رمز الخبر: 211166
تأريخ النشر: 01 June 2009 - 00:00

حول فكرة الإمام الخميني: خطوط وملاحظات

الأصول الفكرية التي حكمت هذه الثورة المنتصرة وتجلت في واقعها السياسي والإجتماعي والثقافي القائم اليوم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي: 1ـ دعا الإمام الخميني الي الجمع بين مهام الفقيه ومهام السياسي, ورأي في الفصل بينهما تعطيلا لأهم ركن من أركان الإسلام ينتهي الي تحويل الإسلام الي كنهوتية مسيحية. ذلك ان الاسلام جعل السياسة من صلب قواعد عبادته(الحج, صلاة الجمعة, صلاة العيدين), والمساجد فيه ليست دورا للعبادة فحسب, وإنما هي برلمانات وثكنات وخزائن لبيت المال, ومدارس وجامعات ومجالس قضاء ومنتديات. فالإمام يعدُّ اذن(من هذا المنطلق) أول من تكلم عن إنشاء حكومة إسلامية في هذا العصر بتشريعها وجهازها التنفيذي.

الأصول الفكرية التي حكمت هذه الثورة المنتصرة وتجلت في واقعها السياسي والإجتماعي والثقافي القائم اليوم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي: 1ـ دعا الإمام الخميني الي الجمع بين مهام الفقيه ومهام السياسي, ورأي في الفصل بينهما تعطيلا لأهم ركن من أركان الإسلام ينتهي الي تحويل الإسلام الي كنهوتية مسيحية. ذلك ان الاسلام جعل السياسة من صلب قواعد عبادته(الحج, صلاة الجمعة, صلاة العيدين), والمساجد فيه ليست دورا للعبادة فحسب, وإنما هي برلمانات وثكنات وخزائن لبيت المال, ومدارس وجامعات ومجالس قضاء ومنتديات. فالإمام يعدُّ اذن(من هذا المنطلق) أول من تكلم عن إنشاء حكومة إسلامية في هذا العصر بتشريعها وجهازها التنفيذي. 2ـ تبرز في فكر الإمام الخميني(القيادي ـ التنفيذي) جملة قواعد: • وحدة القيادة أساس في كسب النصر. • عُدة النصر= بناء النفس+ التنظيم + اعداد العدة. • الأخذ بوسائل العصر في التنظيم والانضباط وإعداد العدة. • إعادة النظر في التقنية وشروطها لتخليصها من السلبية في مفهومها الشائع. • توثيق صلة العلماء بالشعب(السوق والشارع). فالأمة هي الأصل في قوة العلماء ومراجع الدين الذين لم يتخذوا من الدين تجارة ولم يتطفلوا علي الدين وجعلوا من الإسلام أمانة مقدسة في أعناقهم يجب حفظها والدفاع عنها. 3ـ بهذه المثابة يكون الإمام الخميني صاحب مدرسة فكرية مكتملة نشأ رجالها في الحوزات العلمية فربطوا العلم بالعمل, ورجعوا الي الأصالة في مواجهة حركة التغريب الفكري والحضاري دون ان يقطعوا صلتهم بالعصر وحاجاته, وتسلحوا بفكر ثوري غير مهادن يقف علي الجبهتين الداخلية والخارجية ويستمد من تراثه الأصيل والإيمان به دوافع الثقة والقوة والشموخ, اذ لا شيء يستحيل تحقيقه مع الإيمان الصحيح القوي. وما حققته ثورته كان يبدو قبل فوزها اضغاث احلام (تقويض سلطة الشاه بأجهزتها كلها وبارتباطاتها الخارجية). 4 ـ وهكذا قدمت المدرسة الفكرية الي المسلمين والي العالم مشروعا حضاريا ملائما لروح العصر ومتصلا في الوقت نفسه بأصوله الإلهية فهو في مبناه ومعناه لغة جديدة تواجه ثقافة العصر العالمية التي قطعت صلاتها بالغيب وربطتها بالمحسوس وحده, ويمكن ان نعدها امتدادا أصيلا وحيا لحركة الإحياء القائمة علي أصولها العميقة من وحدة التراث الإسلامي والنازعة الي ربط مصلحتها بمصلحة الإنسانية كلها علي أساس انها مكلفة بحمل رسالة يمكن ان تعين علي إنقاذ المدينة المعاصرة من الدمار(قلب مفهوم السياسة وغاياتها المنقولة عن كتاب(الامير) لميكيافيلي في الحضارة الغربية, الي الرحمة ورد الظلم والمساواة بين الناس والانتصار للحق في المفهوم الإسلامي). وهي رسالة ينبغي ان تتجند قوي الأمة كلها؛ الروحية والمادية والعلمية لإبلاغها والنضال في سبيلها. وعلي هذا النحو نفهم مؤدي الكتاب الذي كتبه الإمام الخميني الي غورباتشوف فهما سليما, ونفهم البعد العالمي لثورته التي ربطت فكرة تحرير المسلمين بتحرير المستضعفين في الأرض ووصلت قضايا المسلمين بقضايا التحرر العالمية. 5ـ يحمّل الإمام الخميني علماء الأمة تبعات كبيرة, فقد ألحّ علي نظافة مسلكهم وبعدهم عن إغراءات أصحاب السلطان واستعلائهم علي الدنيا وزهدهم في زينتها وحطامها. فالدنيا ـ كما يقول ـ ليست شيئا ذا بال, والعالم المتقي يصلح مجتمعا بأسره, واذا فسد العالِم فسد العالَم. ولهذا كان يري ان يدرَّس علم الأخلاق في الحوزات العلمية, اذ لا قيمة للعلم الا مع العمل واستقامة السلوك, فإن(العمامة) و(اللحية) قد تحولان بين الإنسان واصلاح نفسه في أحيان كثيرة, اذ تزيدان من التكبر والغرور وتسوغان طرق الضلال وتفرعاتها بالسعي الي الجاه الكاذب والشهرة الفارغة. ومن هنا ضيّق الإمام علي العلماء مجال التوبة وأباحها للعامة الذين"يعملون السوء بجهالة", أما العلماء فلا تقبل توبتهم. وهو يدعو العلماء من ناحية أخري الي التضامن والوفاق, فقوتهم في وقوفهم صفاً واحدا في مواجهة معسكر البغي. والمهم في هذا كله ان يحوّلوا ولاء الناس الكاذب للسلطة, الي ولاء روحي عميق للرسالة التي يجسدونها في أعين الناس, وبهذا يعيدون للجهاد معناه الحقيقي وللشهادة قيمتها الكبري. 6ـ لا شك ان الإمام الخميني قوّي عزائم الناس في مواجهة الأنظمة السياسية الظالمة في العالم الاسلامي وعمل علي تقويض نزعة الاستسلام التقليدية لأولي الأمر أيا كانوا. وهي النزعة التي شاع أمرها في حياة المسلمين بحكم بعدهم عن حقائق الحياة السياسية الديمقراطية السليمة, حتي قوي إحساسهم بفقد حريتهم الداخلية جراء ولائهم الكاذب للسلطة, وفقدوا صلتهم الروحية بها وشجاعتهم في مواجهتها ونمت فيهم ظواهر الخنوع برذائلها كلها. وقد اعتمد الإمام في هذا تراث آل البيت وتقاليد أئمتهم في مقاومة الظلم والظالمين والانتصار للمظلومين والمستضعفين حتي اصبحت مفردات الإستكبار والمستكبرين التي أطلقها من شعارات الثورة. 7ـ ولكن الإمام رمي من وراء تطهير الساحة الداخلية, الي ان يهيّء لنقل خط الصراع في حياة المسلمين من الداخل في مواجهة القوي التي تذلهم. ومن المحزن جدا ان تكون مأساة الحرب العراقية الإيرانية, نكسة خطيرة في وجه هذا الجهد, اذ كانت حركته تدعو الي ان يكون الولاء الروحي والسياسي والإجتماعي عند الفرد المسلم ـ مهما يكن مذهبه ـ للإسلام وحده بثوابته التي ينبغي ان تحدد وتنفرد بالولاء. ولهذا دعا الي مؤتمرات تعقد لزعماء المذاهب الإسلامية في أقطارها المختلفة, ليتعاونوا علي فرز الثوابت وجمع القلوب عليها, ولينفوا عن أنفسهم ما علق بها بعد هذا التاريخ الطويل من الشكوك والظنون والتعادي في الطريق الي حسن الفهم المتبادل وبناء الثقة المتبادلة. 8 ـ وهكذا خرج الإمام بثورته الإسلامية علي التقليد القائم بانكفاء كل قطر إسلامي علي همومه فهو يهتم بكل حركة إسلامية علي امتداد ديار الإسلام, وخرج بها أيضا علي تقاليد الصراع السني ـ الشيعي علي مدار التاريخ الإسلامي منذ يوم كربلاء وما قبله, فردّ بثورته علي سلبيات التاريخ الإسلامي كله, وعلي الواقع الإسلامي القائم(المذهبية, العرقية, الاقليمية، التقاطع السياسي في الداخل) وعاد الي التمسك بالخط الإسلامي الصافي الذي لمع نجمه مع ظهور الإسلام في وجه القوي الخارجية: الثقافية والسياسية والعسكرية, متجاهلا انشغال كل قطر إسلامي بنفسه, لبعد المسافات واختلاف المشكلات التي تتعرض لها المجتمعات المختلفة, ولاختلاف ألوان الثقافات بحكم اختلاف الظروف, فأعاد علي نحو ما, طرح قضية المجتمع الإسلامي الواحد او المتحد من حيث يظن الناس انها قضية قديمة عفا عليها الزمن, وطرح من ورائها قضية الوحدة الإسلامية علي صورة من الصور. ومن هذا المفهوم الجامع دعا الي تخصيص أيام إسلامية يجتمع المسلمون في أقطارهم جميعا علي الاحتفال بها(آخر جمعة في رمضان: يوم القدس, واسبوع ولادة الرسول من 12ـ 17 ربيع الأول) ايقاظا لشعورهم بانتمائهم الواحد بدل انتماءاتهم المختلفة. 9ـ ولكن صلته بالعلم الحديث وحاجاته وحاجات الفرد المسلم منه كانت لا تغيب عنه, وكان يدرك إدراكا قويا بحاجة الفرد المسلم الي ان يدرب علي الحياة فيه, ويتضح له موقف الإسلام من قضاياه الكبري السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية حتي يملك قدرة التحرر من التبعية للآخرين كما يملك القدرة علي التحرر من أدوائه في داخل الساحة الإسلامية وهي الأدواء التي يجمعها التخلف بجوانبه المختلفة. 10ـ وجوه التخلف الذي تعصف أدواؤه بالعالم الإسلامي يمكن اجمالها في: الأمية والفقر, واستشعار الدونية لضعف الانتساب الي العصر, وطغيان الفردية والمحسوبيات, وانحلال الرباط الإجتماعي, وفراغ المذاهب والفرقة بينها, واغلاق باب الإجتهاد, والالتفات عن بناء نظام اقتصادي إسلامي معاصر, وسوء توزيع الثروة الإسلامية, واختلال التوازن بينها وبين عدد السكان(الانفجارات السكانية), وهكذا يجمع التخلف حقول الحياة بمجموعها؛ الإقتصادي والعلمي والفكري العام(الثقافي) والإجتماعي والسياسي. 11ـ وقد واجهت مدرسة الإمام الفكرية هذا الواقع الإسلامي السيء بالدعوة الي إصلاح البيت الإسلامي, وإصلاح أساليب التربية, وبتكوين هيئة من رجال المذاهب الإسلامية للبحث في فرز نقاط الافتراق والإجتماع وبث الوعي في النفوس ومواجهة قضايا العصر الكبري مثل: التوفيق بين القومية والدين ومواجهة الرجعية بمعناها الحقيقي ومعالجة قضية المرأة والقضايا الإجتماعية الاخري وتحكّم الطائفية في المجتمع الإسلامي وتحكّم الاقليمية والعنصرية. 12ـ ووقفت هذه المدرسة وقفة طويلة أمام القضية التي تواجه العالم الإسلامي منذ ظهور الإسلام, وهي عداء الغرب علي اطلاقه لنا, علي حين لم يقف موقف العداء من أديان أخري مثل البوذية والهندوسية, ولم يثر حولها مثل الضجة التي أثارها من حولنا. والطريف ان الإمام رمي هنا الي ان يعيد المسيحية أيضا وجهها الحقيقي بعيدا عن إرادة الاذلال التي تسلح بها معتنقوها في الميدان السياسي والعسكري, فكأنه في مواجهة الغرب في عدائه للإسلام سعي الي ان يعيد الي الدين في ذاته وجهه الحقيقي القائم علي وحدة المصدر ووحدة القيم ووحدة المصير الإنساني كما أراد الله لهذه الاديان السماوية ان تكون. لقد بلغت عداوة الغرب للإسلام ان عملوا علي تفكيك العالم الإسلامي, وظنوا ان الدعوة الي وحدته قضي عليها التأثر بالفكر الغربي وحضارته الحديثة وما جاءت به من ثقافات وتجارب إجتماعية وسياسية. فهم ظنوا انهم دفنوا الإسلام بصفته فكرا يعمل علي تكوين المجتمعات الإسلامية الحديثة وسياسات دولها, وعملوا علي إثارة النزعات"التاريخية" كالنزعة الشعوبية التي أشار اليها رئيس الجمهورية الفرنسية في بعض حديثه عن دافع فرنسا الي تسليح العراق! فقد جاء الإمام الخميني يبعث أفكار الوحدة الإسلامية ومن البلد الذي يظن انه هو الذي صدرت عنه النزعة الشعوبية في القديم والحديث. الدكتور عبد الكريم الاشتر من سوريا http://www.old.tebyan.net/index.aspx?pid=42153
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع