشرف لماذا تبلور النزاع بين رجال الدين و الحكومة في حقبة حكم بهلوي، اننا في التاريخ قلما نجد في العهد القاجاري مثلاً يحدث احتجاجاً واسعاً من جانب علماء الشيعة علي نوع أداء الحكومة. فهل يمكن اعتبار هذا الشيئ يعود الي حصول التحول العالمي و أن نقول بما ان العالم كان يروج الحداثة و الديمقراطية باعتبارها المكسب المهم البشري الغربي و كان ذلك متزامناً مع حكم بهلوي و تبلورت اثر ذلك النزاعات؟ ج: او لا بما أنه كان شكل حكومة بهلوي و شمائلها كان مناوئاً للاسلام دخل العلماء هذا الميدان و يمكن الاجابة علي هذا السؤال من هاتين الوجهتين من النظر. احدهما الجانب النظري. فمن الناحية النظرية هناك وجهات نظر مختلفة بين علماء الشيعة حول نوع الحكومة في عصر الغيبة. و يعني ذلك ليس الأمر هكذا بأن تقول بان العلماء الشيعة لهم رؤية موحدة حول الحكم في عصر الغيبة. بعد بدء الغيبة كان بعض العلماء يرون باننا لا نستطيع المسك بزمام السلطة. لأن الشيعة في رؤيتهم الاصلية تري ينبغي الحاكم اماماً و معصوماً و لكون الامام المعصوم غائباً فاية حكومة يراد تشكيلها ستكون بعيدة عن الدين. و قد بدأ هذا الطيف منذ ذلك الزمن و مازال مستمراً. و كان احد الاطياف يري بان الظروف غير مهيئة لحكومة أن تحكم في عصر الغيبة يكون علي رأسها الولي الفقيه او العالم العادل. فالعلامة النائيني تقبل نوع من الحكم الدستوري و يضفي عليه الطابع الشرعي مع هذا الفرض المسبق. مع وجود هذا الافتراض بان امكانية تأسيس حكومة الولي الفقيه في الظروف الراهنة غير متوفرة ثم يبلغ الي هذه النتيجة و هي ينبغي تقبل واحدة من الحكومتين اما الحكومة الاستبدادية و اما الحكومة الدستورية. فهو يقارن بين هذين النوعين من الحكومة. و في الواقع انه يختار من السيئ و الأسوا النوع السيئ. فهذا الاختلاف النظري يتواصل حتي حقبة حكم بهلوي. فالامام الخمنيي (ره) يقول: لماذا علينا ان نتقبل عدم امكانية تشكيل حكومة اصيلة اسلامية في هذا الزمن؟ ثم يطرح هذا الموضوع فيقول اذا كانت الظروف معدّة يكون من واجبنا اعداد الظروف لذلك. و يعني ذلك ان نبذل جهودنا نحو ايجاد الظروف اللازمة للحكم الاسلامي. ففي النظرية الحكومية للامام تنتقل كافة صلاحيات الامام المعصوم الي العالم العادل و هو الولي الفقيه. لكن هذا لا يعني ان يكون الولي الفقيه علي رأس السلطة حتماً. و يمكن من خلال تأسيس مجلس من العلماء ممن تتوفر فيهم الشروط اللازمة للمحافظة علي الصلاحيات الاسلامية للشعب. بمثل هذه الرؤية تحظي الحكومة بالشرعية. و في الواقع اذا كان علماء الشيعة لا يستطيعون المسك بالسلطة فانهم يستطيعون تنفيذ مهامها بشكل من الاشكال؛ و يعني ذلك ان يكون شخص آخر حاكماً لكنه يكون باشرافهم و رقابتهم. و قد نفذت هذه الرؤية في اوائل الثورة. و كانت استمراراً لتلك الرؤية. و لكن من الناحية التاريخية يمكن التوصل الي هذه النتيجة و هي لقد كان توغل او نفوذ الاجانب في عصر بهلوي قد اصبح علنياً بشده. لكن الدولة القاجارية بالرغم من المشاكل الكثيرة التي كانت تعاني منها كانت تعرف في انظار الشعب باعتبارها دولة مستقلة و بما أنها قد جاءت علي رأس السلطة لمنع تدخل الاجانب فكانت تحظي بالشرعية. لكن هذه الفرضية عندما يثار التساؤل عنها في موضوع حركة التنباكو فانتفض الشعب ضدها. ففي عصر ناصر الدين شاه عندما يمنح قرار رويتر التنباكو الي الانجليز يصدر احد علماء الشيعة حكماً بخطأ هذا الحكم. و من هذه النقطة تزداد الفاصلة بين الدولة و الشعب و يدرك الناس شيئاً فشيئاً بان الحكومة باتت لا تعمل لصالحها و انها تصغي لأوامر الاجانب اكثر من اصغائها للمراجع و الي احكام الدين الاسلامي لذلك تتبلور الثورة الدستورية في ايران بعد عشرة ايام. و مع ذلك عندما ننظر الي التاريخ بشكل جيد نجد ان مجيئ رضا شاه الي سدة الحكم و تنحيته عن السلطة كان قد حصل من جانب الجهة الاجنبية و هذا ما يتعارض مع النص الصريح للقرآن الكريم و لأن الكافر لا ينبغي ان يتسلط علي المسلمين. و كان السبب الرئيسي لنفي الامام يعود الي هذا الموضوع في الرابع من نوفمبر عام 1954 يضع الامام خميني اصبعه علي الخطوط الحمراء للنظام و يتم نفيه اثر ذلك. فكان الامام يقول انكم عملاء للقوي الاجنبية فلو لم تكونوا عملاء للاجانب فلماذا بعتم البلاد لامريكا و لماذا قبلتم الكابيتولاسيون (الحصانة القضائية). و النظام كان يعلم بان هذا الشيئ يشكل اكبر فضيحة للحكومة. و في حالة استمراره ستتفاقم اموره لذلك يقدم فوراً علي نفي الامام. و كان نظام بهلوي بخطوته هذه قد شهر عملياً السيف ضد المعارضة. كما اظهر بهلوي الثاني اصله و ذاته. و قد لقب الشاه رجال الدين عند اعتلائه سدة الحكم بأسم الرجعيين السود. فهذه المواجهة المباشرة للاسلام اضافة الي الشعب دفع علماء الاسلام للتوجه الي الساحة. في حين كانت الدولة القاجارية تعتبر نفسها تحت سلطة الاسلام و كانت تبذل جهودها لاستقطاب رضا علماء الاسلام بالرغم من كون امالهم مناهضة للاسلام. و استطاعت الثورة الاسلامية استقطاب الكثير من المجموعات نحوها بشكل مبكر و قد تساير حزب توده الشيوعي الايراني باعتباره حزباً يحظي بمواقع تنويرية و مثقفة مع الثورة و تسلّم انجاز الكثير من الاعمال لكن هذا الحزب قد وضع بعد انتصار الثورة علامة استفهام امام العلماء و رجال الدين و تواصل الصراع بين الطبقة المثقفة و الطبقة الدينية. فالسؤال المطروح في هذا الجانب هو ما مدي مساهمة رجال الدين و المثقفين في انتصار الثورة الاسلامية؟ ج: ما من شك في مشاركة مجموعات مختلفة في الثورة الاسلامية و التاريخ كذلك قد اكد قيام المجموعات بمساعدة الثورة او انها كانت متآرزة فكرياً و قد شاركت في الثورة بعض المجموعات من اليسار و اليمين و الوطنيين و الاسلاميين و حتي شاركت مجموعة من المسلمين الماركسيين في الثورة. و اننا لا نستطيع انكار مشاركة مختلف الفئات الاجتماعية في الثورة الاسلامية لأن ذلك موجود في الوثائق. اما توجه الثورة قد تبلور بقيادة الامام و تواصلت فلو تضع جانباً هذا التوجه و يعني ذلك عدم الأخذ بنظر الاعتبار الامام الخميني و رجال الديني التابعين لسماحته و حذف ولاء الشعب نحو رجال الدين و الذي أدي الي بلورة احداث الثورة فعند ذلك لما كان يحدث ذلك الحدث الذي حدث في عام 79 باسم الثورة الاسلامية. و حتي كان من الممكن اثر التضاد الذي كان قد اوجد بين الطبقة الحاكمة و الشعب و تحدث بعض التحولات لكانت تنتهي الامور بالمصالحة بالتأكيد. و كان اكثر ما يحدث هذا الشيئ هو أن عدداً من المجموعات غير الدينية كان يساهم في السلطة و تنتهي الغائلة. لأن رغبة المناضلين غير الدينيين لم تكن الثورة بل كان مطلب في انجاز الاصلاحات. كمثال علي ذلك لما كانت تستطيع حركة الحرية او المجموعات اليسارية او التي كانت تقبل الكفاح الفدائي و المسلّح لما كانت تستطيع حقاً القيام بعمل مهم في الاشهر التي انتهت بالثورة و كانت طريقة محاربة نظام الشاه لا تستطيع تحقيق هدف الثورة. لأن هذه الطريقة كانت غير مقبولة من جانب الشعب. كما و كان الشاه يستطيع بما لديه من قوة عسكرية قمعها و يعني ذلك كانت الاستراتيجية النضالية خاطئة. و كانت الاستراتيجيته الكفاحية للامام مثمرة و انا اعتقد يعود هذا الشيئ الي سببين رئيسيين: السبب الاول قد تمثل في التظاهرات و السبب الثاني كان يعود الي الاضرابات الواسعة التي استطاعت ان تقوض سلطة الشاه. فاذا ما نظرتم الي عاقبة بعض المجموعات السياسية قبل انتصار الثورة الاسلامية ستتوصلون عند ذلك الي نظرية التوجه الديني للثورة الاسلامية. فلو كانت باقي المجموعات و الاحزاب السياسية او الفدائية تتولي قيادة الكفاح الثوري لكان يؤدي إلقاء القبض عليها او مقتل عدد من قياداتها لكانت الحركة تواجه الاندحار. و قد جري هذا الشيئ في حقبة من الحقب التي سبقت الثورة حيث تم القاء القبض او مقتل عدد من هذه القيادات او سجنهم. فالشاه كان لا يفكر قط بالقوي الدينية و كان حتي لا يتصور تمكن الشعب من الثورة بقيادة رجال الدين في قم. لان الثورة كانت قد تلاحمت مع التوجه الديني و كان المعتقد الديني حاضراً في كافة فئات الشعب و في الواقع كانت النضالات الثورية قد تبلورت بمحورية الدين الاسلامي. و التي جعلت الشاه في ذهلول و حيرة. لانه كان عملياً لا يستطيع التصدي لهذا الكفاح لأن الامر كان ينتهي بوقوفه بوجه الدين. كمثال علي ذلك كانت المساجد قد تحولت الي احد مراكز التبادل الفكري الثوري و ترويج هذا الفكر و رسائل الامام. هل يمكن أن تصدقوا بان القوة الدينية و حدها التي كانت تستطيع تحقيق انتصار الثورة؟ و لهذا السبب نطلق علي الثورة اسم الثورة الاسلامية لأن قائدها اسلامي، و شعارها اسلامي و مؤسساتها اسلامية، و تكون اماكن التعبئة الشعبية في المساجد و حتي منعطفات الثورة تكون دينية. كمثال علي ذلك كانت التظاهرات تتبلور في مناسبات الاربعين و عاشوراء الحسين. التظاهرات و المسيرات الحاشده التي اقيمت في تاسوعا و عاشوراء في عام 1979 في البلاد اوجدت منذ ذلك اليوم فكرة خروج الشاه من البلاد. و بعد هذه الاحداث كان الشاه قد قال حينها لقد سمعت صوت ثورتكم. فلو توافقون لندخل موضوع نظريات التضحية و الشهادة. في هذا البحث يمكن طرح نظريات مختلفة. و كما ذكرتم لقد شاركت في بلورة الثورة مجموعات مختلفة كانت لها فرضيات و نظريات و مراجع تعمل في ظلها. انوي ان ادرك ماذا كان فرق بين التضحية و الشهادة الموجودة في الاحزاب و التيارات و ما كان يطرحه الامام من ايثار و شهادة و هذه الثقافة التي روجها في الثورة الاسلامية. و هل كان الشيئ الذي يروجه الامام باعتباره ثقافة التضحية و الشهادة كان يشكل ثقافة التضحية كالتضحية و الفداء الموجودة في المجموعات و الاحزاب ام أنها كانت من جنس آخر؟ و اذا كانت من جنس آخر ما هو جنسها؟ ج: يعود جنس كلمات الامام خميني (ره) الي مصدر و منشأ قرآني. كلمات الامام كانت قرآنية و انا اعتقد بان صحيفة الامام هي تفسير للقرآن بشكل من الاشكال و عندما تنظرون الي عبارات الامام تجدونه يتكلم ببساطة. و يترجم في كلماته ايات القرآن الكريم و يقدم تفسيراً لها. و يقدم بياناته السياسية. و إن موضوع احدي الحسنيين الموجود في القرآن الكريم فيه اساس تضحوي و استشهادي. و جاء في الروايات عندما كان يستشكل المنافقون في المدينة علي الرسول باعتباركم عندما تذهبون للحرب لانتيجة لكم فيها سوي الهزيمة و لو كنا نعلم تقومون بعمل مفيد لكنا نستبق معكم). فكانوا يبررون اعمالهم بشكل من الاشكال: و كان عدم دخولهم في الحرب يعود الي عدم اعتبارهم وجود خير في هذه الحرب او يقولون لو كنا نعلم بالنتيجة الجديدة للحرب لكنـّا نذهب بالتأكيد، و انكم تتوجهون نحو الموت او قد اعطي الله جوابهم باننا لا نبلغ سوي احدي الحسنيين و يعني ذلك اننا إمّا سننتصر في هذه الحرب و اما نستشهد فلو استشهدنا في الحرب سيجعل الله عز و جل لنا الجنة و الحياة الابدية و يكون الوجهان للعملة جيداً و تتبلور بذل جذور التضحية. فمن يؤثر و يضحي لا يخسر أي شيئ. و إن اكبر شيئ لدي الانسان في هذه الدنيا يتمثل في وجوده الذي يقدمه في سبيل رسالته و المحافظة علي ابناء نوعه و لذلك لا يري المضحي لنفسه استقلالاً ذاتياً. و هو يجيب علي هذا السؤال: اصلاً يكون وجودي من أجل أي شيئ؟ فيقول من اجل تحقيق دين الله و الأخذ به قدماً. اذن لو انتصرت في سبيل دين الله تتحقق بذلك احدي الحسنيين، و اذا قتلت في هذا السبيل فهذا السبيل ايضاً يشكل بلوغاً لاحدي الحسنيين و تكون نتيجته اهم من ذلك. يعني اللقاء مع الله. في حين ان باقي التضحيات في مختلف المجموعات لا تحمل مصدراً دينياً بهذا المفهوم. و يكون اقصي حد من التضحية في هذه الدنيا بهذا المفهوم بأن يضحي بنفسه مثلاً تجاه بني نوعه. مثلاً يكون من فدائي الشعب او فدائياً لفئة خاصة من الافراد كالعمال مثلاً. حسناً، بعد التضحية ماذا سيحدث؟ فهل يكون له تخطيطاً او برنامجاً لغد زواله و تضحيته؟ لا. لذلك هناك فرق بين من يضحي بنفسه في سبيل شيئ او في سبيل طبقة او فئة واحدة و يقول بأني اضحي بنفسي من اجل الجمع و لا يحمل اي برنامج لحياته الجديدة و الأبدية التي ستبدأ السبيل الذي تكون فيه الحياة الخالدة و اللقاء بالله بسهولة في المتناول. مع ذلك اذا كانت اهداف الشعب تختلف سيكون المقتل في سبيله مقتلاً لاجدوي فيه و لكن بما ان الاهداف الدينية تكون ثابتة فعندما لا تكون دماء الشهداء دون فائدة نعم فيما يتعلق بمن لا يحمل برنامجاً بعد تضحيته يكون الشيئ هذا تافهاً قطعاً؛ لانه اذا مات سينتهي كل شيئ. و لو افترضنا بان موبة سيؤدي الي وصول البعض الي الرخاء او الي الدولة المطلوبة لكن لا يتصور شيئاً لذلك الفرد. في حين في ثقافة الشهادة الاسلامية و الدينية يدور الحديث حول وصول كل شيئ الي المضحي. و التي تشمل اكبر و افضل النعم الالهية هي اشياء لا يمكن مقارنتها اصلاً بالموت. في حين ان معظم الذين يضحون بانفسهم من هذا المنطلق فهم لا يستطيعون مواصلة نهجهم بل ينقطعون عنه. في تاريخ الثورة الاسلامية اننا نستطيع ملاحظة المناضلين اليساريين في مقارنتهم مع المناضلين الاسلاميين كيف انقطعوا بسرعة عن نهجهم و اعترفوا علي زملائهم في عمليات التعذيب. و الملفت هو ان الكثير من المناضلين المتحمسين اليساريين قد تخلوا عن مبادئهم وسط الطريق و التحققوا بجهاز السافاك. لكن قضية الموت كانت محلوله للمناضلين الاسلاميين. في الكلام يكون الامر سهلاً، فاليساري ايضاً يتمكن الحديث بكل راحة و سهولة و لكن عندما يتعرض للتعذيب و يتم سجنه كثيراً من الاشياء تكون له غامضة. فهل يكون طريقي هذا صحيحاً؟ و اذا ما متّ انا ماذا سيصبح؟ لماذا يجب ان أموت؟ لماذا اموت انا من اجلهم؟ فهذه الاسئلة يمكنها أن تنهك كل فرد غير متدين. و لكن في الرؤية الاسلامية لا يكون الموت من اجل الآخرين بل يكون من اجل الله. لأن الله غير زائل و يصل الفرد بعد موته الي الله عز و جل. فعليه يكون الشوق و الترحيب بهذا الموت مطلوباً و مرحباً به قلبياً و نفسياً. و بهذا النمط من التفكير لم يمض عامان من الثورة و ببدء الحرب تواصلت الاستبسالات و حالات التطوع للشهادة و التضحيات و التي استمرت لمدة ثمانية اعوام و لم يبدي الشعب اي ملل حيال ذلك و في الواقع كان التطوع للشهادة في الحرب استمرار لتلك الافكار التي وضع الامام اساسها علي قاعدة الفكر الاسلامي و طبيعي كان الشعب علي استعداد للتضحية بكل شيئ و ابعدوا تلك الملاحم و البطولات. نعم كان الانموذج لتلك التضحية و التطوع للشهادة سلوك شخص الامام خميني (ره) و انكم لم تلاحظوا اي تزلزل في سلوك الامام اثر التهديدات. و كان الامام قد ذكر: عندما القوا عليه القبض ليتم نفيه من قم كان الجنود و العسكريون الذين جاءوا لانجاز هذه المهمة كانت ترتجف ايديهم و ارجلهم و انا قلت لهم كونوا هادئين. حقاً كان الامام صامداً مثل الجبل و حتي عندما استشهد نجله الكبير الحاج مصطفي لم يبد الامام اي اهتمام بذلك. في حين كان حصول مثل هذا الحادث في حياة الافراد الاعتياديين يترك تأثيراً بالغاً في حياتهم و يحدث خللاً في حياتهم. هذه هي تلك المعنوية التي تعتبر كل شيئ يحدث بيد الله عز و جل. لكن الامام كان يرغب بان يكون السيد مصطفي حياً. فكان يقول سماحته انه امل للمستقبل و لكن عندما تشاء الارادة الالهية بان لا يكون باي سبب و يستشهد، يستخئم سماحة هذا التعبير فيقول من المحتمل ان يكون هذا الشيئ لطف من الله. و في ظروف قصف المدن لم يعمل الامام اي شيئ لنفسه. و قد ذكر احد محافظيه: اننا اردنا ان نقول للامام اذا كنتم لا تتوجهون الي الملجأ فتوجهوا علي اقل تقدير نحو القبو او الي مكان قوي كي لا يلحق بكم الاذي فهذا هو الفرق الموجود بين قائد الثورة الاسلامية و بين القادة الثوريين الآخرين و هو الفرق الموجود لدي الشعب المسلم و المناضل الديني مع غيره من المناضلين.
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع