رمز الخبر: 206239
تأريخ النشر: 11 May 2009 - 00:00
حوار مع مصور الدفاع المقدس السيد سعيد صادقي

الثورة ازالت الرؤية الارستقراطية للفن التصويري

لقد كانت مساحة الثورة واسعة جداً إلي درجة ذابت فيها كافة الكامرات في قلب الثورة! لكن الجوانب المختلفة للثورة و الكامرات كذلك كانت مختلفة. فكانت كامرات تعمل و تصور للقضاء علي الثورة و كامرات كانت متعشقة و متهلفة للثورة.


ذكر مراسل نويد شاهد ان السيد صادقي هو من مواليد عام 1953 في مدينة تبريز و هو مصور بدأ التصوير منذ فترة الثورة الاسلامية في عام 1978 و عمل مصوراً و مراسلاً في صحيفة جمهوري اسلامي و في عام 1979 و تزامناً مع نشوب الحرب المفروضة عمل لفترة في الحقل السينمائي كمساعد للتصوير و مدير للتصوير في انتاج الافلام السينمائية و المسلسلات التلفزيونية. و من جملة الافلام التي انتجت و تولي فيها موقع المدير للتصوير كانت افلام: «نهاية الطفولة» و «موت سياوش» و «آخر يوم من الصيف». و أقام بعد الحرب معرضاً بعنون المنتصف الخفي للحرب مع مصور عراقي. و من نشاطاته الفنية الاخري يمكن أن نشير الي تصويره لفلم بلغراد الوثائقي و اخراجه و تصويره لسبعة اقسام من مسلسل فلم الحرب الوثائقي بعنوان سبعة جروح من الدفاع المقدس. و أقام السيد صادقي حتي الآن العشرات من معارض الرسم الخاصة كما شارك في العديد من المعارض الجماعية و منها معارض «الحرب» و «الاطفال» و «ايران اليوم» و «نساء ايران». و في عام 1988 فاز بشهادة ذهبية مزينة بكلمة للإمام الخميني من رئيس الجمهورية آنذاك. و كان عضواً في مجلس وضع السياسات و الامين العلمي لمعرض الرسم للعالم الاسلامي الذي يقام كل عامين مرة واحدة من جانب آكاديمية الفن كما ينشط كمقيـّم و المعيـّن للدرجة الفنية للفنانين الراغبين في الدراسة في فرع الرسم لوزارة الارشاد. و حصل السيد سعيد صادقي في عام 1385 علي وسام الشجاعة و في عام 2007 حصل علي وسام من الدرجة الاولي للفن من جانب مجلس الثورة الثقافية. و فيمايلي اسماء الكتب المطبوعة للسيد صادقي: - كتاب : الدفاع العاشق و الحياة ثانية «دفاع عاشقانه و زندكي دوباره» -كتاب : «إنا فتحنا» في ثلاثة مجلدات -كتاب ربيع حلبجه (بهار حلبجه) في مجلداين -كتاب مجموعة صور الحرب و رواية الفتح (مجموعه عكسها جنك و روايت فتح) -كتاب البراعم المتكسرة (شكوفه هاي شكسته) -كتاب ثقافة الجبهة (فرهنك جبهة) و فيمايلي المقابلة التي اجريناها معه: س: نرجو جنابكم أن تتحدثوا لنا شيئاً عن التصوير في فترة الثورة كما نرغب أن نعلم مدي تأثير الثورة في الفن التصويري؟ ج: لقد كانت مساحة الثورة واسعة جداً إلي درجة ذابت فيها كافة الكامرات في قلب الثورة! لكن الجوانب المختلفة للثورة و الكامرات كذلك كانت مختلفة. فكانت كامرات تعمل و تصور للقضاء علي الثورة و كامرات كانت متعشقة و متهلفة للثورة. لذلك يبدو لي كانت نظرتان في كامرات الثورة احداهما كانت تقف بوجه الثورة و تبحث عن القضايا السلبية في الوقت الذي لم هناك شيئ سلبي و النظرة الثانية كانت النظر المتعشقة للثورة التي كانت تبحث عما هو جميل. و كان الفن التصويري لما قبل الثورة يبحث عن الوجوه و الاتجاه الذي كانت تطغي فيه الرؤية الارستقراطية و ليس للمحتوي دور فيه. و لكن في الثورة الاسلامية كانت الابعاد الانسانية اكثر اتساعاً و قد اوجدت المحتوي. و قد لاتدركون لكن الجوانب الانسانية في زمن الطاغوت كانت ضعيفة جداً. و كان الناس يعيشون ظروفاً صعبة جداً. و لذلك كان الشعب متلهف لوجود العلاقات الانسانية و الدينية لأن الدين كان موجوداً في ذات جميع الناس. و كان فرعاً كبيراً من الثورة الاسلامية يتمثل في فن التصوير فعندما كانت تلتقط صورة من احداث الثورة كانت هذه الصورة توزع في كافة ارجاء ايران و يعي بذلك الناس حيال جرائم الطاغوت و الحركات الشعبية الموجودة في مختلف المدن الايرانية. الاتصالات التصويرية كانت اسرع جهاز الاعلامي لأن التلفزيون و الصحافة كانت تواجه قيوداً و خاضعة للسيطرة و الرقابة. س: اي شيئ اوجد الصور المدهشة في فترة الثورة؟ الكامرة هي وسيلة و من يضغط علي الزر هو انسان و الصورة تحظي بقابلية البقاء. فالمصور و ما كان يحمله من احساس كان في غاية الاهمية و كان الاندهاش و تأثير الصور اكثر من تأثير الكلمات بكثير. لأن الاحداث كانت مهمة لكافة الشعب في كافة المناطق. س: ما هي الصور من فترة الثورة التي تحظي بقابلية البقاء؟ ج: الصور التي كانت ملتقطه بالقلب و الشوق اصبحت خالدة بعد الثورة و بالنظر إلي التحولات الاجتماعية السريعة و انقطاع العلاقات الودية التي كانت قائمة بين ابناء الشعب إبان الثورة، و يتم اختفاء الصور الخالدة. و يعني ذلك باتت الاجواء حالياً غير مناسبة لعرض الاعمال التصويرية. اننا مازلنا لم ندرك الابعاد المختلفة للثورة و مازلنا لم نصل إلي معرفة الثورة. بات اليوم التلاحم الوطني و الديني و الاهداف الجماعية مقطوعة و قلت الاشياء الخالدة و حتي الالفاظ باتت فيها تبعث علي الاشمئزاز. س: يري الكثير من المصورين بأن التحول الذي اوجده الامام خميني (ره) لايمكن انكاره. فانا انوي ان اسألكم كيف ينبغي علينا أن نحافظ علي هذه المكاسب؟ حالات التضحية و الفداء لها دوراً بارزاً علي الصور و اننا نستطيع من خلال الاخلاص تركيب أطر صورنا و العمل نحو تنمية العلاقات الشعبية في المجتمع و تلعب السيادة دورها و أن نثمن جهود الذين صوروا في سبيل الثورة بكل اخلاص و تودّد. و من خلال التآزر و التعاضد الموجود بين الشعب و الحكومة تستطيع الصورة أن توجد تحولاً عظيماً في العالم. ففي فترة الثورة كانت الاهداف و التطلعات واحدة و اليوم كذلك ينبغي بذل جهودنا لتكون اهدافنا و تطلعاتنا موحدة. س: ننوي توجيه الاسئلة نحو الدفاع المقدس، فما كان الوضع الذي يعيشه الفن التصويري في فترة الدفاع المقدس؟ ج: لقد نثرت بذور فن التصوير في فترة الثورة و اثمرت و اعطت نتائجها في الدفاع المقدس. ففي فترة ما بعد الثورة اوجدت المجوعات السياسية و لعب الفن التصويري دوراً بارزاً ، اذ يمكن القول بانه لولا وجود المصورين العشاق للثورة لكانت المجموعات السياسية تسيطر بسرعة علي سدّة الحكم. فاذا ما تصفحنا اوراق تاريخ التصوير نجد في اوائل الثورة عدداً قليلاً ممن صوروا. و عندما تم تثبيت القوة الشعبية و الوطنية في النظام دخل عدد اكبر من المصورين الساحة. و اذا ما قارناً الصور مع بعضها نلاحظ الفرق الموجود بين الصور الملتقطة بالمنطق العقلي للمصورين و صور الذين صوروا من صميم قلوبهم. س: احدي المشاكل الرئيسية التي يعاني منها مصورو الدفاع المقدس هي عدم وجود ارشيف كامل لصورهم. فالكثير من المصورين صوروا لمختلف المؤسسات و قدموا افلام تصاويرهم الي تلك المؤسسات و قد اتلفت هذه الافلام بمضي الزمن. لماذا لم تقبل اية مؤسسة مهمة جمع صور فترة الدفاع المقدس؟ ج: إن تنظيم صور الحرب يواجه مشاكل كثيرة. لأن المسؤولين مازالوا لم يؤمنوا بفن التصوير. و لايعرف سبب نشاط المعارضين لفن تصوير الحرب لكن الشيئ الواضح هو لايمكن حذف اسم مصوري الحرب من المجال التصويري و تاريخ الحرب العراقية الايرانية. س: كيف تقومون انتم مصورو الدفاع المقدس؟ الافراد الذين صوروا في زمن الحرب يمكن تقسيمهم إلي ثلاثة اصناف: فالمجموعة الاولي كانت مؤلفة من المصورين الذين كانوا يوفدون إلي جبهات الحرب من منطلق المهام الرسمية المناطة بهم و كمراسلين. و المجموعة الثانية كانت تشمل المصورين الحرفيين و المحترفين الذين صوروا بكل رغبة شخصية مشاهد الحرب. و الفريق الثالث لم يكونوا في مهام رسمية و لا مراسلين و لايعملون باخلاص بل كانوا يصورون طبقاً للتوصيات. فالصور التي ستخلد في أذهان الجيل المقبل و ستخلد هي الاعمال التصويرية للمجموعة الثانية لأن كل صورة في موضوع الحرب لايمكن أن تكون صورة في الدفاع المقدس. صور الدفاع المقدس المطلوبة تستدعي وجود النوايا الحسنة و الاخلاص و النظافة المطلوبة و فيما يتعلق بسؤالكم السابق يجب أن اقول بانه مالم يتم تصنيف صور الحرب من جانب مؤسسة او منظمة معنية بالأمر فان صورنا سوف لاتحظي بالقناعة من جانب الشعب و سوف لاتكون مؤثرة في تاريخ الحرب الايرانية العراقية. دون اجراء دراسة دقيقة للأعمال التصويرية المتبقية يبقي الفرق بين المصورين الذين صوروا بكل رغبة و اخلاص و بزاوية الرؤية الموصاة التي تسمح لهم بالدخول إلي محل العمليات بعد انتهاء الحرب تختلف مع تلك المجموعة التي عاشت بين المقاتلين و التي التقطت صورها و سوف لاتتضح للأجيال القادمة و كانت مشاعر هذه المجموعات الثلاثة مختلفة و لم تتشابه قط. س: ما هي الخصائص التي تحملها الصورة الخالدة؟ ج: الصور الملتقطة لدمار الحرب و الصور التذكارية الملتقطة للأبواب و الجدران تشكل عملاً سهلاً و لاتعتبر هذه الصور صور حربية لانها لايصدق بها الناس. فيبغي علي المصور أن يعكس قصده و في تصوير الصورة و لايسمح لأي شخص بتفسيرها. ايران لم تحارب دفاعاً عن حدودها بل انها وقفت بوجه الحرب. اذن الصورة الناجحة هي تلك الصورة التي تعكس فن الصمود. س: لقد كنت انت ضمن اول المصورين الذين حضروا في خرمشهر و شاهد سقوطها ماذا حدث في ذلك اليوم و ما كنت تعمل وسط القصف و وابل رصاص العدو؟ ج: في اليوم الذي بدأت فيه الحرب وصل نبأ يتحدث عن قصف المطار. توجهت بكل سرعة الي مطار مهرآباد و سمحوا لنا بالدخول إلي المطار.و ذهبت إلي حي اكباتان السكني لانهم كانوا قد قصفوا ذلك الحي، لكن القنابل لم تنفجر و أنا صورت القنابل التي لم تنفجر. في ذلك اليوم قررت التوجه إلي المناطق الحدودية التي شهدت بداية الحرب و لكن لم تتوفر لي وسيلة للذهاب. فالقصف و الاوضاع المتدهورة كانت قد اجتاحت البلاد باسرها. و كانت المصادر الاقتصادية و حركة الشحن و النقل قد تعطلت. ففي تلك الظروف لم تكن الاشياء في محلها، فكان الشيئ الوحيد الذي كان باقياً في محله و يحظي بالسكينة هو الامام (ره). فعندما وصلنا الي خرمشهر كانت العوائل مازالت موجودة في آبادان قمنا بجولة هادئة في المدينة و قد وصلنا إلي المسجد الجامع عند وقت الظهر ففي ذلك الوقت لم يثق احد بالكامرة. فهمنا بوجود مجموعتين في المدينة. كانت هناك مجموعة تتعاون مع العدو و مجموعة اخري كانت من الشباب الذين يدافعون عن المدينة. ركبنا سيارة مع مجموعة من الشباب فتوجهنا بها إلي المناطق القريبة من الحدود. الافراد الذين كانوا قادرين غادروا المدينة و لكن الكثير لم يغادر المدينة اذ انهم كانوا غير قادرين اقتصادياً علي الذهاب ففي اواسط شهر مهر/ 7 اكتوبر ازدادت حدة اطلاق النار علي المدينة. كنا لانعلم ابداً مايقومون به لكننا بعدها فهنما بأن المدينة كانت محاصرة. و كانوا قد سيطروا علي دارخوين و الدبابات هاجمت المدينة من شمالها و كانت الظروف صعبة جداً. القيمة التي كانت سائدة في تلك الأيام و لعل الامر يعتبراً عيباً كبيراً لدي الكثير في الظروف الاعتيادية حيث كنا مع أهالي المدينة كالاخوان و كنا نتساعد مع بعضنا في تلك الظروف الصعبة و الخاصة. و دون أن يعرف احدنا الآخر كانت مشاعرنا موحدة و متوائمة و الامر هذا كان سبب مقاومتنا. كانت الاجواء مرعبة إلي تلك الدرجة التي نسيت التصوير فيها. كنا نقوم بكافة الاعمال و ندافع عن المدينة و نقدم المساعدات. في تلك الايام زار المدينة حجة الاسلام هادي غفاري و آية الله خلخالي و عدد آخر من المسؤولين. اتذكر جاء الشباب بعدد من الاسري و ترك الناس بيتوهم و غادروا المدينة. و كانت امول أهالي خرمشهر متروكة و حتي البنوك لم يتم تفريغها و كانت امام اهالي ابادان فرصة اكبر لنقل وسائلهم من المدينة. قوات المشاة العراقية كانت تتحرك في المدينة و كانوا يخرجون كل من يروه من منزلة و يعدموه. و كانوا لا يمنحون الفرصة فكانوا يقتلون الرجال رمياً بالرصاص و يأخذون النساء. و الذعر قد سيطر علي المدينة و كانوا يحرقون الشيوخ و العجائز و هم احياء كانت الكامرة معي و كنت اطلق النار من خشيتي لكني لم استطع من التقاط الصور. كانت المقاومة في خرمشهر مقاومة خاصة و كانت عظمة المقاومة اكثر من عظمة النصر. و الخلاصة كانت المدينة قد سقطت و كنت لا اعرف تاريخ هذا السقوط و لكن سقطت المدينة و غادرنا ها. أنا شاهدت بعيني الابطال في خرمشهر و ليس بطلاً واحداً. س: ماذا حلّ بوضع فن التصوير بعد فترة الحرب ج: الفن التصويري في يومنا هذا بات يحظي بطابع تزييني و كمالي اذا ما نتجول علي مستوي المدينة سنشاهد الكثير من الرسوم لكنها لاتترك ذلك التأثير. فالافراد الذين يستفيدون من هذه المعارض معظمهم دارسون في الفرع الاقتصادي. و قد ابتعد الفن التصويري عن حالة الوحدة الوطنية و الحركة الوطنية و الدينية و بات منفصلاً عنها. كان الفن التصويري ابلغ اداة اعلامية إبان فترتي الثورة و الدفاع المقدس ليكون في خدمة التاريخ. س: في الوقت الراهن ما هي المشاكل الموجودة في مجال التصوير للتعبير عن مفهوم التضحية و الشهاد؟ ج: احدي مشاكلنا هي اننا ننوي فقط مشاهدة الصور الجميلة و اذ كنا نبلور فخرنا الوطني و الديني في تركيب الصور و نظهر رؤانا و وعينا لكنا اليوم في مكانة افضل. إن للصورة تأثير اكبر من تأثير السينما و المسرح و الموسيقي لأن الصورة تبقي في الذهن و لاتزول بسرعة. الفن التصويري لايعني الكامرة فالفن. التصويري يكمن في ذهنية المصور. و في وعي المصور. و من أجل زيادة هذا الوعي ينبغي توفّر المطالعة و التجربة و الافادة من خبرات الاخرين إلي جانب المطالعة لقد امحت الثورة الرؤية الارستقراطية عن الفن التصويري لكن ما يؤسف له هو عندما نشاهد الصحف في يومنا هذا نلاحظ الظهور المجدد للإرستقراطية و نلمسها.
رایکم
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* التعلیق:
جدید‬ الموقع