رمز الخبر: 252671
تأريخ النشر: 08 May 2010 - 00:00
الحوار مع الدكتور اصغر افتخاري عضو في الهيئة العلمية لجامعة امام صادق(ع)

الثورة الاسلامية جذورها في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر

الدكتور اصغر افتخاري هو من مواليد عام 1968 في نيشابور و قد حاز علي شهادة اختصاصه في العلوم السياسية من جامعة الامام الصادق )ع) في عام 2003م و قدم حتي الآن 20 كتاباً ما بين تأليف و ترجمه. نشر الي حد الآن 170 مقالاً. و يكون حقل الاختصاص للدكتور افتخاري في علم الاجتماع السياسي و البحوث الامنية.


اشارة و حالياً هو عضو في الهيئة العلمية و معاون للشؤون البحوثية لجامعة الامام الصادق (ع) كما يتولي السيد افتخاري مهام رئيس تحرير فصلية «دانش سياسي» العلم السياسي و يتعاون مع عدد من النشريات التخصصية كعضو في اللجان التحريرية و منها «فصلية الاستراتيجية الدفاعية و دراسات استراتيجية و رسالة البحوث و غيرها. اجري الحوار التالي السيد عباس محب علي في موضوع نظرية سماحة الامام (ره) بخصوص الثورة الاسلامية و تم نشرها بعد تأييدها نهائياً من جانب الدكتور افتخاري. فيما يتعلق بالثورة الاسلامية توجد نظريات عديدة. بين هذه النظريات تشير بعض الرؤي الي حالات الانفصام المتعددة الموجودة في المجتمع الايراني ابان حكم نظام بهلوي. و يرون حصول تغييرات اساسية في المجالات الاقتصادية و السياسية و الثقافة العامة و النظرية في الجوانب الداخلية و العالمية و قد اتاحت في هذا المجال استراتيجية الامام الخميني الي ظهور الثورة الاسلامية. فعلي اية حال حدثت الثورة الاسلامية باعتبارها حادث مهم و كبير في عام 1979 و كما هو معروف قد عبر الامام الخميني (ره) عن هذه الثورة باسم انفجار النور. أنوي التعرف علي وجهة نظركم بشأن الثورة الايرانية و اطرح هذا السؤال بان الثورة الاسلامية كانت نابعة عن الظروف الزمنية أم أنها كانت نابعة عن فكر الامام خميني؟ ج بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالي: فلا تدع مع الله الهاً آخراً فتكون من المعذبين فانذر عشيرتك الأقربين و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فان عصوك فقل اني بريئ مما تعملون و توكل علي الله العزيز الرحيم. كما نلاحظ في هذه الآيات الشريفة إن الله عز و جل يخاطب رسوله الكريم مستعرضاً المبادئ الاستراتيجية و يحدد بها واجب اتباع الرسول الكريم عبر التاريخ. فالثورة في الداخل تعبر عن مثل هذه المبادئ و من اجل ادراك نظرية الثورة الاسلامية ينبغي الدخول في مثل هذا المعني. فيما يتعلق بنظرية الثورة الاسلامية» ينبغي الدخول من مثل هذه الرؤية. و قد طرحت حتي الآن وجهات نظر مختلفة فيما يخص نظرية الثورة الاسلامية. و يمكن وضع مجموعها في اطار مجموعتين. فالمجموعة الاولي تشمل اولئك الذين يرون اعادة دراسة اسباب الثورة الاسلامية في اطار النظريات المهيمنة غير المحلية و المجموعة الثانية تنوي تقديم النظريات المحلية لهذه الظاهرة الخاصة. سيكون حديثي في اطار المنحي الثاني من الانموذج الهيكلي و انا اعتقد بان الاستناد علي التحولات التاريخية و خاصة علي الاسس المبدئية لنظرية الامام الخميني (ره) ستكون الثورة الاسلامية قابلة للفهم و التحليل بشكل افضل في اطار النظرية «الهيكلية». طبقاً لهذه النظرية يعتمد المجتمع الاسلامي مبدئياً علي ثلاثة اسس اصلية: الاول البناء المركزي للولاية و الذي يتم تعريفه باعتباره العنوان و النظرية «لولاية الفقيه» من جانب الامام (ره) و يحتل الموقع المركزي في الهيكلية السياسية و الاجتماعية للمجتمع الاسلامي. ثانياً البناءات المسماة بالاقتصاد و السياسة و الثقافة و التي يتم تعريفها باعتبارها عمل خاص رسمي للسلطة مع الخدمات المتعلقة بكل بناء. ثالثاً شبكة العلاقات و التي تم تعريفها بشكل تعاملي و تعمل في مستوين. فمن جانب انها تدل علي العلاقات المتبادلة بين البنائات المحيطة مع البناء المركزي. و من جانب آخر تؤكد علي العلاقة المتبادلة للبنائات المحيطة مع البناء المركزي. و من جانب آخر تؤكد علي العلاقة المتبادلة للبنائات المحيطة مع بعضها. في مثل هذه الافاق تتبلور الهيكلية ذات الاوجه الثلاثة و التي تشمل الحقول المادية و المعنوية. فالثورة في الواقع يمكن ان تكون حصيلة لثلاث حركات. 1: الثورة في الحركة الاولي تكون حصيلة لظهور الخلل في البناء المركزي و تسرب ذلك الي البئائات المحيطة. في هذه الوضعية تعرضت النظرية الاساسية للنظام السياسي الي تغيير. و لذلك يتعرض النظام الي تغييرات اساسية. كمثال علي ذلك إن النظرية الملكية و حذف ولاية الفقيه من مجال السلطة السياسية كان قد جعل نظام بهلوي هشاً و كان الوجه الاول للثورة الاسلامية يتمثل في نفي «الملكية» و المحافظة علي سلامة النظام مع العودة الي الاسلام. 2. الثورة في حركتها الثانية تحدث من ناحية الظهور من خلال الاداء في البنائات المحيطة و تسّربها الي البناء المركزي. فاذا كان النظام السياسي يحظي بنظرية جيدة لكنه غير فاعل و لا يتمكن من حل مشاكل المجتمع و انه يتعرض الي ازمة الفاعلية و هذا من شأنه ان يعرض اصل النظام الي مخاطر. و كانت التأكيدات الكثيرة لقائد الثورة المعظم بخصوص ضرورة ارتقاء فاعلية النظام في هذا الجانب مهمة و كان هذا الوجه إبّان الثورة الاسلامية فاعلاً كذلك. و يعني ذلك إن الوضع السياسي و الثقافي الذي استند عليه الامام مرات عديدة اكد عجر نظام بهلوي في ادارة الشؤون فيما يبدو و لذلك كانت مقدرة الثورة لنفي نظام بهلوي قد تضاعفت. 3- الثورة في الحركة الثالثة يمكنها ان تدور حول المشكلة الدينية الموجودة في شبكة العلاقات بين البنائات و يعني ذلك غض النظر عن العلاقة المؤثرة و المتوازنة بين البنائات فاذا كانت البنائات المحيطة تنوي قطع علاقاتها مع البناء المركزي سيؤدي ذلك الي حدوث ظاهرة العلمائية. و اذا كانت البنائات المحيطة تنوي قطع علاقاتها المتبادلة فان هذه الظاهرة السلبية تؤدي الي التنمية اللامتوازنة و غير المستعدة؛ و تؤدي هاتان الحالتان الي فتح المجال امام حدوث الثورة مع وجود احد الشرطين المذكورين. و كان لهذه الحركة الثالثة دوراً ممهداً و مؤثراً في حقبة حكم بهلوي و بات التوجهان فاعلان فجأة اثر الميول الفعالة للحركة الاسلامية بسبب وجود العاملين السابقين. و الخلاصة ينبغي تحليل الثورة الاسلامية في ثلاثة آفاق. فكل واحدة من هذه الابعاد و الآفاق تعكس جانباً من حقيقة الثورة الاسلامية. الافادة من النظريات البسيطة و ذات البعد الواحد طبعاً لا يمكنها ان تكون مجدية. فهل يمكن اعتبار هذه الظاهرة بانها كانت نتيجة وجود الهوة التي كانت تفصل نظام الحكم عن الشعب و القول بان ثورتنا قد تنامت بين الفواصل الموجودة في نظام حكم بهلوي و العمل نحو انكارها؟ الأجابة الاجمالية و الصريحة لهذا السؤال تكون ايجابية. و لكن من اجل اكمالها سيكون ذكر عدد من النقاط شيئاً ضرورياً: اولاً إن موضوع عدم الرضا العام عن النظام له الدور المؤثر في بلورة الثورات. و إن كان دور الصفوة و القيادة باعتبارهما يشكلان الدور الاصلي لبلورة الثورة و هذا واقع لا يمكن انكاره. و لكن علينا أن لا ننسي بان العامل لمجالات «عدم الرضا الشعبي» يستطيع ان يجعل جميع للعوامل الاخري مؤثرة. و لذلك نجد انه في بعض المقاطع بسبب صمت ابناء الشعب و رضاهم حيال الظروف غير المطلوبة السائدة تصبح الثورة عملياً غير فاعلة او غير ناجحة. لذلك كان عدم الرضا العام للشعب في فترة حكم بهلوي له الدور المؤثر. و النقطة الاخري هي ان مقدرة ادارة عدم حالة الرضا و السيطرة عليها شيئاً مهماً. إن بعض الانظمة تحظي بمقدرة خاصة للسيطرة علي حالات عدم الرضا. فهذه المقدرة لها جانبين مادي و برمجي. و تشمل المصادر و المادية و التي تستخدم عادة من جانب الانظمة الاستبدادية و تبدل المحاولات عبر استخدام القوة لفرض الصمت علي الشعب. اما مصادر البرمجات الناعمة تستخدم الاساليب المختلفة من الدفاع لتبريرها و التغطية علي حالات عدم الرضا. و في هذا الخصوص ينبغي الانتباه اولاً بان للمصدرين جوانب في الادارة و التأخير في ظهور الثورة. و بعبارة اخري يكونا اداتين مسكـّنتين اكثر من ان يكونا كحل. ثانياً: يكون اعتبار المصادر المادية اقل من مصادر الناعمة. و الحال يمكن الوصول الي صورة اكثر شمولية من الاجابة. الانفصام الذي تعنيه حدث في حقبة حكم بهلوي و الذي عرض النظام انذاك الي ازمة و قد بذل نظام بهلوي جهوده للافادة من المصدرين للتغطية علي حالات عدم الرضا و لكن عملياً لم يسفر ذلك عن النتيجة المرجوه. و ان الاداة المادية في استخدام القوة في مقابل ارادة الشعب و انموذج التطوع للشهادة لم يتمكن من اعطاء مفعوله و كانت مصادر البرمجة التي شملت «تقديم صورة ايجابية عن الشاه و نظرية الملكية لم تفلح عملياً كذلك» بالنظر الي التيار التنويري للحركة الثورية. و نتيجة لظهور الانفصام و زيادة حالات الاحتجاج و خروج الحركة الثورية عن مقدرة إدارة بهلوي و اخيراً انهيار حكم بهلوي و ارساء الجمهورية الاسلامية. ففي حقبه حكم بهلوي كان حضوراً لمراجع عظام يحظون كذلك بالاعتبار الديني و كانت الحكومة آنذاك تحترمهم و الملفت للنظر كان موضوع الاصلاح الزراعي قد طرح في مرحلة خاصة و كان النظام مع جميع اتصالاته مع بعض الوجوه المعروفة يشعر بالقلق من طرح مواضيع حساسة كالاصلاح الزراعي. و السؤال الذي اطرحه هنا هو ما كان الفرق بين سماحة الامام (ره) و مراجع الدين الآخرين بشأن هذا الموضوع؟ الشخصيات البارزة الدينية يمكن تصنيفهم في اطار نوعين من النماذج من حيث صلتهم بالحركات الثورية. النوع الاول، اولئك الذين كان لهم توجهاً محافظاً و كانوا يعملون نحو تقوية الجوانب الدينية للحياة الاجتماعية و كانوا يرون عدم ضرورة مواجهة الثورة للسلطة الحاكمة؛ بل ينبغي التعامل معها لتكون مؤثرة من هذا الجانب. و النوع الثاني اولئك الرجال الذين كانوا يرون الثورة كآلية لمواجهة النظام في حالة انعدام الأمل باصلاح الامور. فكانوا يؤمنون بهذا التوجه و يقبلوه و كان سماحة الامام (ره) من الزعماء الخاصين لهذا التوجه من المجموعة الثانية.و يعني ذلك انه كان لا يقبل هذه الفكرة من الناحية النظرية فقط بل و كان يحظي بالشجاعة اللازمة لانجاز ذلك. و بعبارة اخري النظرية الثانية يمكن تحليلها في ثلاثة مستويات 1.الايمان بالثورة. 2. امتلاك الثورية. 3- إدارة الثورة. ففي المستوي الاول، يتم انتاج المنظر حيث انجز سماحة الامام (ره) هذه المهمة بتقديمه نظرية ولاية الفقيه. و في المستوي الثاني يتم انتاج (القيادة) حيث تولي سماحته مهام القيادة بما فيها من مصاعب و حساسيات و في المستوي الثالث يتم انتاج السياسة. و قام بتبسيط هذا المستوي الامام عبر طرحه الجمهورية الاسلامية. لذلك لماذا لم يتم تفعيل الثورة في زمن البعض الآخر من المراجع. فانا اعتقد أنه كان يعود ذلك الي عدم وجود احد العناصر الثلاثة المذكورة اعلاه لدي اولئك الرجال. محمدرضا بهلوي دخل فترة الثورة البيضاء في الاجواء المفتحوة السياسة بعد رضا شاه. و في هذا الوقت الذي كان ينوي تنفيذ اللعبة الديمقراطية بشكل اصطناعي... مع وجود الاحتجاجات و عدم الرضا العام من جانب و ضعف النظام السياسي و ايجاد الاختلاف الطبيعي و ظهور شخصية كسماحة الامام من جانب آخر عملت جميعاً في تركيع الشاه. بالرغم من قيام الشاه بتأخير الثورة بالرغم عمليات القمع التي مارسها و اذا كان اي شخص آخر غير سماحة الامام لكان يشعر باليأس و الاحباط. فهل كان يعود ذلك الي الاستراتيجية الحكومية لسماحة الامام (ره) او هموم الكفاح و قضية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي حث علي الصمود. بالاضافة الي وجود امكانية قيام الشاه باغتيال الامام (ره) و اذا كان يحدث مثل هذا الشيئ لكانت الامور تأخذ شكلاً آخراً. و كان سماحة الامام خميني (ره) ينتهج منذ فترة ما قبل الثورة الي فترة تأسيس الحكومة الاسلامية و قيادته لمجري الامور في الجمهورية الاسلامية الايرانية تلك الاستراتيجية التي تمتد جذورها الي سورة الفتح الكريمة الآية 29 القائلة: محمد رسول الله و الذين معه اشداء علي الكفار رحماء بينهم» فعليه كان الامام (ره) قد ارتسم انفصاماً كلياً علي الصعيد العالمي، لذلك في كل مرحلة تاريخية نظراً لما كان يحصل اتفاق في الرأي بشأن القضايا المبدئية فالامام (ره) كان لا يمنع من قبول تعاون و تآرز من جانب المجموعات الاخري. يلاحظ بان مساعي الامام (ره) الاولية كانت تدور حول ردم الهوة الموجودة بين الفقراء و الاغنياء و العمل نحو تحقيق المزيد من التقريب بين الافراد و المجموعات الثورية و ازالة الهوة القيمية من خلال إتساع مساحة التربية الاسلامية و اخيراً تقديم نمط جذاب من ولاية الفقيه و ضمن الافادة من اسس الفقه الجواهري لتلبية الحاجات الحالية. و علي الصعيد العالمي كذلك كان الامام (ره) ينشد تقوية الاسس الاقتصادية في البلاد و العمل نحو ايجاد مكانة مناسبة في المعاملات العالمية. و من الناحية السياسية باستثناء عدد من الدول الخاصة اعتبر سماحته التعامل المتعارف مع الدول الاخري شيئاً جائزاً و ضرورياً و خاصة كان يؤكد سماحته علي و خاصة علي ضرورة إلغاء الفوارق المصطنعة بين الدول الاسلامية. كما يلاحظ هذا الوضع في الحقل النظري حيث انه لم يوسع قط الخلاف بين الشيعة و غيرهم باي وجه من الوجوه. و لكن في حقل الثقافة كان الفرق بين المؤيدين و غيرهم له من الاهمية الخاصة له و هو مقتضي زمن تأسيس المجتمع الاسلامي الجديد و التعريف بهذا المجتمع. ومع ذلك كانت الفئه او الطبقة غير مطروحة لسماحته. فالامام (ره) عندما يصل الي رجال الدين و غيرهم يقول إن بحثكم لا يكون في الحكومة و يعني ذلك انه لا يقدم كلاماً و قراراً مع رجال الدين في الحكومة. و كان الموضوع الاصلي للامام تلك الوتيرة الفاسدة التي كانت قد ظهرت في كافة اركان الحكومة و كانت تعمل نحو ابادة مجمل الحياة السياسية في المجتمع. و كانت الحكومة كالمريض الذي يتعرض قلبه الي بعض الاختلال و تنتقل هذه الاختلافات شيئاً فشيئاً الي باقي اعضائه و جوارحه. و لو كان الفساد ينحصر في مستوي الاعضاء و الجوارح لما كان الوضع يؤدي الي حدوث ثورة. فالامام كان قد طرح في البداية موضوع اصلاح الحكومة و كان يوصي محمدرضا بهلوي باصلاح نفسه و اصلاح سلوكه. لكن نظام بهلوي كان لا يتصور ان يتمكن رجل دين ان ينكره. و حتي جاء الشاه و قال في زمن: أنا سمعت رسالة الثورة الاسلامية و اكون علي استعداد لاحترام الدستور، لكن الامام قال: لم يعد الوقت مناسباً لانجاز مثل هذه الامور. لماذا لأن الفساد كان قد نفذ من المركز الي الخارج فكان إجراء اصلاح في عضو من الاعضاء و الجوارح لا ينفع هذه البلاد و خلاصة الكلام انه في الرؤية الاسلامية كانت الرؤية الاسلامية للامام (ره) لا تحظي الطبقة و الافراد بالموضوعية فما كان مهماً هو اصلاح النظام. فهل يمكن اعتبار الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر للامام الخميني (ره) مستوحي من انموذج ابي عبدالله الحسين (ع). فأني أنوي الوصول الي هذه القضية و هي هل لم تكن انتفاضة الامام الحسين انموذجاً لشيعتنا، و لو لا طرح هذا الانموذج هل كان الشعب بمقدوره التصدي لرصاص النظام الملكي الشاهنشاهي؟ و منذ الوقت الذي قام فيه الامام الحسين (ع) بهذه المهمة و حتي يومنا هذا لم تحدث اية حركة و اية انتفاضة تحررية الّا و كانت متأثرة بهذه الحركة. فالامام الحسين (ع) لا ينحصر بالشيعة وحدهم بل و ان جميع دعاة الحرية في كافة ارجاء العالم كافة النماذج الاخري تكون ضمن المجموعة التي ارساها الامام الحسين (ع) في كربلاء فالامام كان تابعاً له و الذي اتاح انتاج مصداق هذه الانتفاضة و يعممها علي العصر الراهن. و كان ما انجزه الامام الحسين عظيماً الي تلك الدرجة التي اذا كان المجتمع البشري باسره يضع قدراته ليتقدم اكثر من تلك الحدود التي اجتازها الحسين (ع) لا يقدر علي ذلك. فهذه بشري بشر بها الامام الحسين (ع) مجمل تاريخ البشرية. فما طرحه الامام الحسين هو بامكانكم بتضحيتكم ان تقيموا العدل. اشكركم علي توضحياتكم. فلو سمحتم الحديث عن الوتيرة النظرية للثورة بعد عام 1979. بعد انتصار الثورة الاسلامية الرائعة و صف العالم هذه الثورة باعتبارها ظاهرة القرن العشرين و نحن نعلم بان المجتمع الدولي اتخذ بعد الثورة مواقفاً مختلفة حيال ايران فنرجوا الحديث شيئا حول نظرية الامام بشأن التعامل مع المجتمعات الدولية و قد حدثت الحرب بفترة وجيزة بعد الثورة و يأخذ تعاملنا مع المجتمع العالمي وتيرة خاصة. الثورة الاسلامية هي ضمن الظواهر السياسية المهمة في القرن العشرين و انها تركت دون شك تأثيراً كبيراً علي الوضع علي الصعيد الدولي لذلك يمكن تفكيك وجود مجموعتين علي الصعيد الدولي في المواقف التي اتخذوها حيال الثورة الاسلامية. المجموعة الاولي كانت تعتبر من الموافقين للثورة الاسلامية و بقيت الي جانب الجمهورية الاسلامية. و المجموعة الثانية كانت من خلال عدم الاهتمام بالثورة او معارضتها نظرياً و عملياً وقفت بوجه الثورة الاسلامية الايرانية و تشكل هذه المجموعة الاكثرية. ان ما تمت تجربته في العقد الاول للثورة كان يشير الي وقوف طيف واسع من الدول الاسلامية و غير الاسلامية من دول العالم الثالث و دول العالم الاول الشرقية منها و الاوروبية بوجه ايران. حيث يمكن ملاحظة تجلي ذلك بشكل جيد في فترة الحرب المفروضة و حتي في فترة اعادة البناء. ففي هذه الحقبة ظهر عدد من الدول كاعداء اصليين للثورة «كامريكا و اسرائيل» و عدد من الدول الاخري اعتبرت ايران بانها تشكل خطراً علي الحياة الدولية. (كبريطانيا و فرنسا و معظم الدول الاوروبية) و عدداً من الدول اعتبرت ايران باعتبارها مقدمة تفسيراً جديداً عن الاسلام و معرضة بذلك العالم الاسلامي الي صدمة (كالعربية السعودية و الامارات المتحدة و الكويت و تنوي التصدي لايران و تشكل صفاً او جبهة موحدة ضد الجمهورية الاسلامية. فالحظر الاقتصادي و السياسي و الاقتصادي علي ايران ابّان الحرب المفروضة و تهديد الامن الوطني و ارسال الاسلحة للمجموعات المناهضة للثورة و دعمها لها و الاجراءات الارهابية و الحملات الثقافية كانت جميعها ناجمة عن وجود الهوة السياسية بين ايران و اعدائها علي الصعيد الدولي و قد اظهرت نفسها بشكل جاد في فترة الحرب المفروضة. و بالرغم من مساهمة انتهاء الحرب في تخفيف الاثار الناجمة عن هذه الهوة لكننا مازلنا نشهد اليوم اعادة اانتاج ذلك باشكال مختلفة كما و تقوم الحكومة الايرانية ببذل جهودها نحو ادارة هذه الازمة. فيما يتعلق بالسياسات العالمية، كان الامام ينشد استراتيجية السلام و الوحدة و لكن فيما يتعلق بدول كاسرائيل و امريكا و جنوب افريقيا في فترة حكم الفصل العنصري كانت هذه الدول مستثناء. و كان الامام قد قالها بصراحة: اننا ننشد السلام... ننوي ان تكون لنا علاقة سلمية مع كافة دول العالم. و فيما يتعلق بالدول الاسلامية كان يحصل المزيد من التأكيد و يطرح مبدأ الوحدة حيالها: إن برنامجنا هو الاسلام، و وحدة كلمة المسلمين و اقتدار البلدان الاسلامية و الاخاء مع جميع المسلمين في كافة مناطق العالم... تكون رسالتي الي كافة اخواننا العرب و المسلمين هي تعالوا لوضع كافة خلافاتنا جانباً و تعاضدوا تعاضد الاخوة مع بعضكم و اجعلوا الاسلام و الوحده معتمداً لكم في خطاكم و تضامنكم الي جانب اخوانكم المسلمين من غير العرب. و علي هذا النمط علي صعيد السياسية الخارجية بذل الامام جهوده للتأكيد علي مبدأ التوجه السلمي و الاخاء و ازالة الخلافات الموجودة و احلال الوحدة العامة بين المسلمين مكان ذلك. و بذلك يتم تعميم سياسة اللاشرقية و اللاغربية التي طرحها الاماام و يصبح في بعض الحقب التاريخية حديث اليوم في البلاد؟ لقد كان سماحة الامام و بناء علي مقتضيات حركته الثورية يعتمد كثيراً علي طرح قضية الاصدقاء و غير الاصدقاء و اختار ذلك كاستراتييجية ليتمكن من تثبيت شأن ايران و منزلتها. لذلك اننا نشهد تأكيد الامام (ره) علي هذه النقطة و هي ضرورة تقبل العالم لوجود سياسة جديدة. و لا يخفي علي اي واحد من ابناء الشعب الايراني و المسؤولين بان دوام و قوام الجمهورية الاسلامية الايرانية يكونا قائمين علي انتهاج السياسة اللاشرقية و اللاغربية و سيؤدي العدول عن هذه السياسة الي زوال العزة و الاعتبار استقلال ايران و الشعب الايراني البطل. فالامام يعلن بصراحة قائلاً لو اراد العالم الوقوف بوجه ديننا فاننا سنقف ايضاً بوجههم يكون واجباً ففي هذه النظرية يعتبر الامام (ره) اهل السنة إخوة و يدعو الدول ذات التوجه السني الي الوحدة مع ايران. و في عبارة واحدة كان يعتبر الجميع ضمن جسم واحد فالآن علي سلاطين الاسلام و علي رؤساء الجمهوريات في الاسلام يكون واجباً لوضع خلافاتهم الجزئية و الموسمية التي تحدث تارة بينهم جانباً و ليس الامر يتعلق بالعرب و العجم و لا الترك و الفرس». كانت نظرة الامام (ره) في الحقل السياسي واسعة جداً حيث استطاع استقطاب طيف متنوع من القوي حول مبدأ اسقاط نظام بهلوي و تأسيس حكومة اسلامية. و عند التأسيس يؤكد سماحته علي ضرورة احترام الأطر الاصلية و علي جمهورية النظام و الوقوف بوجه اولئك الذين يدعون الي تأسيس «الحكومة الاسلامية» او «حكومة الجمهورية» و قال: حكومة الجمهورية الاسلامية لا كلمة أقل و لا كلمة اكثر. اذن يمكن اعتبار نظرية الامام للثورة بانها قائمة علي ايجاد الوحدة الداخلية و الوقوف بوجه الظلم و القول بان موضوع الامام لايجاد المزيد من التحول كان قائماً علي الجواذب الموجودة في كل مجموعة اكثر من الدوافع الموجودة فيها و التي تستوعب نمط افكارها و كل دور لها. و كان الظرف الاستيعابي الامام للثورة ظرفاً كبيراً يمكن العثور فيه علي كل طيف. نعم كان الامام يؤكد كثيراً علي الوحدة الشاملة الداخلية و كان ينوي العمل نحو فض المشاكل الداخلية اكثثر من التعريف باستراتيجيته حيال الدول الغربية. ففي اوائل الثورة كانت رؤية الامام قائمة علي مبدأ الوحدة و استقطاب القوي ان تسير مع التيار العام للثورة. فالامام (ره) كان يري بأن تقسيم الافراد الي اصدقاء و اعداء يؤدي ذلك الي ايجاد خلافات عميقة في المجتمع. و طبقاً لنظرية سماحته لقد كان الاعداء اولئك الذين ينوون الاطاحة بالثورة الاسلامية. و الملفت للنظر كان الامام يؤكد في الموضوع الاقتصادي علي إزالة التمييز و الاهتمام بالمحرومين ليزيل بذلك الهوة الموجودة بين الفقراء و الاغنياء في المجتمع الاسلامي. و قد لم يوجد أي موضوع يحظي بمثل هذا الاهتمام لسماحة الامام (ره) و نحن نقرأ كراراً هذه العبارات من الامام: يكون من واجب الدولة الاهتمام بالطبقات المحرومة و النظر في احوالهم اكثر من الجميع كما ينبغي علي المسؤولين ان يعيشوا بابسط وضع ممكن كي لا تضغط هذه الهوة القاتلة علي المحرومين اكثره من هذا. نشكركم علي لطفكم للاجابة علي اسئلتنا.
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع